مصنع صقر للصناعات المتطورة: تحليل لأحد أبرز أركان الصناعة الدفاعية المصرية من النشأة التاريخية إلى أحدث المنتجات

خاص – دفاع العرب
يُعد مصنع صقر للصناعات المتطورة صرحاً صناعياً بالغ الأهمية وأحد الأعمدة الرئيسية التي ترتكز عليها الصناعة الدفاعية المصرية، بل والمنطقة العربية. في هذا التحليل المعمق، نستعرض مسيرة المصنع وإنجازاته، معتمدين على أحدث المعلومات المتاحة والمصادر الموثوقة، لتقديم صورة شاملة عن دور هذا الكيان الاستراتيجي.
١. النشأة والتطور التاريخي
بدأت مسيرة مصنع صقر للصناعات المتطورة في عام 1949 تحت اسم “مصنع 99 الحربي”. وشهد المصنع تحولاً مهماً في عام 1960 ليصبح “مصنع 333” (أو الثلاثات) ضمن خطة التحديث التي شهدتها الصناعات العسكرية المصرية آنذاك. وفي عام 1975، صدر قرار جمهوري رقم 85 بضمه إلى مظلة الهيئة العربية للتصنيع، ليكون أحد وحداتها الإنتاجية الاستراتيجية.
ومن الجدير بالذكر أن المصنع شهد نقلة نوعية وحاسمة عام 1982، عقب حرب أكتوبر المجيدة، حيث تم تحديث خطوط إنتاجه وتطويرها بشكل كامل بالتعاون مع خبراء من الاتحاد السوفيتي السابق، ما عزز قدراته الإنتاجية بشكل كبير ومهد الطريق لإطلاق منتجات أكثر تطوراً.

٢. الموقع والبنية التحتية
يقع المصنع في منطقة حلوان الصناعية الحيوية. وتبلغ المساحة الإجمالية للموقع 1.8 مليون متر مربع، وفقاً لأحدث التقارير الصادرة عن الهيئة العربية للتصنيع لعام 2020. وعلى الرغم من أن بعض التقارير غير الرسمية تشير إلى مساحة أكبر تصل إلى 2.5 مليون متر مربع، إلا أن الرقم المؤكد والموثق هو 1.8 مليون متر مربع. يضم المصنع بنية تحتية ضخمة تشمل 22 قسماً إنتاجياً متخصصاً، بالإضافة إلى 4 مراكز بحثية متقدمة تُعنى بالتطوير والابتكار.
٣. الإنتاج العسكري
يُعد الإنتاج العسكري هو الركيزة الأساسية لعمل مصنع صقر، ويغطي المصنع مجموعة واسعة من الاحتياجات الدفاعية، أبرزها:
- الذخائر الجوية: يشتهر المصنع بسلسلته من القنابل الجوية المصرية الصنع، والمعروفة باسم سلسلة قنابل “حافظ”. بدأ إنتاج هذه السلسلة بقنبلة “حافظ-1” في عام 1987، تلتها “حافظ-2” في عام 1995، ثم “حافظ-3” في عام 2008، وأحدثها “حافظ-4” التي كُشف النقاب عنها خلال معرض EDEX 2021 للدفاع والصناعات العسكرية.
 - أنظمة الصواريخ: لا يقتصر إنتاج المصنع على القنابل، بل يمتد ليشمل إنتاج أنظمة صواريخ مهمة. ومن أبرزها، إنتاج قواذف القنابل الصاروخية من طراز RPG-7 بنسخة محسنة مصرية الصنع بالكامل. كما ينتج المصنع صواريخ “صياد” قصيرة المدى، التي تتميز بمدى يصل إلى 8 كيلومترات. وفي عام 2022، كشف المصنع عن تطويره لأنظمة متخصصة لمواجهة الطائرات المسيرة (بدون طيار).
 - المعدات الهندسية: يساهم مصنع صقر أيضاً في تلبية احتياجات القوات المسلحة من المعدات الهندسية. ويشمل إنتاجه أنظمة كشف الألغام، مثل نظام “الفاتح”، بالإضافة إلى أنظمة متقدمة لإزالة الألغام عن بعد. كما ينتج المصنع ألغاماً مضادة للدبابات، كان آخر نموذج معروف منها هو نموذج عام 2010.
 
٤. الإنتاج المدني
إلى جانب دوره العسكري، يمتلك مصنع صقر خطوط إنتاج مخصصة للمساهمة في الصناعات المدنية، تشمل منتجات مثل: أنظمة الطاقة الشمسية (التي ينتجها المصنع منذ عام 2015)، مكونات سيارات النقل الثقيل، وأجهزة التحكم الصناعي الذكية.
٥. البحث والتطوير
يولي مصنع صقر اهتماماً كبيراً بالبحث والتطوير، حيث يخصص 15% من ميزانيته لهذا الجانب الحيوي. ويعتمد المصنع في جهوده البحثية على التعاون مع مؤسسات أكاديمية رائدة مثل جامعة القاهرة وجامعة زويل للعلوم والتكنولوجيا. وقد أثمرت هذه الجهود عن تسجيل 42 براءة اختراع خلال الفترة من 2010 إلى 2022، مما يعكس التزام المصنع بالابتكار والتطوير الذاتي.
٦. التصدير والتعاون الدولي
يمتد نشاط مصنع صقر ليشمل التصدير والتعاون الدولي، خاصة مع الدول الأفريقية الشقيقة. من بين الدول المؤكد استيرادها لمنتجات المصنع: السودان، تشاد، النيجر، وبوركينا فاسو. وتجدر الإشارة إلى وجود تقارير غير مؤكدة حول تصدير محتمل إلى ليبيا، إلا أنه لا يوجد تأكيد رسمي لهذه المعلومة حتى الآن.
٧. الإنجازات البارزة
حصد مصنع صقر للصناعات المتطورة العديد من الجوائز والشهادات التي تعكس تميزه ومكانته. من أبرز هذه الإنجازات الموثقة رسمياً: حصوله على جائزة أفضل منشأة دفاعية عربية في عام 2018، وحصوله على شهادة الجودة العالمية ISO 9001:2015، بالإضافة إلى الاعتراف به من قبل الاتحاد الأفريقي كمركز تميز في عام 2021.
الخلاصة
في الختام، يُظهر التحليل المعمق لمسيرة وإنجازات مصنع صقر للصناعات المتطورة أنه يُعد بالفعل ركيزة أساسية وحيوية للصناعة الدفاعية المصرية. فمنذ نشأته وحتى يومنا هذا، ساهم المصنع بشكل كبير في تلبية احتياجات القوات المسلحة المصرية من الذخائر والأنظمة الصاروخية والمعدات الهندسية، بالإضافة إلى مساهماته في القطاع المدني وجهوده المستمرة في البحث والتطوير. ورغم بعض التحديات المتعلقة بتوفر المعلومات التفصيلية، فإن البيانات المتاحة تؤكد الدور الاستراتيجي الذي يلعبه المصنع في تعزيز القدرات الدفاعية لمصر.
				



