
العقيد الركن م. ظافر مراد
تعتبر الرادارات عنصرًا أساسيًا في الأنظمة القتالية الحديثة، رغم عدم تلقيها الاهتمام الكافي في الإعلام العسكري والتسويق لصناعات الدفاع. يمكن للخبراء فقط أن يقدروا الأهمية الحقيقية للرادارات وقدراتها. لقد أثبتت الرادارات على مر السنين أنها تحدد الفارق في المعارك الحديثة، خاصة في مجالات الجو والفضاء. الاستخدام الأول للرادار من قبل البريطانيين خلال الحرب العالمية الثانية كان نقطة تحول أساسية ساهمت في انتصار الحلفاء. ومنذ ذلك الحين، لم تفقد الرادارات مكانتها كأداة حاسمة في رصد الأخطار، سواء كانت ثابتة أو متحركة، في ميادين القتال.
استمرت الأبحاث في تطوير تقنيات الرادار منذ تلك الفترة، ولم تقتصر فقط على البريطانيين، بل تغطي أيضًا جهود الألمان، الفرنسيين، الأمريكيين والروس. ورغم ذلك، كانت البدايات الفعلية في الاستخدام الفعال لهذه التقنية لصالح العمليات العسكرية من نصيب البريطانيين.
عند الحديث عن القدرات القتالية للمنظومات الحديثة مثل الطائرات من الجيل الخامس، الغواصات، والسفن، لا بد من استعراض قدرات الرادارات المتكاملة. فطائرة مثل F 35 أو SU 57 تحتاج إلى رادار متطور للكشف عن التهديدات من مسافات بعيدة. هذا يمنحها ميزة المبادأة، مما يمكن الطاقم من اتخاذ قرار الاشتباك أو الانسحاب بناءً على الظروف المتاحة. إن الرادار هو بمثابة العين التي ترى كل شيء في ميدان المعركة، وبإضافة الذكاء الاصطناعي، يمكن للمنظومات الرادارية تحليل الوضع الساخن، وتحديد الأولويات في استهداف التهديدات، وكذلك اتخاذ القرارات بدقة وسرعة فائقتين.
تتعدد العوامل التي تحدد كفاءة الرادار وفعاليته، مثل مدى تغطيته، أدنى حجم للهدف يمكن رصده، دقة التعرف على الهدف، عدد الأهداف التي يمكن متابعتها، وأخيرًا مقاومته للتشويش والحرب الإلكترونية. في الفقرات التالية، سنستعرض أحدث تقنيات الرادارات الموجودة في الطائرات الحديثة وأرفعها فعالية.
- AN/APG-81 AESA يُعتبر هذا النظام الراداري، الذي يعمل بتقنية (Active Electronically Scanned Array)، رائدًا في مجال الطيران العسكري الحديث. يقدم مزايا عديدة بفضل قدرته على توجيه شعاع الرادار إلكترونيًا بسرعة عالية دون الحاجة إلى حركة ميكانيكية، مما يُمكّن الطائرات المقاتلة وغيرها من المنصات العسكرية من استهداف عدد كبير من الأهداف من مسافات بعيدة وبوعي ظرفي متميز. يُستخدم هذا الرادار متعدد المهام في طائرات F35 Lightning II، وهو يعد الأفضل على مستوى العالم، بإنتاج شركة Northrop Grumman.
- AN/APG 77 AESA يعمل نظام الرادار هذا أيضًا بتقنية (Active Electronically Scanned Array) ويستخدم في طائرات F 22 Raptor، حيث يتمتع بمدى يُناهز 500 كلم، مما يجعله مثاليًا لمهام الطائرة وله أيضًا جهات تصنيع من Northrop Grumman.
- The RBE2-AA يُستخدم هذا الرادار بتقنية AESA في مقاتلة Rafale، حيث يوفر لها ميزات رائعة في مجالات الرصد، التتبع، والاستهداف، بالإضافة إلى قدرات الحرب الإلكترونية، وهو منتج فرنسي من شركة Thales.
- N036 Byelka هو رادار روسي الصنع، تم تطويره من قبل شركة Tikhomirov، ويعمل بتقنية الصفيف الإلكتروني الضوئي النشط AESA. يتميز بقدرته على رصد الأهداف من على بعد 400 كيلومتر، وهو جزء أساسي من المقاتلة الشبحية الروسية SU 57، ويعزز القدرات المتعددة المهام للطائرة.
- NRIET Type 1475 (KLJ-5) تم تصنيع هذا الرادار في الصين ويستخدم في المقاتلة الشبحية J-20. يعمل بتقنية AESA، ويعدّ متقدماً بما يتناسب مع الجيل الخامس من المقاتلات. تشير المعلومات إلى وجود دعم روسي في تطوير هذا النظام بالتعاون مع معهد نانجينج للبحوث التكنولوجية.
تُظهر الأبحاث والتطورات الحالية في مجال أنظمة الرادار الخاصة بطائرات الجيلين الخامس والسادس، أهمية دمج تقنيات جديدة مثل الذكاء الاصطناعي، ونشر المستشعرات، واستخدام مواد متقدمة لخداع الرادار، مما يُشير إلى بداية سباق تكنولوجي حاد بين الدول والشركات المصنعة. تتطور أيضًا نظم الرادار الأرضية والبحرية والجوية في هذا الإطار، مع ظهور قدرات متطورة قد تجعل التقنيات الشبحية أقل فائدة، قادرة على كشف الأجسام الصغيرة بدقة عالية وتحديد مواقعها ومساراتها بشكل فعال.





