حسين خلف موسىمقالات رأي

“يوم الحساب يثير القلق في العالم ويبعث الأمل في الصين”

صراعات عالمية وتأثيراتها على الاقتصاد

حسين موسى

الغواصة النووية الروسية “بيلغورود”

يمر العالم اليوم بتوترات متعددة وأحداث مؤلمة، حيث عانت جميع الدول من آثار جائحة كورونا وما أعقبها من تداعيات اقتصادية. تعاني معظم الدول حتى الآن من عواقب هذا الإغلاق، ومع محاولات التعافي، تراوحت التوترات العالمية بين الأزمات والأعمال العسكرية المباشرة وغير المباشرة بين القوى الكبرى.

1- الحرب الروسية الأوكرانية

لا يمكننا الحديث عن الصراع بين روسيا وأوكرانيا بمعزل عن التوجهات الاستراتيجية لحلف شمال الأطلسي (الناتو) والاتحاد الأوروبي في تلك المنطقة. تُعتبر العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا تجسيدًا لصراع موسكو مع الأطلسي، وليس فقط صراعًا مع أوكرانيا. تشمل الملفات الأساسية للصراع انضمام أوكرانيا إلى الناتو ورغبتها في الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، بالإضافة إلى طموحها في تطوير برنامج نووي خاص بها. التحديات الأخرى تشمل الأحداث في إقليم الدونباس واستعادة روسيا لشبه جزيرة القرم.

هدفت هذه الملفات، منذ عام 2014، إلى تشكيل سياسة أوكرانية تتضمن تغييرات اقتصادية، سياسية، وعسكرية ودينية. الرغبة الأوكرانية في امتلاك سلاح نووي زادت من تعقيد الأمور، خاصةً بعد إعلان الرئيس زيلينسكي نيته تصنيع الأسلحة النووية. يبقى امتلاك أوكرانيا للأسلحة النووية أمرًا يعتبره الكثيرون مجرد مسألة وقت، لا سيما مع الدعم الغربي.

التداعيات الجيوسياسية

أدى الغزو الروسي لأوكرانيا إلى فرض حظر على المنتجات الروسية، مما ساهم في زيادة أسعار النفط لتتجاوز 100 دولار للبرميل. تسببت هذه الارتفاعات في أسعار النفط في وقوع بلدان الشرق الأوسط في تحديات اقتصادية. اضطرت الدول المنتجة للنفط، مثل السعودية، إلى إجراء إصلاحات اقتصادية ضرورية لتحسين قدرتها على مواجهة التحديات المستقبلية. يبقى السؤال المطروح هو ما إذا كانت تلك الاحتياطيات المالية الجديدة ستؤدي إلى التراجع عن الإصلاحات الاقتصادية في سبيل تحقيق مكاسب سياسية قصيرة الأجل، أم ستدرك هذه الدول أهمية الإصلاح الاقتصادي بغض النظر عن أسعار النفط.

ستكون التأثيرات الناتجة عن هذه التطورات كبيرة على الدول المستوردة للنفط، مما يستدعي منها إعادة النظر في استراتيجياتها الاقتصادية لضمان الاستدامة في هذه الظروف المتغيرة.

تشير أسعار النفط المرتفعة إلى زيادة المخاطر المحيطة بالدول التي تعاني بالفعل من ظروف اقتصادية صعبة. في السابق، كان بالإمكان التخفيف من حدة هذه التحديات من خلال الحصول على قروض من الدول المنتجة للنفط. لكن مع التحولات في التحالفات السياسية، لم يعد من الواضح ما إذا كانت هذه القروض ستستأنف، مما يعرض بعض البلدان المستوردة للنفط، مثل الأردن، لخطر اقتصادي متزايد.

إدانة الغزو الروسي كانت واضحة في الموقف الرسمي لمعظم الدول العربية في الأمم المتحدة، إلا أن ردود الفعل العامة كانت متباينة. تساءل البعض، بصفة مبررة، لماذا لم تكن هناك ردود فعل دولية متشابهة بالشدة تجاه الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية أو الغزو الأمريكي للعراق. بعض التعليقات الغربية، مثل وصف اللاجئين الأوكرانيين بأنهم “يشبهوننا”، أثارت انتقادات مشروعة ضد الغرب بممارسة العنصرية. هذه الردود في الشرق الأوسط مفهومة، لكنها تتجاهل الانتقائية في إدانة استخدام القوة لاحتلال دول أخرى، حيث يمكن لإسرائيل استغلال هذا التفاوت لتبرير احتلالها للأراضي العربية، كما يتجاهل رد الفعل كذلك معاناة الأوكرانيين تحت وطأة الحرب والاحتلال.

2 – توتر صيني تايواني

في سبتمبر الماضي، أشار وزير الخارجية الصيني، وانج يي، أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة إلى أن أي محاولة لعرقلة إعادة توحيد الصين سيتم سحقها بواسطة عجلة التاريخ. وبيّن أن بكين ستواصل مجهوداتها للتصدي لأي أنشطة انفصالية في تايوان. وأكد أن مبدأ الصين الواحدة أصبح قاعدة أساسية في العلاقات الدولية، مشددًا على أن بلاده ستتخذ “خطوات حازمة” لمنع أي تدخل خارجي.

في السياق ذاته، صرح المتحدث باسم السفارة الصينية لدى واشنطن، ليو بينجيو، أن خطط الولايات المتحدة الأمريكية لبيع أسلحة وخدمات بقيمة 1.1 مليار دولار لتايوان تشكل تهديدات جدية للعلاقات الثنائية بين بكين وواشنطن.

كما أن الصين قد خيّرت تايوان بين التوحيد والحل العسكري بعد إجراء أكبر مناوراتها العسكرية حول الجزيرة. وأعلنت وزارة الدفاع التايوانية عن رصد العشرات من الطائرات والسفن الصينية في المنطقة.

أخيرًا، قررت الصين وقف تصدير الغاز توجهًا إلى السوق المحلي، مما أدى إلى زيادة حادة في أسعار الطاقة، خصوصًا في دول أوروبا، بعد فقد الغاز الروسي، مما يزيد من حالة الاحتقان الدولية.

3 – توترات في منطقة الشرق الأوسط

أ: إيران

اندلعت احتجاجات في إيران عقب وفاة الفتاة مهسا أميني، التي قُبض عليها لعدم تقيدها بقواعد اللباس المعمول بها. وأكد الباحث هنري رومي أن المظاهرات ستستمر، مشيرًا إلى أن قدرتها على التنظيم والتنسيق هي العامل الفاصل في تعزيز دعمها وتحدي النظام القائم.

ب: المملكة العربية السعودية ودول الخليج

تسود منطقة الخليج حالة من التوتر نتيجة الضغط الأمريكي لرفع إنتاج الطاقة لتعويض النقص الناجم عن الانسحاب الروسي من السوق الأوروبية، وهو ما ترفضه السعودية، مما يعتبره البعض تعاطفًا ضمنيًا مع الموقف الروسي.

ظهور يوم القيامة:

في سياق التوترات المتزايدة بين روسيا وأوكرانيا، وتزايد الدعم الأمريكي والأوروبي لأوكرانيا ضمن تغييرات التكتيك إلى الهجوم، برزت غواصة “يوم القيامة”. مع التهديدات الروسية المستمرة بشأن استخدام السلاح النووي، يرتبط هذا بمظلة عقيدتها النووية، مما يجعل العالم في حالة تأهب مستمرة.

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ربما قد نشر غواصة نووية ضخمة تحمل أسلحة مدمرة، والتي يمكنها إحداث تسونامي نووي وإغراق المدن الساحلية.

غواصة بيلغورود النووية، والمعروفة أيضًا باسم «غواصة يوم القيامة»، اختفت من قاعدتها الرئيسية في القطب الشمالي. وهذا يشير إلى احتمال توجهها إلى بحر كارا لاختبار القنبلة النووية التي تحملها، المعروفة باسم «بوسيدون». وفقًا لمعلومات مسربة من الحلف، أصدر الناتو تحذيرات إلى أعضائه بشأن الغواصة المفقودة، مؤكدًا أنها لا تزال تعمل في القطب الشمالي، كما أفادت صحيفة «ديلي ميل» البريطانية.

قدرات غواصة بيلغورود النووية:

تتمتع غواصة بيلغورود بقوة نارية هائلة قادرة على محو مناطق ساحلية بأكملها. بالإضافة إلى ذلك، تستطيع توليد موجات تسونامي إشعاعية ضخمة، مما يجعل المدن الساحلية غير صالحة للحياة. والتي تحمل 6 طوربيدات نووية من نوع بوسيدون، حيث يبلغ حجم كل واحد منها حجم حافلة مدرسية.

منذ يوليو الماضي، والغواصة تعمل بشكل دوري، ويمكنها البقاء تحت الماء لمدة تصل إلى 120 يومًا دون الحاجة للصعود إلى السطح. تحمل «بوسيدون»، وهي سلاح يعمل كمركبة مسيرة عن بعد، قادرة على الغوص لمسافات تصل إلى 9650 كلم. وتستخدم المركبة لتفجير رأس حربي نووي مثبت في مقدمتها بقوة تبلغ 2 ميغاطن، وهو ما يعادل أكثر من 130 ضعف القنبلة التي ألقيت على هيروشيما. هذا يمكن أن يؤدي إلى تسونامي مشع يصل ارتفاعه إلى 487 مترًا، مصمم لإغراق المدن الساحلية.

إعادة ترتيب الأوراق دوليًا:

يعتبر ظهور هذه الغواصة في وقت يتزامن مع المناورات التي يجريها حلف الناتو إشارة واضحة للرادع. تُشير روسيا إلى أن أي تهديد من الخلف أو زيادة الدعم لأوكرانيا قد يؤدي إلى عواقب. وعلى الرغم من أن الناتو أكد أنه لا يرصد تغييرات في استعدادات روسيا النووية، إلا أنه سيكون يقظًا. وقد علق الأمين العام لحلف الناتو، ينس ستولتنبرج، قائلاً إن استخدام الأسلحة النووية في النزاع الأوكراني سيغير بشكل جذري طبيعة الصراع.
كما وصف ستولتنبرج التهديدات المتعلقة باستخدام هذا النوع من الأسلحة بأنها “خطيرة ومتهورة”. وأضاف: “لقد أبلغنا الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أن أي استخدام للأسلحة النووية سيكون له عواقب على روسيا وسيغير بالتأكيد طبيعة الصراع في أوكرانيا.”

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى