
على مدار السنوات الأخيرة، شهدت مصر تطورًا ملحوظًا في مجال الصناعات العسكرية، حيث تعتبر المدرعتان ST-100 وST-500 من أبرز ثمار التعاون بين وزارة الإنتاج الحربي والشركة المصرية IMUT. ظهور هاتين المركبتين في المعارض الدفاعية، سواء على الصعيد الإقليمي أو الدولي مثل معرض مصر الدولي للطيران والفضاء، لم يكن مجرد عرض تقني، بل كان بمثابة بيان واضح يبرهن على رغبة القاهرة في تحقيق الاستقلالية في قطاع التصنيع العسكري، مما يضعها بين الدول الرائدة في مجال إنتاج المركبات القتالية الحديثة.
تجسد المدرعتان ST-100 وST-500 الطموح المصري في الانتقال من مرحلة الاستيراد والتجميع إلى مرحلة الابتكار، مع التركيز على تقديم حلول تعتمد على التصميم المحلي والقدرة على التكيف مع متطلبات الحروب الحديثة. هذه النقلة تعكس رؤية استراتيجية تهدف إلى تحقيق الاكتفاء الذاتي كخطوة أولى، تليها اتجاه نحو التنافسية العالمية.
ST-100 .. منصة قتالية متعددة الاستخدامات
أثبتت المدرعة ST-100 أنها ليست مجرد ناقلة جنود تقليدية، بل منصة قتالية متعددة المهام، حيث يمكن تكييفها لأداء ما يزيد عن عشرة مهام مختلفة، تشمل ناقلة جنود، إسعاف ميداني، واستطلاع، إضافة إلى كونها مركبة قيادة وتحكم وراجمة صواريخ.
تم تصميم المدرعة بشكل يحافظ على سلامة المستخدمين، حيث اعتمد هيكلها على شكل حرف V لمواجهة الألغام والعبوات الناسفة، بالإضافة إلى عزل مقصورة الطاقم عن هيكل المركبة لتحمل الانفجارات، مما يزيد من فرص بقاء الجنود على قيد الحياة.
علاوة على ذلك، زودت ST-100 بمحطة سلاح تعمل عن بُعد، تستطيع توظيف رشاشات متعددة العيارات أو قاذفات قنابل وصواريخ، مما يعزز من قدراتها القتالية. كما تم تضمينها أنظمة حماية نشطة، تتضمن التشويش الإلكتروني على العبوات الناسفة، وأجهزة استشعار متطورة لرصد مصادر النيران، ونظام دفاع يعتمد على التشويش الحراري والبصري وكواتم الدخان.
المواصفات الفنية
- الوزن: من 14.5 إلى 18 طن
- الطاقم: يصل إلى 8 أفراد
- السرعة القصوى: 115 كم/س
- المحرك: محرك ديزل Cummins أمريكي بقوة 400 حصان
- الحماية: Stanag 4 ضد ذخائر حتى عيار 14.5 مم
— Mahmoud Gamal (@mahmouedgamal44) September 4, 2025
ST-500 .. السرعة وخفة الحركة لقوات العمليات الخاصة
بينما تركز ST-100 على القدرات الثقيلة، تقدم ST-500 بديلاً خفيفًا ومرنًا، مثالي للمهام التكتيكية السريعة، وخاصة في العمليات الخاصة والإسعاف الميداني.
تستوعب المدرعة طاقمًا يتكون من ثلاثة أفراد وخمسة جنود، أو يمكن تعديلها لتكون نسخة طبية تستوعب نقالتين. إضافةً إلى ذلك، يمكن تجهيزها بأسلحة متنوعة تشمل الرشاشات وقاذفات القنابل والصواريخ المضادة للدبابات، وكذلك قد تحمل الهاون.
المواصفات الفنية
- الوزن: من 8 إلى 10.5 طن
- الطاقم: يصل إلى 8 أفراد
- السرعة القصوى: 140 كم/س
- المدى العملياتي: 700 كم
- المحرك: ديزل Cummins QSB 6.7 بقوة 300 حصان
- الحماية: BR6/BR7 ضد ذخائر 7.62 مم
خطوة نوعية في الصناعات الدفاعية المصرية
تشكل المدرعتان ST-100 وST-500 علامة فارقة في مجال الصناعات الدفاعية المصرية، حيث تجمع بين القدرات القتالية والتصميم العصري والتقنيات الحديثة في مجالات الحماية، مما يدعمهما كمنافسين رئيسيين في سوق المركبات المدرعة. تعدد المهام في ST-100 يجعلها مثالية للمعارك غير التقليدية وحروب المدن، بينما تمنح ST-500 قدرة كبيرة على الحركة السريعة.
التكامل بين الحركتين السريعة والدعم للقوات الخاصة
إن الجمع بين القوات الثقيل والخفيف يعكس فهماً عميقاً للمتطلبات الاستراتيجية في الحروب الحديثة، حيث يُعتبر التنوع في الأدوات القتالية ضرورياً ليواكب طبيعة البيئات العملياتية المتغيرة.
التوجه الاستراتيجي للجمهورية المصرية
لا تتوقف مفاهيم تلك المشاريع عند حدود القدرات التقنية فحسب، بل تمتد لتشمل البعد الاستراتيجي. حيث أُعلنت مصر عن خطة تهدف لإنتاج ألف مدرعة سنوياً، مما يعكس رؤية الدولة نحو:
- تحقيق الاكتفاء الذاتي في مجال الدفاع وتقليل الاعتماد على الواردات.
- تعزيز القدرات التصديرية، خصوصاً نحو الأسواق العربية والأفريقية.
- تنمية التعاون بين القطاعين العام والخاص في مجالات الصناعات الدفاعية.
يتوافق هذا النهج مع السياسات المصرية في تنويع مصادر التسليح، مما يعزز من مكانتها كقوة إقليمية قادرة على تطوير وإنتاج الأنظمة القتالية الوطنية.
ما تتضمنه المدرعتان ST-100 وST-500
تؤكد المدرعتان ST-100 وST-500 على التوجه المصري المتجدد نحو أهمية الصناعات الدفاعية المحلية، ليس فقط كوسيلة لتعزيز القدرات العسكرية، وإنما كأداة للتأثير السياسي والاقتصادي. فكل مدرعة تُنتج ترمز إلى استثمار استراتيجي في الاستقلالية وتفتح الأبواب لدخول أسواق الأسلحة ذات المنافسة العالية.
يبقى السؤال المطروح: هل ستتمكن مصر من الاستفادة من هذه الإنجازات لبناء قاعدة صناعية مستدامة، تتيح لها المنافسة عالمياً، أم ستبقى هذه المبادرات محصورة ضمن النجاحات المحدودة المرتبطة بالوضع الإقليمي؟
ستُظهر السنوات القادمة الإجابة، لكن المؤكد هو أن مصر قد خطت خطوة جريئة نحو مستقبل دفاعي أكثر استقلالية وطموحاً.





