
خاص – دفاع العرب
إن صواريخ الفرط الصوت تمثل تحولًا كبيرًا في عالم تكنولوجيا الأسلحة. هذه الأنظمة قادرة على تجاوز سرعة ماخ 5، مما يظهر صعوبة الاستجابة لها من قبل تقنيات الدفاع الجوي الحالية. كما أن قدرتها على المناورة أثناء الطيران تضيف مستوى جديدًا من التعقيد في عملية الاعتراض، مقارنة بالصواريخ الباليستية التقليدية التي تسير على مسار محدد. غالبًا ما تُصنف هذه الأسلحة إلى نوعين: المركبات الانزلاقية فرط الصوتية (HGVs) التي تُطلق من صواريخ وتقوم بالانزلاق نحو أهدافها، وصواريخ كروز فرط الصوتية المُزودة بمحركات نفاثة (scramjet) للحفاظ على سرعاتها داخل الغلاف الجوي. هذه الخصائص مجتمعة تشكل تحديًا كبيرًا للأنظمة الرادارية والدفاعية المتاحة، التي كانت مصممة لمواجهة تهديدات أقل سرعة وأقل مناورة.
الدول الرائدة في صواريخ فرط الصوت
تسعى الدول المتقدمة في مجال الدفاع إلى تأكيد قوتها من خلال تطوير ونشر صواريخ فرط صوتية، مما يعكس سباقًا عالميًا نحو التفوق العسكري.
- الولايات المتحدة الأمريكية: في أبريل/نيسان 2024، أعلنت شركة لوكهيد مارتن عن صاروخها “ماكو” (Lockheed Martin Mako) الذي يمكنه تجاوز ماخ 5. هذا الصاروخ يتميز بقدرات متعددة تشمل مكافحة السفن والهجمات البرية والدفاع الجوي، مع تصميم مدمج يتيح حمله داخل مقاتلات الجيل الخامس (F-35 وF-22). الولايات المتحدة أيضًا هي الرائدة في برنامج صاروخ كروز الهجومي فرط الصوتي (HACM)، الذي تديره شركة رايثيون تكنولوجيز، ويستخدم محركًا نفاثًا لتحقيق سرعات فرط صوتية مستدامة، مما يمنحها مرونة تكتيكية في ضرب الأهداف الاستراتيجية.
- روسيا: تعد روسيا من الدول السباقة في اعتماد صواريخ فرط صوت. يُعتبر صاروخ “زيركون” (Zircon – Tsirkon) الروسي، القادر على حمل رؤوس نووية، سلاحًا بحريًا محورياً لمواجهة السفن، وبلغت سرعته ماخ 9. أكدت روسيا استخدامه خلال العمليات العسكرية في أوكرانيا في بداية عام 2024. علاوة على ذلك، يُضاف الصاروخ “أفانغارد” (Avangard) الذي يُطلق كنظام حمولة على صاروخ باليستي عابر للقارات (ICBM) ينفصل على ارتفاع شبه مداري ليلتقط سرعات تذهل بين ماخ 20 و27، وأحيانًا تصل إلى ماخ 30 عند الدخول في الغلاف الجوي. توجد خطط دمج “أفانغارد” مع الصاروخ الروسي الجديد RS-28 Sarmat، مما يعزز قدراته التدميرية.
- الصين: تعتبر الصين فاعلاً رئيسياً في هذا السباق، حيث يعد صاروخ “دونغفنغ-17” (Dongfeng-17 – DF-17) جزءًا أساسيًا من ترسانتها فرط الصوتية. هذا الصاروخ الباليستي المتوسط المدى مُصمم لحمل المركبة الانزلاقية فرط الصوتية (DF-ZF HGV)، التي تصل سرعتها إلى ما بين ماخ 5 وماخ 10. تقدر الاستخبارات الأمريكية مداه العملياتي بين 1800 و2500 كيلومتر، مما يمكّنه من استهداف القواعد العسكرية الأمريكية في اليابان وكوريا الجنوبية.
- الهند: تشارك الهند بنشاط في تطوير صواريخ فرط الصوت، وهي تعمل بالتعاون مع روسيا في هذا المجال. يُعتبر صاروخ “براهموس-2” (BrahMos-2) جزءًا من شراكة صواريخ كروز الأسرع من الصوت، ومن المتوقع أن تبلغ سرعته ما بين ماخ 6 وماخ 8. كما أضافت الهند صاروخ “المدى الطويل المضاد للسفن” (LRASM – India)، الذي تم تطويره محليًا، وقد حقق سرعة مذهلة بلغت ماخ 10 في اختبارات نوفمبر 2024.
- فرنسا: تقوم فرنسا بتطوير صاروخ “ASN4G”، وهو صاروخ كروز فرط صوتي مُصمم ليكون مسلحًا نوويًا، يُطلق من الجو، ومن المتوقع أن تصل سرعته إلى ما بين ماخ 6 وماخ 7، بمدى تشغيل يتجاوز 1000 كيلومتر. هذا الصاروخ مُعد ليكون متكاملًا مع المقاتلة رافال F5 والطائرة المقاتلة الفرنسية المستقبلية.
- إيران: أعلنت إيران عن صاروخ “فتاح” (Fattah) في يونيو 2023، وهو أول صاروخ باليستي فرط صوتي تم تطويره محليًا. وتؤكد مصادر إيرانية أن سرعته تتراوح بين ماخ 13 وماخ 15، بمدى تشغيل يُقدر بـ 1400 كيلومتر، مع إمكانية تمديد هذا المدى.
حلول الدفاع لمواجهة الصواريخ فرط الصوتية
تتخذ الدول الكبرى خطوات سريعة نحو تطوير أنظمة دفاعية لمواجهة تهديد صواريخ الفرط الصوت. تتركز الجهود على إنشاء أنظمة رادار متقدمة لتتبع الأهداف عالية السرعة والمناورة، بالإضافة إلى تطوير أنظمة اعتراض جديدة تعتمد على تكنولوجيا الليزر أو الطاقة الموجهة. تعتبر هذه التحديات ضخمة وتتطلب استثمارات كبيرة في البحث والتطوير. قد تشمل الحلول المستقبلية شبكات استشعار فضائية شاملة، وأنظمة دفاع متعددة الطبقات، وتطوير قدرات اعتراضية تعتمد على الذكاء الاصطناعي لإصدار قرارات سريعة في بيئات معقدة.




