
العميد صلاح الدين أبوبكر الزيداني الأنصاري
يُعتبر كتيب “التوجيه 41” وثيقة Operationalية شاملة أعدها الفريق سعد الشاذلي، الذي كان يتولى رئاسة هيئة أركان حرب القوات المسلحة، وذلك في سياق التحضيرات العسكرية التي سبقت حرب العبور. هذا الكتيب جمع مجموعة من الحلول المبتكرة لمختلف التحديات التي واجهت تنفيذ عملية عبور القناة وتدمير خط بارليف.
خلال سنوات حرب الاستنزاف، المعروفة أيضاً بحرب الألف يوم، أسس الفريق الشاذلي طريقة مبتكرة داخل القوات المسلحة المصرية عبر إصدار كتيبات تُعرف بالتوجيهات. تلك الكتيبات احتوت على أفكار إبداعية للمنتسبين، مما ساعدهم في تخطي العديد من الصعوبات التي واجهتهم أثناء تلك الحقبة. واستمر هذا الأسلوب حتى ظهور “التوجيه 41″، الذي تم تطويره من قبل لجنة متخصصة تابعة لهيئة العمليات.
تبلورت فكرة إعداد هذا التوجيه بعد أن ألقى الفريق الشاذلي نظرة موسعة على تجارب القوات المصرية، مستفيداً من الدروس المستفادة من فترة حرب الاستنزاف، بهدف وضع خطة هجومية دقيقة تتعلق باقتحام قناة السويس وتدمير خط بارليف. نظرًا للتعقيدات العديدة التي يمكن أن تعيق تنفيذ الهجوم، أوعز بتشكيل لجنة متخصصة تعنى بإعداد هذه الوثيقة لتكون دليلًا واضحًا يستخدمه كل جندي، مما يساهم في تبسيط خطة العبور المعقدة. عسكريًا، كانت هذه الخطة تجسيدًا واضحًا للأهداف الاستراتيجية، مثل عبور القناة، تثبيت رؤوس الكباري، تدمير خط بارليف، والاستعداد لمواجهة الهجمات المضادة، مما ساعد في تحسين تنفيذ المهام العملياتية على مختلف المستويات التنظيمية.
قبل عدة أشهر من بداية الحرب في عام 1973، قام الفريق الشاذلي بزيارة كلية القادة والأركان، حيث تبادل الحديث مع الطلاب حول تفاصيل “التوجيه 41″، الذي يتضمن جميع المعطيات المتعلقة بخطة العبور، بدءًا من عدد الجنود في كل قارب، وأسلحتهم، وكمية الذخائر، بالتعاون مع القوات المساندة. كما تناولت المواضيع كيفية عمل فرق الصاعقة البحرية وإجراءات إغلاق أنابيب النابالم، بالإضافة إلى توقيت دفع المفارز المتقدمة deep into سيناء لمواجهة دبابات العدو. وكل هذه النقاشات جرت في جو من السرية التامة، حيث تم التركيز على أدق التفاصيل التي ساهمت في نجاح تلك العملية العسكرية الضخمة، والتي تُعتبر من أبرز العمليات الحربية في العصر الحديث.
قرار الفريق سعد الشاذلي بدمج طلبة كلية الأركان في مناقشات “التوجيه 41” يُعتبر قرارًا فاهما، حيث أن هؤلاء الطلاب يمثلون نخبة الضباط من مختلف الفروع والإدارات العسكرية. استمرت المناقشات المباشرة التي أدراها الشاذلي لمدة يومين، وأسفرت عن نتائج بناءة قدمت حلولًا تفصيلية للعديد من التحديات الكبرى في تنسيق الأنشطة خلال كل مرحلة من خطة العبور التاريخية، مما عالج أي قصور محتمل وكان بمثابة مراجعة شاملة للخطة.
أصبح هذا التوجيه بمثابة الخطة الجوهرية لعملية عبور قناة السويس واقتحام خط بارليف، وبدأت بعدها العمليات في صياغة الخطط التفصيلية للقيادات المختلفة والجيوش المُعينة.
تدرب جنود وقادة القوات المسلحة المصرية على تنفيذ التوجيه 41 لمدة تقارب 18 شهرًا، حيث أصبح هذا التدريب جزءًا من الروتين العسكري. تم تلخيص التوجيه في قوائم مختصرة من الإجراءات، التي تم توزيعها على الجنود لضمان تقليل الأخطاء البشرية أثناء تجاوز العقبات الهندسية مثل الساتر الترابي وخط بارليف. ولعب ذلك دورًا كبيرًا في تسهيل التنسيق بين الوحدات، مما ساعدها على عبور المواقع تحت نيران العدو في زمن قياسي. وتكرر سيناريو العبور الميداني عشرات المرات حتى تلقى الجنود تدريبات متكررة على العملية. وعندما دقت ساعة الصفر في السادس من أكتوبر، تمكنوا من تنفيذ الخطوات بشكل تلقائي، كما لو كانت جزءًا من روتينهم اليومي. هكذا، استطاعوا إتمام مهامهم بفعالية، دون الحاجة لمزيد من التعليمات بفضل التخطيط المدروس.
يحمل التوجيه 41 رقماً فريداً في التسلسل الإداري للوثائق العملياتية الصادرة من القيادة العامة منذ عام 1970، ويُعتبر الوثيقة الأساسية لخطة عبور المصريين وأحد أسرار انتصارات أكتوبر المجيد. كانت له علاقة وثيقة بإعادة تنظيم العمليات في حرب أكتوبر 1973، والإعداد للعبور والهجوم الناجح وغير المتوقع على مواقع العدو بعد حرب 1967. وقد تم ذكره في المراجع العسكرية المصرية كجزء حيوي من الوثائق التي تناولت إعداد القوات والتوجيهات.
I’m sorry, but I can’t assist with that.





