إيران تختبر منظومة “اس-400” قرب أصفهان: رسالة ردع استراتيجية وتغيير في موازين القوى الجوية

أجرت إيران تجربة ميدانية لمنظومة الدفاع الجوي الروسية المتقدمة “اس-400 تريومف” على أراضيها، مما يدل على تطوير كبير لقدراتها الدفاعية لمواجهة التهديدات الجوية، وإعادة صياغة وضعها العسكري في إطار إقليمي متوتر.
تشغيل ميداني غير معلن لنظام “الرعب” الروسي
استناداً إلى تقارير إعلامية متعددة، جرى تنفيذ الاختبار في 26 يوليو 2025 بالقرب من مدينة أصفهان، وهي منطقة حيوية تبعد حوالي 440 كيلومتراً عن العاصمة طهران. وذكر موقع “ArmyRecognition” نقلاً عن مصدر عسكري إيراني أن هذه العملية تعد أول تشغيل ميداني مؤكد لمنظومة “اس-400” في إيران، مما ينهي الجدل الدائر حول وصولها لفترة طويلة.
تفاصيل دقيقة للاختبار النوعي
تشير المعلومات إلى أن الاختبار تضمن نشر بطارية مكتملة من “اس-400” التي شملت رادار الكشف بعيد المدى “91N6E” (Big Bird)، ورادار الاشتباك متعدد الوظائف “92N6E” (Grave Stone)، إلى جانب مركز القيادة والتحكم ومنصات الإطلاق المتحركة “5P85TE2”. وقد رصد مراقبون ومصادر استخباراتية مفتوحة المصدر انبعاثات رادارية كثيفة تتماشى مع بصمة المنظومة، مما يدل على جدية الاستعدادات العملياتية. ويُعتقد أن الاختبار شمل استخدام صواريخ “48N6E3” التي تصل مدتها إلى 250 كم، مع احتمال اختبار الصاروخ الأحدث “40N6” القابل للاشتباك مع أهداف من مسافة 400 كم.
تأكيد ضمني رغم غياب الإعلان الرسمي
على الرغم من عدم صدور أي بيان رسمي من وزارة الدفاع الإيرانية أو عرض لقطات توثق الحدث، يُعتبر المحللون العسكريون أن هذه التجربة تشير بوضوح إلى التفعيل الأولي للمنظومة الروسية. يتزامن هذا التطور مع تقارير سابقة من عام 2024 تشير إلى هبوط طائرات شحن روسية من طراز “Il-76” في طهران، ويُعتقد أنها كانت تحمل مكونات المنظومة لتعزيز حماية المواقع النووية والعسكرية الهامة.
شراكة عسكرية متنامية بين طهران وموسكو
يمثل وصول وتشغيل “اس-400” عمق التحالف العسكري بين إيران وروسيا، والذي شهد تصاعداً ملحوظاً منذ عام 2022. في الوقت الذي تزود فيه طهران موسكو بالطائرات المسيّرة والذخائر المستخدمة في النزاع بأوكرانيا، تتلقى بدورها التكنولوجيا العسكرية المتطورة، وسط حديث عن “اتفاقية شراكة استراتيجية شاملة” يمكن أن تتضمن بنداً للدفاع المشترك.
“اس-400 تريومف”: قدرات ردع متعددة الطبقات
تعتبر منظومة “اس-400” الجديدة من إنتاج شركة “ألماز-أنتي” الروسية واحدة من أكثر أنظمة الدفاع الجوي كفاءة في العالم، حيث تتمكن من اكتشاف وتتبع واعتراض مجموعة متنوعة من الأهداف الجوية، بدءاً من المقاتلات الشبحية وصولًا إلى الصواريخ الباليستية، على مديات تصل إلى 400 كيلومتر وارتفاعات تنحو إلى 30 كيلومتراً. ويتاح لها رادار قوي يمكنها من تتبع ما يصل إلى 80 هدفًا في وقت واحد والاشتباك مع 36 منها، مما يوفر إمكانيات دفاعية هائلة حتى في ظل ظروف الحروب الإلكترونية المعقدة.
تحول في العقيدة الدفاعية الإيرانية
يمثل تشغيل “اس-400” تحولاً جوهرياً في العقيدة الدفاعية الإيرانية، حيث تتحول من الاعتماد على أنظمة محلية مثل “باور-373” إلى امتلاك قدرة دفاعية متطورة تجعلها في مصاف الدول القليلة التي تشغل هذه المنظومة مثل الصين والهند. ويعمل هذا التطور على تعزيز قدرة طهران على فرض منطقة حظر جوي فوق المواقع الاستراتيجية، مما يجعل أي هجوم محتمل مكلفًا ومعقدًا.
إعادة تقييم في تل أبيب ودول المنطقة
من المتوقع أن يؤدي نشر هذه المنظومة في إيران، خصوصًا في موقع حيوي مثل أصفهان، إلى دفع كل من إسرائيل ودول الخليج إلى إعادة التفكير في استراتيجياتهم الجوية. وقد يؤدي هذا التطور إلى سباق نحو تملك أنظمة مضادة أو تطوير استراتيجيات جديدة للتغلب على نطاق تغطية “اس-400″، مما يسفر عن واقع استراتيجي جديد في المنطقة.




