

في تحول استراتيجي ملحوظ في العقيدة الدفاعية الفرنسية، أذن الرئيس إيمانويل ماكرون بالشروع في تنفيذ مشروع حاملة الطائرات الجديدة (PANG). هذا المشروع يُعتبر الأكثر ضخامة في تاريخ الصناعات البحرية الفرنسية، ويهدف إلى تعزيز مكانة باريس كقوة بحرية تستطيع استعراض قوتها في المحيطات، تزامناً مع تصاعد التحديات الجيوسياسية العالمية.
عقيدة القوة والردع
في حديث يعكس واقع التهديدات المتزايدة عالميًا، صرح ماكرون: “في عصر المفترسين، يجب أن نكون أقوياء لخلق الرهبة”. يُعتبر هذا التصريح بمثابة محور استراتيجية الردع الفرنسية، حيث من المتوقع أن تدخل الحاملة الجديدة الخدمة الفعلية بحلول عام 2038، كبديل شرعي لحاملة الطائرات الحالية “شارل ديغول”. على الرغم من أن التخطيط للمشروع انطلق في 2018، إلا أن بدء البناء الفعلي متوقع في 2031.
مواصفات تقنية للحاملة PANG:
“قلعة نووية عائمة”
تتفوق حاملة الطائرات PANG على “شارل ديغول” في جميع الجوانب التقنية، حيث ستستخدم دفعًا نوويًا من خلال مفاعلين متطورين من نوع K22، مما يمنحها استقلالية في الحركة وسرعة إبحار تصل إلى 27 عقدة.
- الإزاحة: تتراوح بين 78 و80 ألف طن، أي ضعف إزاحة “شارل ديغول”.
- الطول: 310 أمتار، مما يجعلها أكبر سفينة حربية تُبنى في القارة الأوروبية على الإطلاق.
- التكنولوجيا: سيتم تزويدها بأنظمة الإطلاق الكهرومغناطيسية (EMALS) وأنظمة كبح متقدمة، مستفيدة من التكنولوجيا المستخدمة في حاملات الطائرات الأمريكية من جيل “جيرالد فورد”.
رأس الحربة في نظام القتال المستقبلي
ستعمل هذه الحاملة كمنصة انطلاق رئيسية لحوالي 30 طائرة مقاتلة من الجيل التالي، كجزء من برنامج نظام القتال الجوي المستقبلي (FCAS)، بالإضافة إلى طائرات الدعم والمراقبة. ومع طاقم مكون من 2000 بحار، ستصبح الحاملة قاعدة جوية عائمة قادرة على تنفيذ عمليات معقدة في مناطق بعيدة عن الوطن.
رهان الوجود الصناعي والسياسي
يمثل مشروع PANG أكثر من مجرد تحديث عسكري؛ فهو يعد ركيزة أساسية للحفاظ على السيادة الصناعية والخبرات النووية في فرنسا. وقد أكد وزير الدفاع، سيباستيان لوكورنو، أن هذا المشروع يحمي مجموعة كاملة من الكفاءات الوطنية، مشددًا على أن “السيطرة الجوية ستظل العنصر الحاسم في أي صراع مستقبلي”.








