
أعلنت مصر عن طموحاتها في اقتناء طائرات مقاتلة صينية، ويتضمن ذلك خطة ثلاثية المراحل تشمل طائرات Y-20، J-10C، وJ-35.
الإعلان الاستراتيجي في معرض مصر الدولي للدفاع 2025
كانت زيارة الجناح الصيني في معرض مصر الدولي للدفاع 2025 تجربة مبهرة، حيث تم عرض نماذج كبيرة لطائرات Y-20، J-10C، وJ-35A. هذه الواقعة كانت مدعومة بلافتة تشير إلى “الصداقة الصينية المصرية”، مما أضفى أهمية خاصة على المشهد.
هذا العرض لم يكن مجرد عرض تجاري، بل كان بمثابة إعلان استراتيجي يكشف عن تحركات جيوسياسية مهمة تتجاوز التجارة العسكرية التقليدية. الظهور المتزامن للنماذج الرئيسية الثلاثة يدل على نية واضحة لتعزيز الهيمنة الجوية في منطقة الشرق الأوسط.
Y-20BE: الحل المُركَّز لأزمة الدعم اللوجستي
تواجه القوات الجوية المصرية تحديات كبيرة في مجالات الدعم اللوجستي، حيث تتمثل المشكلة في أسطول النقل القديم من طراز Il-76، الذي يفتقر إلى القدرات الحديثة في التزود بالوقود جواً. هذه القيود تعيق قدرات العمليات، خاصة في مهام مكافحة الإرهاب وبعثات حفظ السلام.
تظهر هنا أهمية ناقلة Y-20BE كحل مباشر، حيث تُعزز قدرة مصر على التزود بالوقود في الجو وتعزز من عملياتها العسكرية. خلال مناورات “شاهين-2025″، والتي جرت في أبريل، نجحت Y-20 في تزويد طائرات ميج-29M بالوقود جواً، مما يبرز براعتها التكنولوجية.
تصميم Y-20BE: المرونة المعيارية مقابل النهج المتخصص
يتضمن تصميم Y-20BE الابتكاري تركيبة فريدة تعالج نقاط الضعف للدول شحيحة الموارد مثل مصر.
- النهج الغربي: يعتمد على تحويل الطائرات الكبيرة إلى طائرات تزويد متخصصة، مما يسلبها إمكانية الاستخدامات الأخرى.
- النهج السوفيتي: يحتفظ ببعض مساحة الشحن، ولكنه يركز بالأساس على سعة الوقود القصوى.
- النهج المبتكر لـ Y-20BE: يتبنى تصميمًا معياريًا وقابلًا للفصل، ويمكن استخدامه كمنصة نقل استراتيجية أو تحويله بسرعة إلى طائرة تزويد بالوقود في الحالات الطارئة.
لمصر، التي تسعى للحصول على قدرات تنقل استراتيجية وعزيمة في تعزيز قدراتها العسكرية، تُمثل Y-20BE خطوة نحو تحقيق هذه الأهداف.
الأبعاد الجيوسياسية لطائرة Y-20: المدخل الاستراتيجي “غير الحساس”
من منظور جيوسياسي، يُعتبر إدخال الطائرة Y-20 الناقلة خطوة استراتيجية بارزة. تصنّف هذه الطائرة كـ “معدات دعم”، مما يعقد تصنيفها كسلاح هجومي مباشر. من غير المتوقع أن تواجه اعتراضات قوية من إسرائيل، التي تراقب تطورات المنطقة عن كثب. هذا يفتح المجال لتعاون غير حساس بين الصين ومصر، مما يمهد الطريق لبناء الثقة من خلال عمليات مشتركة للطائرات الكبيرة.
J-10CE: خطة لتغيير التوازن القائم
بينما تسهم ناقلة Y-20 في تعزيز الأمان، تهدف خطة تصدير طائرة J-10CE إلى تغيير التوازن العسكري بشكل جذري. يكمن مفتاح الاختلاف في أداء الطائرة الذي يتضمن صاروخ جو-جو بعيد المدى من نوع PL-15E ونظام رادار نشط مبتكر. هذا الدمج يعزز من فعالية الطائرة في ساحة المعركة الحديثة ويعكس مستوى عالٍ من القدرات التكنولوجية.
في سياق المعارك الجوية الحديثة، تعني هذه التركيبة: “لقد حددت مسارك مسبقاً”. هذا الوضع يزيد من القلق في دوائر الدفاع الغربية حول قدرة J-10CE على تشكيل محيط دفاعي قوي يحد من حركة الخصوم، حتى في مواجهة مقاتلات متقدمة.
تطبيق هذا السيناريو في شبه جزيرة سيناء أو فوق قناة السويس يمكن أن يثير قلقاً كبيراً في الأوساط الإسرائيلية. تعتمد تل أبيب في استراتيجيتها على هيمنة مقاتلات F-15I وF-16I على الأجواء المحيطة. وإذا حصلت القوات الجوية المصرية على J-10CE، قد يؤثر ذلك بشكل كبير على توازن القوى، مما يثير قلقاً دائمًا حول تهديدات محتملة.
عقبات تصدير J-10CE والتحدي السياسي
عند النظر إلى عملية تصدير J-10CE، تتضح الصعوبات والتحديات التي قد تعترضها. من البديهي أن تضغط واشنطن للتحكم في هذه الصفقة، مثلما فعلت عند شراء مصر لطائرات رافال الفرنسية. فقد دفعت الولايات المتحدة إلى منع تزويد مصر بصواريخ ميتيور، مما أثر سلباً على فعالية الطائرات التي بحوزتها.
وبالرغم من حصول مصر على منصة قتالية عالية الأداء، فإن القيود على استخدام الذخائر بعيدة المدى قلصت من فعاليتها القتالية، مما جعلها تبدو كـ “رمز للدبلوماسية المسلحة”. هذا الأمر قد يتكرر في صفقة J-10CE، حيث ستسعى الولايات المتحدة للحد من فعاليتها القتالية من خلال إجراءات معقدة مثل عرقلة التوافق التكنولوجي.
يتطلب الأمر من القاهرة إيجاد توازن دقيق بين الإمكانيات التكتيكية للطائرة والمستجدات السياسية التي تفرضها الولايات المتحدة، مما يخلق تحدياً كبيراً.
J-35: ورقة رابحة ورؤية تحالف استراتيجي
بالنسبة لنموذج J-35E (أو النسخة التصديرية J-35A) الذي جذب الانتباه في المعارض، فإنه يمثل في الوقت الحالي “عرض رؤية” يُستخدم لرفع مستوى التفاوض. الأمور ليست مرتبطة بعدم قدرة الصين على الإنتاج أو عدم رغبتها في البيع، بل تعكس الوضع السياسي المصري الحالي الذي لا يدعم تأثيرات تلك الصفقة.
تُمثل هذه الأسلحة أكثر من مجرد منتجات، بل ترمز إلى التزام استراتيجي يعتمد على الثقة المتبادلة، مما يقربها من مستوى التحالف. إن تطوير هذه العلاقة وبناء الثقة سيسهم في تعزيز الاستقرار في المنطقة.
في ثمانينيات القرن العشرين، واجهت مصر تحديات كبيرة من أجل الحصول على مقاتلات إف-16 الأميركية، والتي استلزمت دقّ ناقوس الخطر بإعادة النظر في علاقاتها العسكرية مع الاتحاد السوفييتي. وقد عانت القاهرة من وصمة “الخيانة” داخل العالم العربي، مما جعلها تقبل بالطائرات ذات الأنظمة المخصصة التي تفتقد إلى الأداء العالي لوقت طويل.
إذا ما تمكنت مصر من الحصول على مقاتلات شبح صينية قادرة على مواجهة التفوق التقني لطائرة F-35I الإسرائيلية، فقد يحدث تحول كبير في هيكل قدرتها الدفاعية. ليس من المستبعد أن تؤدي هذه الخطوة إلى انهيار كامل في نظام المساعدات العسكرية الأميركية لمصر، وربما تترتب عليها عواقب اقتصادية شديدة. وبالنظر إلى السياسة الدبلوماسية الحالية لمصر، التي تتمحور حول “موازنة العلاقات المتعددة”، فإن اتخاذ هذه الخطوة سيكون أعلى من قدراتها على التحمل.
علاوة على ذلك، تبقى إسرائيل متيقظة تجاه انتشار الطائرات المقاتلة من الجيل الخامس في المنطقة. بعد سنوات نجحت فيها في ترسيخ سيطرة “هيمنة الشبح” من خلال F-35I، كيف يمكن لتل أبيب أن تسمح لدولة قريبة بنشر طائرة شبحية تحمل نفس الميزات التقنية؟ ما لم يحدث تغيير جذري في نظام الشرق الأوسط أو ظهور جيل جديد من مقاتلات الجيل السادس تفوق أداء F-35، ستظل هذه الخطوط الحمراء محفوظة، ومن يتجاوزها سيواجه عواقب وخيمة.





