
تقوم الدول المسلحة نوويًا بتحديث ترساناتها باستمرار. في هذا الإطار، حققت فرنسا نجاحًا في اختبار إطلاق صاروخ نووي مُحدَّث مؤخراً، رغم أنه لم يكن مُسلَّحًا.
الصاروخ المتوسط المدى جو-أرض، المعروف بـ ASMPA-R، سيُركب على مقاتلات “رافال” المنطلقة من حاملة الطائرات الفرنسية “شارل ديغول” (FS Charles de Gaulle)، ليصبح جزءًا أساسياً من الردع النووي الفرنسي كما أفادت البحرية الفرنسية يوم الخميس.
أهمية الاختبار ودلالاته
تمثل فرنسا واحدة من تسع دول تمتلك أسلحة نووية، حيث تمتلك تقريبًا 290 رأسًا حربيًا جاهزًا للإطلاق من غواصات الصواريخ الباليستية والطائرات المقاتلة.
هذا العام، أثار الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون احتمال “توسيع المظلة النووية الفرنسية” لتشمل دولًا أوروبية أخرى، في ضوء التهديدات المتزايدة من روسيا والانسحاب الأمريكي المحتمل من القارة.
يتبع اختبار فرنسا للأفكار العسكرية المماثلة التي قامت بها الولايات المتحدة وروسيا. فقد تم الكشف مؤخرًا عن صاروخ كروز نووي أمريكي جديد، بينما أقدمت روسيا على اختبار صاروخ كروز نووي يُسمح له بحمل رأس حربي نووي.
وأشارت وزيرة الدفاع الفرنسية، كاثرين فوترين، إلى إجراء “إطلاق تقييمي” لصاروخ ASMPA-R يوم الخميس بواسطة طائرة “رافال مارين”، وهي النسخة المخصصة للعمل من حاملات الطائرات، دون تحميلها لأي رأس حربي نووي.
أعلنت وزارة الدفاع الفرنسية أن الصاروخ انضم رسميًا إلى “القوات الجوية البحرية النووية الفرنسية (FANU)” قبل الاختبار، مما يُكمل عملية تحديث البدائل الجوية لبرنامج الردع النووي الفرنسي.
ووصفت الوزارة الاختبار بأنه “طلعة محاكاة لضربة نووية”، وقد نجح في التحقق من سلسلة الانتشار الشامل لمنظومة الأسلحة، مؤكدًا بذلك قدرات الصاروخ التقنية والعملياتية، كما ورد عن البحرية الفرنسية.
ويستخدم ASMPA-R أيضًا في “القوات الجوية الاستراتيجية الفرنسية (FAS)” منذ عام 2023. ولكن الصور التي تم إصدارها للاختبار الذي أُجري في مايو من العام الماضي تم تعديلها لإخفاء تفاصيل الصاروخ.
أصدرت البحرية الفرنسية صورًا جديدة هذا الأسبوع، موضحة الصاروخ ASMPA-R وهو مثبت تحت طائرة “رافال مارين” أثناء إقلاعها من قاعدة “لانديفيزياو” الجوية البحرية في شمال غرب فرنسا.
وفقًا لموقع الطيران العسكري The Aviationist، يُعد ASMPA-R النسخة الثانية المُحدَّثة من الصاروخ الأصلي ASMP، وقد أُجري أول اختبار له في ديسمبر 2020. يحمل الصاروخ رأسًا حربيًا حراريًا نوويًا بقوة 300 كيلوطن، ويبلغ مداه حوالي 600 كم. للمقارنة، كانت الطاقة المتفجرة الناتجة عن القنابل الذرية في هيروشيما وناجازاكي تعادل 16 و21 كيلوطن على التوالي.
على الرغم من أن “شارل ديغول” هي الحاملة البحرية الوحيدة في الناتو المجهزة لحمل أسلحة نووية، إلا أنها لا تنشر قوات (FANU) والصواريخ النووية في المهام الروتينية، وفقًا لـ “مشروع المعلومات النووية” في اتحاد العلماء الأمريكيين.
علاوة على ذلك، تشغل فرنسا أربع غواصات صواريخ باليستية مُسلحة نوويًا، والتي حصلت مؤخرًا على تحسينات في قوة النيران بفضل إدخال أحدث نسخة من صاروخ M51 الباليستي المُطلق من الغواصات، المعروف باسم M51.3.
اختتمت وزيرة الدفاع تصريحاتها بالتأكيد على أهمية هذه التطورات في سياق الأمان والردع النووي الفرنسي.
كاثرين فوترين، في تصريحها يوم الخميس، أكدت: “هذه العملية الناجحة والمخطط لها منذ فترة طويلة تُحقق الطموح الذي حدده رئيس الجمهورية وتُكمل مناورة تجديد قدرات المكون النووي الجوي المُخطط لها بموجب قانون البرمجة العسكرية 2024-2030.”
كما أفادت البحرية الفرنسية: “تستفيد القوات الجوية البحرية النووية (FANU) من تنوع ومرونة العمليات وقدرات الإسقاط الخاصة بحاملة الطائرات ومجموعتها القتالية. يبرز هذا الإطلاق المطوّر قدراتها التقنية والعملياتية.”
التطورات المستقبلية
تسعى فرنسا حاليًا لتطوير صاروخ نووي جوي من الجيل الرابع، والذي يتمتع بقدرات مُعزَّزة على التخفي والمناورة، ليحل محل ASMPA-R. ومن المتوقع دخوله الخدمة بحلول عام 2035، على أن يستمر في العمل حتى بعد عام 2050، وفقًا لمعلومات موثوقة.





