
علي الهاشم – باحث ومختص في مجالات الدفاع والطيران والأنظمة العسكرية
مع تزايد التوترات بين إسرائيل وإيران وتنامي التهديدات النووية والصاروخية، تجد إسرائيل نفسها في حاجة ملحة لاتخاذ خطوات استباقية لمنع طهران من تعزيز قوتها العسكرية. في هذا المقال، نسلط الضوء على سيناريو افتراضي يشمل ضربة إسرائيلية شاملة تعتمد على تنويع الأساليب واستخدام أسلحة غير تقليدية لضرب الدفاعات الإيرانية، وتقويض القيادة والسيطرة، وتدمير المنشآت النووية والصاروخية الحساسة.
1. تمهيد الهجوم: التمركز السري والتضليل الجوي
يبدأ السيناريو بتواجد ثلاثة غواصات إسرائيلية من طراز “دولفين” مخفية بالقرب من خليج عمان، لتكون نقطة انطلاق لعمليات الهجوم. في منتصف الليل، تطلق هذه الغواصات مركبات مسيّرة تُستخدم لتشويش أنظمة الدفاع الجوي الإيرانية وإرباكها.
تقوم هذه المسيرات بعمليات تمويه مما يتيح المجال لوابل من الصواريخ الجوالة. يتم توجيه الضربات نحو أهداف حيوية، مثل قاعدة “بندر عباس” البحرية وموقع رادار “قدير”، بهدف تحييد الدفاعات الجوية وإفساح المجال لضربات إضافية.
2. هجمات التشويش الكهربائي والشلل الإلكتروني
بعد الضربة الأولية، تستعمل إسرائيل صواريخ “جيريكو” الباليستية لضرب مواقع استراتيجية في طهران ومدن أخرى مثل بوشهر وشيراز. تحمل هذه الصواريخ رؤوسًا كهرومغناطيسية تعمل من خلال قنابل النبض الكهرومغناطيسي، لتعطيل الأنظمة الإلكترونية والاتصالات.
يسعى هذا الهجوم لإرباك القيادة الإيرانية، مما يعوق التنسيق العسكري والرد على الهجمات. تؤدي هذه الخطوة إلى شل النظام الدفاعي الإيراني وتمنح إسرائيل ميزات تكتيكية تمكنها من القيام بعملياتها بسهولة.
3. الهجوم الجوي المتقدم واستخدام القنابل النووية المصغرة
بعد شل القيادة، تصعيد الهجوم يتضمن توجيه صواريخ “إيروبالستية” ومسيّرات هجومية نحو مراكز التخصيب النووي. تحمل هذه الصواريخ القنابل النووية المصغرة لتدمير المنشآت مع الحد من الأضرار الجانبية.
تستفيد إسرائيل من الأجواء العراقية لدعم عملياتها الجوية، من خلال نشر طائرات التزود بالوقود وطائرات “أواكس”. هذا يعزز دقة الضربات ويقلل من فرص التصدي لها.
4. تكتيكات الهجوم البري والبحري عبر الغواصات والأسلحة الكهرومغناطيسية
تستهدف إسرائيل معاقل الصواريخ الإيرانية عبر إطلاق صواريخ من الغواصات والطائرات، مستخدمةً قنابل نيوترونية لتدمير الكائنات الحية دون إحداث أضرار مادية. هذا الإجراء يهدف إلى عدم قدرة إيران على الاقتراب من تلك المواقع لفترات طويلة.
في الوقت نفسه، تستهدف إسرائيل الحوثيين في اليمن بعمليات نووية تكتيكية، لحماية الملاحة البحرية وضمان أمن البحر الأحمر. تهدف هذه الضربات إلى منع أي تصعيد محتمل في الجبهة اليمنية.
5. النتائج المتوقعة وتداعيات السيناريو
من خلال تنفيذ هذا السيناريو، يمكن التوقع بشل القيادة الإيرانية بالكامل وتحيد أنظمتها الدفاعية الجوية. سيسهم ذلك في تحقيق أهداف إسرائيل الاستراتيجية وتمهيد الطريق لمزيد من العمليات العسكرية المستقبلية.
على مدار فترة طويلة، يُعتبر تعطيل المنشآت النووية الإيرانية وتدمير مواقع الصواريخ الباليستية ضربة مؤلمة، حيث يمنح هذا التحرك إسرائيل تفوقًا استراتيجيًا ويعيق قدرة إيران على الرد السريع أو استخدام قوتها العسكرية بفعالية. هذا التوجه يعكس أهمية استراتيجيات الأمن القومي المعقدة في ظل التوترات المتزايدة.
علاوة على ذلك، ستترك التبعات الإشعاعية آثاراً طويلة الأمد على قدرة إيران لتجديد مواقعها العسكرية الأساسية، خاصة في استراتيجيتها للاعتماد على القدرات النووية كوسيلة للردع. في هذه الأثناء، من الممكن أن يشهد الإقليم تفاقم في التوترات وتداعيات غير متوقعة تؤثر على الأمن الإقليمي، مما قد يحفز قوى أخرى على التدخل أو تطوير ردود فعل مضادة.
الخاتمة: نظرة مستقبلية على توازن القوى في المنطقة
يعتبر هذا السيناريو الافتراضي تجسيدًا لكيفية استغلال إسرائيل لمجموعة من الأدوات العسكرية المتطورة لتحقيق أهداف استراتيجية معينة دون الدخول في مواجهات شاملة مع إيران. كما يسلط الضوء على أهمية اعتماد سيناريوهات تكتيكية لتحقيق تأثيرات استراتيجية واسعة النطاق. في ظل الظروف الحالية، قد تلعب هذه السيناريوهات دورًا محوريًا في إعادة تشكيل معادلة القوى في الشرق الأوسط، مما يؤدي إلى إعادة تقييم الأطراف الإقليمية والدولية لسياساتها الأمنية والدفاعية.





