الأخبار العسكريةالأخبار العسكرية الإقليميةمصر

مصر على أعتاب اتفاق تاريخي: استحواذ سلاح الجو على مقاتلات “إف-15” الأمريكية

قوة جوية متجددة: القاهرة تتفاوض على مقاتلات F-15

تسعى مصر حاليًا لإعادة تشكيل خارطة قوتها الجوية، وهي خطوة قد تُحدث تحولًا كبيرًا في ميزان القوى بالشرق الأوسط. بعد أكثر من عامين من المفاوضات المعقدة، تستمر القاهرة في مناقشاتها مع واشنطن لشراء ما يصل إلى 46 مقاتلة من طراز F-15 Advanced Eagle، وهي واحدة من أبرز الصفقات المنتظرة في المنطقة منذ عقود. وتشير تقارير حديثة إلى أن هذه المناقشات مستمرة رغم عدم وجود إعلان رسمي، لكن هناك دلائل على تعزيز التعاون الاستراتيجي بين القاهرة وواشنطن، مما يُعيد العلاقات الدفاعية بين البلدين إلى مسارها الصحيح بعد فترة من التوتر.

واشنطن تُعيد فتح الأبواب

جاءت أول إشارة حول استعداد الولايات المتحدة لتزويد مصر بمقاتلات F-15 في مارس 2022، عندما صرح الجنرال فرانك ماكنزي، قائد القيادة المركزية الأميركية آنذاك، أمام مجلس الشيوخ بأن “الخبر السار هو أننا سنقوم بتزويد مصر بطائرات F-15”. منذ ذلك الحين، تستمر المفاوضات الفنية والمالية وسط عقبات ترتبط بمراجعات الكونغرس وقوانين التصدير الحساسة، خاصة فيما يخص الحفاظ على التفوق النوعي لإسرائيل (QME) في المنطقة، ما يجعل أي صفقة بهذا الحجم تعتمد على توازن دقيق بين السياسة والقدرة العسكرية.

القاهرة تُعيد ترتيب أوراقها

تأتي هذه المفاوضات بعد إلغاء صفقة سابقة لمصر مع روسيا للحصول على مقاتلات “سوخوي سو-35”، والتي واجهت تعقيدات بسبب عقوبات قانون “كاتسا” الأميركي. نتيجة لذلك، اتجهت القاهرة للبحث عن بديل يضمن تحديث قواتها الجوية وتعزيز قدرات الردع. تسعى مصر حاليًا لامتلاك النسخة المتطورة من مقاتلات F-15، والتي تشبه النماذج المتواجدة في السعودية وقطر، لتعزيز قدرتها على السيطرة الجوية والهجوم بعيد المدى. ويُقدّر قيمة الصفقة بمليارات الدولارات، وتشمل التدريب، والصيانة، والدعم اللوجستي طويل الأمد.

F-15 Advanced Eagle: سلاح الجو المصري نحو جيل جديد

تُعتبر مقاتلات F-15 Advanced Eagle ذروة التطور في عائلة “إف-15” العريقة التي أثبتت جدارتها منذ السبعينيات. هذه الطائرات مُجهزة برادار AESA المتقدم، ومنظومة حرب إلكترونية متكاملة، ونظام تحكم رقمي متفوق يوفر للطائرات استجابة سريعة في معارك الجو. إلى جانب تصميمها القوي، تستطيع الطائرة حمل أكثر من 13 طنًا من الذخائر، وتحقق سرعة تصل إلى ماخ 2.5 مع مدى قتالي يتجاوز 1200 كيلومتر، مما يجعلها واحدة من أخطر المقاتلات متعددة المهام عالميًا. وتتميز أيضًا بقدرتها على القيام بضربات دقيقة بعيدة المدى، مما يُعزز قدرة القاهرة على حماية حدودها وتأمين ممرات البحر الأحمر وقناة السويس.

إسرائيل… التوازن بين التحفظ والدعم

رغم حساسية أي صفقة تسليح ضخمة لمصر، تُفيد التقارير بأن تل أبيب لم تعارض المشروع الأميركي، بل اعتبرته وسيلة لتدعيم العلاقات بين القاهرة وواشنطن، في إطار يضمن التوازن الإقليمي. ومع ذلك، من المتوقع أن تكون هناك قيود على النسخة المصرية، خاصة فيما يتعلق بأنظمة الرادار المتقدمة أو الصواريخ بعيدة المدى AIM-120D، التزامًا بالقوانين الأميركية لحماية التفوق العسكري الإسرائيلي.

التحديات اللوجستية والتكامل التشغيلي

إدخال مقاتلة جديدة بهذا الحجم يتطلب الكثير من الجهود. سيتعين على سلاح الجو المصري إنشاء بنية تحتية متكاملة تتضمن مراكز تدريب، ومحاكيات، ومرافق صيانة حديثة، بالإضافة إلى تطوير مهارات الطيارين والمهندسين للعمل مع الأنظمة الرقمية المتقدمة.

يشير الخبراء إلى أن الفوائد الاستراتيجية تستحق كل جهد مبذول، إذ ستوفر هذه الطائرات لمصر القدرة الفريدة على الانتشار السريع وتنفيذ عمليات ردع فعّالة في محيطها الإقليمي، بدءًا من شمال إفريقيا وحتى البحر الأحمر وشرق المتوسط.

صفقة F-15 المحتملة

تمثل صفقة F-15 المرتقبة بداية جديدة لسلاح الجو المصري وقد تكون نقطة تحول استراتيجية في علاقة القاهرة مع واشنطن. إن امتلاك هذه المقاتلات يمنح مصر فرصة الانضمام إلى نادي القوى الجوية الكبرى في المنطقة بقدرات هجومية ودفاعية متطورة، لكنه يضعها في الوقت نفسه أمام تحديات سياسية ولوجستية مهمة.
في ظل التغيرات الجيوسياسية المستمرة، نلاحظ أن القاهرة عازمة على بناء قوة جوية قادرة على الردع والسيطرة، مما يعزز أمنها القومي ويساهم في الحفاظ على مكانتها كقوة إقليمية بارزة.

بين السياسة والردع

تعكس الصفقة المحتملة لمقاتلات F-15 أكثر من مجرد عملية شراء عسكرية؛ إذ تعد بمثابة رسالة سياسية هامة. من جهة، تعبر عن رغبة القاهرة في تعزيز الشراكة الدفاعية مع الولايات المتحدة وإعادة بناء الثقة بعد فترة من التقارب مع موسكو وباريس. ومن جهة أخرى، تمثل خطوة نحو تحديث شامل للبنية القتالية المصرية لتلبية التحديات المتعلقة بالإرهاب والتهديدات العابرة للحدود وضمان أمن طرق التجارة الدولية.
وفي الوقت الذي تستمر فيه المناقشات بشأن التسليح والتجهيز، تظل المعادلة الأساسية: هل ستوافق واشنطن على تزويد مصر بنسخة متكاملة من هذه المقاتلات المتطورة، أم ستختار توفير نموذج محدود القدرات يوازن بين الدعم والاعتبارات السياسية؟

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى