
علي نور الدين
تتحدث التصريحات الأخيرة لرئيس أركان جيش الاحتلال الجنرال “أفيف كوخافي” عن عمليات سرية ينفذها الجيش في مناطق تبعد عن الكيان المؤقت ما بين 160 كيلومتر و 1126 كيلومتر. يُحتمل أن يكون الهدف من ذلك تحقيق إنجازات معنوية من خلال الخداع والتضليل، مما يؤدي لتضخيم الأنشطة في منطقة الجنوب السوري، خاصةً الجولان، من خلال عمليات قتل غير معروفة المنفذين.
هذا الطرح يُدعم من قبل العديد من المقالات الإسرائيلية والعربية، ومنها مقال كتبه “يؤاف زيتون” في صحيفة يديعوت أحرونوت، تحت عنوان: “هجمات سرية وتقارب مع الدروز: هكذا يعيد الجيش الإسرائيلي تشكيل الحدود مع سوريا”.
في مقاله، زعم “زيتون” أن جيش الاحتلال، بعد 48 عاماً من اتفاق وقف إطلاق النار (اتفاقية فك الاشتباك بين سوريا والكيان في عام 1974 بعد حرب تشرين 1973)، يخوض معركة هادئة ضد حزب الله وإيران لإعادة “ترسيم الحدود” مع سوريا، من خلال مهاجمته لمواقع تابعة لهما وتنفيذ عمليات اغتيال لقيادات مرتبطة بهما.
من بين هذه العمليات المزعومة، تحدثت العديد من الصحف والمواقع العربية عن عملية قتل غامضة حدثت فجر الأحد الماضي للشهيد أحمد فيصل الصالح، إثر هجوم نفذه مجهولون على نقطة عسكرية تابعة للجيش السوري و”حزب الله” بين بلدات جبا وأم باطنة في ريف القنيطرة.
أهمية الجولان بالنسبة للكيان
تُمثل مرتفعات الجولان التي يسيطر عليها جيش الاحتلال الإسرائيلي أهمية استراتيجية كبيرة، رغم مساحتها الصغيرة نسبياً، فهي ذات أهمية أمنية وعسكرية:
- توفر إشراف الكيان على وادي الأردن وبحيرة طبريا والجليل ومداخل دمشق. كما تضم جبل حرمون الذي يبلغ ارتفاعه 2814 متراً، مما يوفر موقعاً ممتازاً للمراقبة الاستخباراتية يشمل حدود غزة وصولاً إلى تركيا.
- تُقلل من اعتماد الكيان على أجهزة الاستخبار الجوية، حيث تُعزز قدرات الاستخبار الأرضية بفضل التكنولوجيا المتطورة، مما يسهم في تحسين الدفاعات وتحذير من التهديدات المترتبة.
- تمكن جيش الاحتلال من إنشاء خط دفاع متين ضد هجوم عسكري من الاتجاه الشرقي، حيث يمكن لقوة دفاع صغيرة أن تكون فعالة رغم أعداد هائلة من القوات المهاجمة. مثال على ذلك ما حدث خلال حرب تشرين عام 1973، حيث تمكنت قوات إسرائيلية قليلة من صد هجوم سوري ضخم.
وبحسب الدراسات الإسرائيلية، فإن فرص نجاح الهجوم المدرع تتضاءل إذا لم يتمكن الطرف المهاجم من السيطرة على التلال بسرعة، لكن تجربة حزب الله في العمليات الجبلية قد تعيد النظر في هذه النتائج.
وجود جيش الاحتلال في هذه المنطقة سيُجبره على نقل قواته إلى أقل جزء من المنحدر المؤدي إلى الهضبة البالغ ارتفاعها 750 مترًا، مما يجعلها على مستوى 200 متر تحت سطح البحر. هذا الوضع يعرضها لخطر الإبادة النارية الحتمية.
تُسهم السيطرة على هذه المنطقة في حماية منطقة حيفا الاستراتيجية بالنسبة للكيان، حيث تُزيد المسافة بينها وبين أقرب المواقع السورية من 70 كم إلى 90 كم.
تُعتبر منطقة حيفا من أهم المناطق الصناعية داخل الكيان، حيث يوجد فيها أحد الموانئ الرئيسية. لذا، تُشكل جزءًا من المثلث الاستراتيجي الحيوي لإسرائيل (حيفا – القدس المحتلة – غديرا)، الذي يضم معظم بنيتها التحتية ويعيش فيه العديد من المستوطنين.
تقع هذه المرتفعات على بُعد حوالي 60 كم من العاصمة السورية دمشق، مما يمنحها مزايا استراتيجية في تنفيذ الاعتداءات، كما حدث في العديد من العمليات، ومن أبرزها الاستهداف الصاروخي عبر المروحيات للشهيد سمير القنطار.





