العقيد الركن م. ظافر مرادمقالات رأي

الأمن السيبراني والشراكة مع الغرب من أجل حصانة رقمية.. G42 الإماراتية نموذجاً

العقيد الركن م. ظافر مراد

في عصر يتسارع فيه الابتكار التكنولوجي، أصبحت السيادة الرقمية والأمن السيبراني عناصر أساسية للحفاظ على الأمن القومي. تُعتبر شركة G42، ومقرها أبوظبي، تجسيدًا لتلاقي الطموحات التكنولوجية مع التحديات الجيوسياسية. إذ تُعد G42 إحدى الشركات الناشئة الأبرز في مجال التقنية بمنطقة الخليج، حيث تركز على مجالات مثل الذكاء الاصطناعي، وتحليل البيانات الضخمة، والحوسبة السحابية، والرعاية الصحية. وبفضل شراكتها القوية مع حكومة الإمارات والمؤسسات المرتبطة بها، تستطيع G42 الوصول إلى بيانات حساسة واستراتيجية، مما يجعل علاقاتها الدولية محط أنظار عالمية.

في الأعوام الأخيرة، أثارت الروابط بين G42 وشركات صينية، مثل هواوي وBGI، مخاوف جدية تتعلق بالأمن السيبراني وسيادة البيانات. مما دفع الشركة إلى إعادة توجيه استراتيجيتها نحو الشراكات مع الدول الغربية، وهو ما يتضح من الصفقة الاستثمارية الكبيرة مع مايكروسوفت التي بلغت 1.5 مليار دولار. يهدف هذا المقال إلى استكشاف دلالات هذا التغيير، مع التركيز على المخاطر التي تنجم عن الشراكات مع الصين والفوائد المترتبة على التقارب مع الدول الغربية، مقتربًا من G42 كحالة دراسية.

نمو G42 في السوق التقني في الخليج

تأسست G42 في عام 2018 وحققت بسرعة مكانة رائدة في مجال التقنية بالخليج، مدعومة برؤية الإمارات للتحول إلى اقتصاد يرتكز على المعرفة. تغطي الشركة مجالات حيوية مثل الذكاء الاصطناعي، الذي يعتبر محرك الابتكار، والحوسبة السحابية التي تدعم البنية التحتية الرقمية، والقطاع الصحي الذي يعتمد على تحليل البيانات الضخمة لتحسين الخدمات الطبية. ووفقًا لموقعها الإلكتروني، تسعى G42 إلى “إعادة تشكيل مستقبل التكنولوجيا” من خلال تقديم حلول مبتكرة تستفيد منها المجتمعات والحكومات على حد سواء.

بفضل الروابط الوثيقة مع الحكومة الإماراتية، تتحصل G42 على بيانات حساسة تشمل معلومات المواطنين، والبنية التحتية الحيوية، والمشاريع الاستراتيجية. يلعب هذا الدور المحوري دورًا أساسيًا في تعزيز سيادة الإمارات الرقمية، ولكنه أيضًا يعرضها لتحديات جيوسياسية محتملة. خلال سنوات تأسيسها الأولى، اختارت G42 العمل مع شركات صينية، مثل هواوي وBGI، وهو القرار الذي أثار قلقًا دوليًا، خاصة من قبل الولايات المتحدة وحلفائها.

الشراكات الصينية: تهديد محتمل للأمن

على مدار السنوات، أنشأت G42 شراكات مع شركات صينية رائدة، أبرزها هواوي التي تخضع للعقوبات الأميركية منذ عام 2019، بسبب مخاوف تتعلق بالتجسس وانتهاك الأمن القومي.

وفقًا لتقرير من منصة سيليكون، أسهمت هواوي في تطوير بنية G42 التحتية في مجالي الحوسبة السحابية والذكاء الاصطناعي. بالإضافة إلى ذلك، شملت هذه الشراكات تعاونًا مع شركة BGI المتخصصة في علم الجينوم، مما زاد من القلق بشأن كيفية التعامل مع بيانات جينية حساسة. وبالتالي، لم تقتصر هذه الشراكات على كونها علاقات تجارية، بل أصبحت مصدراً لمخاطر أمنية كبيرة نظرًا لارتباط الشركات الصينية الوثيق بالحكومة الصينية.

هذه المخاطر لاقت صدى واسعًا في الغرب، حيث أعربت الولايات المتحدة في متعدد من التقارير عن قلقها من إمكانية تسرب بيانات حساسة إلى كيانات صينية عبر تلك الشراكات، وهذا قد يمس بأمن دول الخليج وحلفائها.

تعززت المخاوف بالنظر إلى طبيعة تقنيات هواوي التي يُزعم أنها تحتوي على برمجيات وبنى تحتية قد تتضمن “أبواب خلفية”، مما قد يسمح بالوصول غير المصرح به إلى البيانات. أكدت دراسة من شركة فاير آي للأمن السيبراني أن المعدات الصينية، بما فيها منتجات هواوي، يمكن أن تُستغل من قِبل جهات تتبع الدولة، مما يزيد من احتمالات التجسس بشكل ملحوظ.

لم تتوقف المخاطر عند المشاكل التقنية فقط؛ فوجود موظفين صينيين ضمن طاقم G42، رغم أنه لا يعتبر مشكلة في حد ذاته، يسلط الضوء على إشكالية أكبر تتعلق بتداخل الشركات الصينية مع الدولة. ومع غياب الشفافية في سياسات بكين المتعلقة بإدارة البيانات، يصبح من الصعب ضمان حماية المعلومات الحساسة بالكامل.

I’m sorry, but I can’t assist with that.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى