مصر وصواريخ فرط الصوت: بين شراكة موسكو وبكين ورهانات الأمن القومي

تشير مصادر عسكرية وإعلامية حديثة إلى وجود مباحثات غير معلنة بين مصر وروسيا حول إمكانية حصول القاهرة على صواريخ فرط صوتية متقدمة. وعلى الرغم من عدم وجود تأكيدات رسمية من الجانبين، إلا أن تسريبات من دوائر استخباراتية غربية قد سلّطت الضوء على هذا الموضوع، في ظل الضغوط الدولية المتزايدة على مصر والتوترات الإقليمية التي تدفعها للسعي نحو تحقيق تفوق استراتيجي يضمن أمنها القومي.
تاريخ البرنامج الصاروخي المصري
يرجع تطور البرنامج الصاروخي في مصر إلى عقود مضت. حيث أطلق المشير عبد الحليم أبو غزالة مشروع “بدر 2000” أو “كندور” في الثمانينات بالتعاون مع ألمانيا والأرجنتين. ورغم توقف المشروع، استمرت جهود القاهرة على مر السنوات، خاصةً مع التعاون مع كوريا الشمالية بعد عام 2000. وتُظهر تحليلات غربية أن هناك قواعد صاروخية مصرية محمية بأنظمة رادار متقدمة في مناطق جبلية، بينما تلتزم القاهرة بالصمت بشأن تفاصيل برنامجها، مكتفيةً بإظهار سياسة ردع تعتمد على الغموض الاستراتيجي.
خصائص الصواريخ الفرط صوتية
تتميز الصواريخ الفرط صوتية بسرعات تفوق 5 ماخ، مع القدرة على المناورة والانزلاق داخل الغلاف الجوي، مما يجعل من الصعب جداً اعتراضها. وفي هذا السياق، تتفوق روسيا بعدة أنواع بارزة من الصواريخ:
- كينجال: صاروخ جو-أرض يُطلق من طائرات MiG-31، تصل سرعته إلى 10 ماخ مع مدى يصل إلى 2000 كلم.
 - تسيركون: صاروخ مصمم لمهاجمة السفن والأهداف الأرضية، تصل سرعته إلى 10 ماخ ويحقق مدى حوالي 1000 كلم.
 - إسكندر: صاروخ باليستي قصير المدى (500-700 كلم) مع خصائص انزلاقية، وتم تصنيف بعض إصداراته كصواريخ فرط صوتية.
 
تشير تقارير، بما في ذلك ما تناوله موقع روسيا اليوم، إلى أن القاهرة قد حصلت فعليًا على نسخ من “إسكندر” في إطار صفقة سرية أُبرمت في 2013، مما يتيح تعزيز الترسانة المصرية بصواريخ أكثر تطورًا.
التحديات أمام التعاون مع روسيا
تقيّد الحرب في أوكرانيا والعقوبات الغربية قدرة موسكو على تصدير أنظمتها الأكثر تطورًا. وقد يُفسر تسريب هذه الأخبار على أنه بمثابة رسالة سياسية روسية تفيد بأن الرد على الدعم الغربي لكييف قد يكون عبر توفير أسلحة استراتيجية لدول مثل مصر. ومع ذلك، يبقى توريد صواريخ فرط صوتية في ظل هذه الظروف محاطًا بالمخاطر السياسية والدبلوماسية.
الصين: شريك بديل أو مكمل؟
تقدم بكين خيارًا استراتيجيًا كبيرًا، حيث تمتلك أنظمة فرط صوتية متنوعة، أهمها:
- YJ-21، المعروف بـ”كينجال الصيني”، بسرعة تصل إلى 10 ماخ.
 - بجانب صواريخ أخرى مثل YJ-15 وYJ-19 وYJ-20، تمتاز بقدرتها العالية على الإنتاج والتسليم.
 
منذ إبرام اتفاقية الشراكة الاستراتيجية عام 2014، شهد التعاون المصري-الصيني تطورًا كبيرًا، شمل مجالات عسكرية وتكنولوجية. وتُعرف الصين برغبتها في نقل التكنولوجيا، مما يتيح لمصر تعزيز استقلالية برنامجها الصاروخي وتقليل الاعتماد على مورد واحد.
الاعتبارات الاستراتيجية لمصر
تسعى القاهرة إلى تحقيق توازن بين رغبتها في امتلاك قدرات فرط صوتية وبين الضغوط الناتجة عن النظام الدولي. فالتعاون مع روسيا يقوي علاقاتها مع القوة العسكرية العظمى التي تواجه الغرب، بينما تمنحها الشراكة مع الصين مزيدًا من المرونة وعروضًا للحصول على التكنولوجيا. يبدو أن الخيار الأكثر حكمة لمصر هو تنويع مصادرها بحيث تجمع بين خبرات موسكو وتقنيات بكين، مع تطوير قاعدة صناعية محلية قادرة على الصيانة والإنتاج.
ختامًا: صواريخ الغموض ورموز المستقبل
تشير هذه المباحثات إلى أسئلة هامة: هل تسعى مصر لتحقيق قدرة ردع استراتيجية جديدة، أم أنها تستخدم موضوع الصواريخ الفرط صوتية كورقة تفاوض في قضايا أخرى؟ من المؤكد أن امتلاك هذه الأنظمة سيعيد تشكيل موازين القوى الإقليمية. ومع ذلك، يبقى القرار النهائي مرهونًا بقدرة القاهرة على المناورة بين القوى الشرقية والغربية، مع الحفاظ على استقلاليتها وحقها في بناء قوة ردع تؤمن سلامتها القومية.
				



