
خاص – دفاع العرب
تسجل القاذفة الشبح B-2 Spirit دوراً بارزاً في معضلات الحرب الجوية الحديثة، فهي لا تمثل مجرد طائرة قادرة على تجاوز الدفاعات الجوية المتطورة، بل تعتبر منصة استراتيجية متكاملة مصممة لحمل طيف واسع من القنابل الذكية والأسلحة النووية ضمن المخزون الأميركي.
منذ دخولها الخدمة في التسعينيات، بات يتم ربط اسمها بالقوة المتمثلة في القدرة على تنفيذ ضربة استباقية حاسمة دون إنذار، مما يضع خياراتها النووية في مركز المحادثات العسكرية المتعلقة بالردع والتفوق في الأجواء.
القنابل النووية: أساس الردع الاستراتيجي
تستطيع B-2 Spirit حمل نوعين من القنابل النووية الموجهة: B61 وB83.
- B61: هي قنبلة تكتيكية يمكن تعديل قوتها التفجيرية (من عشرات الأطنان إلى مئات الكيلوطنات مقارنة بTNT)، مما يمنح واشنطن مرونة بالغة في استراتيجياتها النووية.
- B83: تُعتبر من أحدث القنابل النووية الثقيلة ولها قدرة تصل إلى 1.2 ميغاطن، مما يجعلها وسيلة ردع غير مسبوقة.
تعكس هذه الأنواع من الأسلحة النووية فكر الولايات المتحدة الذي يسعى لإبقاء الخصوم في حالة من الغموض حول احتماليات الرد.

القنابل التقليدية: دقة جراحية لاستهداف الأهداف
لا تنحصر صلاحيات B-2 في استخدام الأسلحة النووية فقط، بل تشمل أيضاً مجموعة من القنابل التقليدية الموجهة عبر نظامي الـGPS والليزر، ومن أهمها:
- GBU-31 JDAM (قنبلة 2000 رطل): تتميز بدقة عالية تصل إلى بضعة أمتار حتى في الأجواء غير المثالية.
- GBU-38 JDAM (قنبلة 500 رطل): تُعتبر مثالية لاستهداف الأغراض الصغيرة مع تقليل الأضرار الجانبية.
- GBU-57A/B MOP (Massive Ordnance Penetrator): تُعرف أيضاً بـ “القنبلة الخارقة للتحصينات” بوزن يتجاوز 13 طناً، وقد تم تصميمها لاختراق المخابئ النووية والمنشآت تحت الأرض.

هذه المجموعة تعزز قدرة الولايات المتحدة على تنفيذ ضربات دقيقة تستهدف مراكز القيادة والبنية التحتية الحيوية في أي نزاع.
القنابل العنقودية والأسلحة المتطورة
إلى جانب الأسلحة التقليدية، استُخدمت B-2 سابقاً لنقل قنابل عنقودية مثل CBU-87 وCBU-89، ولكن استعمالها تراجع نتيجة المخاوف الإنسانية التي نشأت عن استخدامها. كما خضعت القاذفة لاختبار نقل قنابل موجهة حديثة مثل GBU-39 Small Diameter Bomb، مما يسمح لها باستهداف عدد أكبر من الأهداف في مهمة واحدة بفضل حجمها الصغير ودقتها الرفيعة.
فلسفة التشغيل: من صربيا إلى أفغانستان
أظهرت B-2 Spirit كفاءتها في مجموعة من العمليات العسكرية:
- خلال حرب كوسوفو (1999)، حيث قامت بأول طلعاتها القتالية وألقت قنابل JDAM بدقة متناهية.
- في أفغانستان (2001)، نفذت مهام تتطلب الطيران لمسافات طويلة من القاعدة الأميركية في ميسوري إلى آسيا الوسطى.
- في العراق (2003)، ساهمت في دمار مراكز القيادة ومستودعات الذخيرة خلال بداية الغزو.
أسست هذه العمليات سمعتها كـ”سلاح الضربة الأولى” القادر على تغيير مجرى المعارك.
معادلة الردع اليوم: هل لا تزال B-2 قادرة على المنافسة أمام التحديات الحديثة؟
مع تطور الدفاعات الجوية الروسية والصينية مثل S-400 وHQ-9B، تتزايد التساؤلات حول قدرة B-2 على الحفاظ على تفوقها. ومع ذلك، يرى المحللون أن تنوع الذخائر التي تحملها، من النووية إلى الخارقة للتحصينات، يضمن استمرارها كسلاح استراتيجي حتى دخول خليفتها B-21 Raider حيز الخدمة.
تجسد B-2 Spirit فلسفة الردع الأميركية المبنية على عنصر المفاجأة والدقة والقدرة على توجيه الضربات الحاسمة. إن حمولتها ليست مجرد قنابل، بل تعبر عن رسالة سياسية وعسكرية تؤكد قدرة واشنطن على استهداف أي هدف في أي زمان ومكان. ومع الابتكارات التكنولوجية المرتقبة في المستقبل، يبقى السؤال: هل ستظل القنابل التقليدية والنووية التي تحملها هذه الطائرة كافية للحفاظ على التوازن الاستراتيجي، أم أن العالم يتجه نحو عصر جديد من الأسلحة الأسرع من الصوت وأنظمة الفضاء العسكري؟








