تجهيزات الجندي المقاتل: من البندقية إلى الأنظمة المتكاملة

العقيد الركن م. ظافر مراد
الجندي الشجاع هو الذي يثبت ويقاوم، وهو الذي يتقدم لينقض، وهو الذي يحمل الأعلام ويعلن عن الانتصار.
في عصر التكنولوجيا المتطورة في مجالات التسليح، ومع ظهور الطائرات المسيرة والصواريخ فائقة السرعة، يبقى الجندي ركيزة الحرب وأساس الانتصار. ومع ذلك، يواجه تجهيز الجندي في العديد من الجيوش العربية تجاهلاً كبيراً بينما يتم إنفاق مليارات الدولارات على الطائرات والدبابات والصواريخ وأنظمة الدفاع الجوي الحديثة. ليست الجيوش مجرد مظاهر احتفالية في مناسبات الاستقلال، أو ساحة لتنافس الشركات الكبرى في قطاع التسليح، وإنما تمثل استثمارًا في الأمن والدفاع. كل خطأ أو إهمال في هذا المجال قد يؤدي إلى هزائم فادحة في أول مواجهة مع العدو. لذا يجب على القادة وصناع القرار أن يدركوا تمامًا أهمية دور الجندي في المعارك الحديثة وضرورة تزويده بأحدث الأسلحة والمعدات العسكرية الفردية. ويجب أن يكونوا حذرين من العروض المغرية لكثير من المعدات العسكرية ذات الفعالية المحدودة، فالإهمال في هذا الأمر لا يتعلق فقط بالمسائل المالية بل هو قضية وطنية وإنسانية تهدد حياة الجنود في ساحة المعركة. هؤلاء الجنود هم من يعيشون الحقيقة الصعبة للحرب، ويستحقون كل اهتمام ورعاية.

الجندي الذي يخوض غمار الحرب ينبغي أن يحصل على أفضل التجهيزات القتالية مهما كانت التكلفة، ونحن هنا لا نتحدث عن تكنولوجيا متطورة فحسب، بل عن الأساسيات مثل البندقية والمسدس، الخوذة، الزي القتالي، الدرع الواقي والأحذية العسكرية. فما هي الخيارات المتاحة لأفضل التجهيزات القتالية؟ تقدم دفاع العرب خيارات عدة قد تكون مرجعًا للقوات المسلحة في الدول العربية.
- البندقية تشكل العنصر الأهم في لحظات الاشتباك الناري مع العدو. وعند اختيارها، يجب أن نأخذ في الاعتبار مجموعة من العوامل، منها: سهولة الاستخدام، المرونة في الحركة، خفة الوزن، دقة التصويب، القدرة على إطلاق النار بكثافة، مدى الفعالية، التحمل للصدمات، مقاومة العوامل البيئية مثل الماء والغبار ودرجات الحرارة المرتفعة، وأخيرًا، سهولة الصيانة.
 
تأتي بندقية SIG Sauer MCX Spear (M5) الأمريكية في الطليعة، فهي عيار 6.8 ملم (جار اعتماد هذا العيار الجديدة لجعلها تجمع بين مدى أبعد وقدرة اختراق أكبر وتأثير فعّال على جسم العدو)، وهي مزودة بمنظار ذكي، سهلة الاستخدام وتتميز بغزارة النيران، حيث بدأ الجيش الأمريكي بتسليح وحداته بها منذ العام 2024.

في المرتبة الثانية تأتي بندقية Heckler & Koch HK416 الألمانية، التي أثبتت كفاءتها العالية في عدة حروب وصراعات، وهي عيار 5.56 ملم، مستخدمة في وحدات الناتو القتالية وتم اعتمادها مؤخرًا في الجيش الفرنسي بدلاً من بندقية FAMAS، بالإضافة إلى استخدامها من قبل وحدات القوات الخاصة في ألمانيا والنرويج.

الخيار الثالث هو بندقية كلاشنكوف AK-12 الروسية، وهي خيار يُفضل في الدول التي تستعمل الأسلحة الشرقية؛ تتميز بسعرها المنخفض نسبيًا، وتجمع كافة المواصفات المطلوبة لتقديم أداء قتالي مميز، كما تتفوق على نظرائها الغربيين من حيث سهولة الاستخدام والتحمل للصدمات، لكنها أقل دقة على المسافات الطويلة. عيارها 5.45 ملم، ومزودة بمنظار تكتيكي، وهي مثالية للاقتحامات والنزالات القريبة، وقد أثبتت كفاءتها العالية في الحرب الروسية الأوكرانية.

- يعتبر المسدس أداة مساندة للقدرات النارية للجندي، وهو في بعض الأحيان قد يكون مفتاحًا لإنقاذ حياته. على الرغم من أن…
 
لا يمكن تجاهل أهمية اختيار المسدس المناسب، حيث إنه قد يكون الفارق بين الحياة والموت في اللحظات الحرجة، رغم أن استخدام البندقية يعتبر أكثر شيوعاً. ومن بين الخيارات المتاحة، يبرز مسدس Glock-17 أو Glock-19، الذي يُعتبر من أفضل الموديلات الموجودة في السوق، وقد تم تصنيعه في النمسا.
في سياق القتال، يحتاج الفرد إلى بزة عسكرية تتناسب مع بيئة المعركة وتوفر التمويه الفعال. يجب أن تؤمن هذه البزة حرية الحركة دون عوائق، مما يمكن المقاتل من التفاعل بشكل سريع مع المواقف المختلفة، مثل الركض والقفز والانبطاح. يُفضل استخدام أقمشة ناعمة ومتينة مع قدرة على تحمل الصدمات والحرارة العالية، بحيث لا تلتصق بالجسم في حال الإصابة. ويعتبر زي Crye Precision G3 Combat Uniform الأمريكي الخيار الأول بين قوات النخبة.
أما بشأن الدروع الواقية، فهي تتنوع في تصاميمها، لكن من الضروري أن تكون خفيفة الوزن وتوفر حماية كافية من الشظايا والرصاص من مسافات قريبة. في هذا الإطار، نلاحظ أن درع Army Improved Outer Tactical Vest-IOTV الأمريكي هو الخيار الأكثر شيوعاً، حيث يلبي جميع المعايير المطلوبة.
بدلاً من ذلك، يتفوق البديل الأوروبي T-PC Thor Plate Carrier بوزنه الخفيف وقدرته على التكيف. يوفر هذا الدرع حماية من الشظايا والذخائر، ويستخدم في قوات الناتو. كما يساهم في الحماية من الحرارة الشديدة.
في سياق الخوذات، تعتبر خوذة Ops-Core FAST SF/FAST XP الأمريكية الخيار الأمثل للقوات الخاصة. حيث تتيح حرية الحركة بفضل تصميمها الخفيف. أما بالنسبة للقوات التقليدية، فإن خوذة ACH-Advanced Combat Helmet تُعد أيضاً خياراً جيداً، حيث توفر تغطية شاملة للرأس، وهناك نسخة مطورة تُعرف باسم MICH 2000 تتولى مكانها تدريجياً.
وأخيراً، تحتل الأحذية القتالية مكانة مهمة أيضاً، حيث يجب أن توفر خفة ومرونة بالإضافة إلى متانة عالية. من بين الخيارات المتاحة، يأتي حذاء Lowa Zephyr GTX Mid TF بتصميم أوروبي مُعتَبَر من الأفضل، ويُستخدم بشكل واسع من قبل القوات البريطانية والألمانية لراحته وخفته.

الخيار الثاني الذي نتحدث عنه هو Salomon Quest 4D GTX Forces، الذي يتميز بتصميمه الأوروبي ومواصفاته المميزة. هذا الحذاء مُعتمد على نطاق واسع من قبل الجيش الأمريكي والعديد من قوات النخبة الأوروبية، وهو مثالي للحركة السريعة، مما يجعله الأكثر رواجًا بين وحدات النخبة عالميًا.

يحتاج المقاتل إلى العديد من التجهيزات خلال المعركة، مثل أجهزة الرؤية الليلية، النظارات الواقية، والقفازات التكتيكية، بالإضافة إلى أجهزة الاتصال والضمادات الفردية. تسعى الدول الكبرى إلى تطوير أنظمة قتال متكاملة لعناصر المشاة وقوات النخبة، مما يجعل الجندي جزءًا من وحدة قتال حديثة، تعمل بانسجام وتنسيق في ساحة المعركة. ومن أبرز الأنظمة والتقنيات المتاحة ما يلي:
- نظام Ratnik الروسي (Ратник): يُستخدم حاليًا في وحدات النخبة الروسية وبعض وحدات المشاة، ويتضمن خوذة واقية مزودة بنظام رؤية ليلي ونهاري، ودرع يحمي من مخاطر مختلفة، بالإضافة إلى زي قتالي مزود بأنظمة تحميل متنوعة، وأجهزة اتصالات مشفرة، وترابط مع نظام القيادة والسيطرة، مع أسلحة مثل AK-12 وAK-74M. هذا النظام في طور التطوير ليشمل خوذة مزودة بشاشة عرض بيانات بالإضافة إلى هيكل خارجي آلي لدعم الحركة وحمل الأوزان، مع إمكانية الربط المباشر مع الطائرات بدون طيار والمستشعرات.
 

- النظام الفرنسي FELIN (Fantassin à Équipements et Liaisons Intégrés): تعمل فرنسا على تطوير هذا النظام لكل وحداتها من المشاة وقوات النخبة. يتألف من خوذة مزودة بكاميرا ليلية ونهارية وقادرة على البث المباشر، ونظارات للرؤية الليلية، ودرع خفيف الوزن، ونظام اتصالات متصل بالقيادة العليا، وحاسوب محمول صغير لعرض الخرائط الرقمية، مع بندقية HK416F.
 

- النظام الأمريكي – IVAS (Integrated Visual Augmentation System) Nett Warrior: هو نظام حاسوبي يعرض الخرائط والبيانات مباشرة على نظارات الجندي، ويتميز بإمكانية الرؤية الليلية والحرارية، متصل بشبكة مع القيادات المباشرة والعليا، مع التركيز على الوعي اللحظي والتنسيق مع القوات الجوية والمدفعية.
 

- النظام البريطاني FIST (Future Integrated Soldier Technology): يتضمن هذا النظام خوذة مزودة بمستشعرات بصرية وليلية، وسترة واقية خفيفة الوزن مع إمكانية إضافة صفائح إضافية، وأجهزة اتصال متطورة تربط الجندي بالقائد مباشرة، وأجهزة ملاحة GPS محمولة، مع بندقية SA80A2/A3.
 

- النظام الصيني QTS-11 & Integrated Soldier System: يشبه هذا المشروع الأنظمة الغربية، حيث تعتمد ميزته الأساسية على سلاح يجمع بين بندقية حديثة وقاذف قنابل ذكي، ويشمل أيضًا خوذة مزودة برؤية ليلية ونهارية، وأنظمة ملاحة واتصالات مشفرة، وسترة واقية متطورة، بالإضافة إلى أجهزة استشعار لقياس حالة الجنود مثل النبض ودرجة الحرارة، مع إمكانية تطوير هيكل خارجي آلي لتقليل الأعباء.
 
تُعادل تكلفة التجهيز في الظروف العادية راتب الجندي لمدة عام كامل، مما يدل على أن الجيوش الحديثة تعتبر الجندي استثمارًا يجمع بين التكنولوجيا والموارد البشرية. إن تجهيز الجنود المقاتلين لا يقتصر فقط على كفاءة تلك المعدات، بل يعكس أيضًا أثرًا نفسيًا إيجابيًا على معنوياتهم خلال المعارك، حيث يحتاج الجندي إلى الثقة في عتاده بقدر ما يحتاج إلى الثقة في قادته العسكريين.
				


