دور التكنولوجيا الإسرائيلية في هجوم الدوحة – الجزء الثاني (المقاتلات المتقدمة)

أ.د. غادة محمد عامر
خبير في الذكاء الاصطناعي – مركز المعلومات واتخاذ القرار – رئاسة مجلس الوزراء
زميل ومحاضر – الأكاديمية العسكرية للدراسات العليا والاستراتيجية
في الجزء الأول من المقال تناولنا تقنية معروفة استخدمت في الهجوم المفاجئ على قطر، وهي الصواريخ الباليستية التي تطير في الأجواء العليا أو حتى في الفضاء، ثم تهبط بسرعات تفوق سرعة الصوت. في هذا الجزء (الثاني)، سنستعرض المقاتلات المتطورة التي يُعتقد أن إسرائيل استعملتها خلال نفس الهجوم.
إن اختفاء الطائرات الإسرائيلية عن رادارات قطر يعود لعدة تقنيات واستراتيجيات تتبعها القوات الجوية. بحسب معلومات من مصادر إسرائيلية نقلتها شبكة CNN، تبيّن أن الهجوم تضمن أكثر من 10 مقاتلات أطلقت ذخائر دقيقة على هدف واحد. وقد تطلب هذا الأمر تزويد الطائرات بالوقود في الجو لتحقيق الوصول إلى قطر، مما يبرز حجم وتعقيد العملية.
يعتقد الخبراء العسكريون أن إسرائيل استخدمت طائراتها الشبحية من نوع “F-35I Adir”، التي صممت لتنفيذ ضربات عميقة. فهذه الطائرات قادرة على تجنب الرادار وإطلاق الذخائر الدقيقة من مسافات بعيدة دون الدخول في المجال الجوي المعادي. طائرة F-35I “أدير” هي النسخة المعدلة الإسرائيلية من الطائرة الشبحية متعددة المهام “إف-35”، والتي طورتها شركة “لوكهيد مارتن”. تتمتع “أدير”، التي تعني “القوي” بالعبرية، بأنظمة حرب إلكترونية مصنوعة في إسرائيل، وتتكامل مع أسلحة متعددة وتعديلات برمجية لأداء مهام متعددة. تم تصميمها لضربات عميقة، مما سمح لها بالتنقل عبر المجال الجوي الإقليمي دون أن تُكتشف. تعتبر هذه الطائرة واحدة من الأكثر تطورًا عالميًا، حيث تحتوي على ميزات تكنولوجية متقدمة تساعد في التخفي، مثل التصميم الشبحي الذي يحد من البصمة الرادارية، فضلاً عن الهيكل الانسيابي والأجنحة المائلة التي تقلل من الانعكاسات. كما أن الزوايا الخاصة في تصميمها تساعد على توجيه الموجات الرادارية بعيدًا عن مصدرها، مما يجعل من الصعب اكتشافها، خاصة عند إطلاق الصواريخ البعيدة المدى. وتمتاز الطائرة أيضًا بطلاء خاص يمتص الموجات الرادارية، مما يقلل من إمكانية اكتشافها. وتحتوي على أنظمة تشويش إلكترونية متقدمة تجعل من الصعب على الرادارات تحديد مكانها أو تتبعها، كما يمكنها التحليق على ارتفاعات منخفضة مع الاستفادة من التضاريس لتجنب الكشف، مما يزيد من فرص نجاح مهامها. بالإضافة إلى ذلك، فإنها مزودة بأنظمة استشعار متطورة توفر معلومات في الوقت الحقيقي، مما يساعد الطيارين على اتخاذ قرارات استراتيجية دون الاقتراب من الأهداف. كما تمتلك أنظمة تحكم متقدمة لتحسين المناورة وتقليل احتمالية الكشف، وتستطيع التواصل مع طائرات أخرى وأنظمة أرضية، مما يعزز فعالية العمليات المشتركة ويقلل من فرص الاكتشاف. لذلك، تعتبر طائرة F-35I “أدير” واحدة من الطائرات الرائدة في مجال التخفي والتكنولوجيا العسكرية، مما يجعلها أداة قوية في ترسانة سلاح الجو الإسرائيلي.
يُعتقد أيضًا أن مقاتلات F-15I Ra’am رافقت طائرات F-35I “أدير” خلال الغارة على قطر لتوفير الحماية لها من الاعتراض. F-15I “رآم” هي مقاتلة هجومية بعيدة المدى ضُبطت لتناسب سلاح الجو الإسرائيلي، حيث يمكنها حمل أحمال ثقيلة وتقديم غطاء جوي. كما أن الطائرة مزودة بخزانات وقود خارجية ومسلحة بصواريخ قادرة على الضرب من خارج المجال الجوي. طائرة F-15I “رآم” هي نسخة مطورة من طائرة F-15 الأمريكية، وقد تم تصميمها لتلبية احتياجات القوات الجوية الإسرائيلية. رغم أن طائرات F-15 ليست مصممة بشكل جوهري كطائرات شبح، إلا أن F-15I “رآم” تم تطويرها في إسرائيل لتضم ميزات تكنولوجية تسهم في تخفيها، مثل الهيكل الانسيابي الذي يقلل من البصمة الرادارية. كما تم تعديل تصميم الأجنحة لتحسين الأداء الجوي وتقليل الانعكاسات الرادارية. بالإضافة إلى استخدام مواد خاصة في تصنيع الطائرة لتقليل بصمتها، مثل المواد الماصة للرادار التي تمنع الانعكاس. تحتوي الطائرة على أنظمة تشويش إلكترونية متطورة تساعد على تعطيل رادارات العدو، مما يجعل من الصعب اكتشافها وتتبعها. كما تضم أنظمة استشعار متقدمة تجمع معلومات استخباراتية دون الحاجة إلى الاقتراب من الأهداف. وتساعد الأنظمة المتطورة للتحكم في تحسين المناورة وتقليل احتمالية الكشف.
في الجزء الثالث والأخير، سنناقش دور تقنية الذكاء الاصطناعي والملخص التحليلي للتكنولوجيا المستخدمة في هذا الهجوم المفاجئ وكيف تؤثر هذه التطورات على مجريات الحروب.



