
خاص – دفاع العرب
أفادت تقارير صحفية تركية ومصادر صناعية موثوقة أن هناك مفاوضات جارية بين شركة “روكيتسان”، إحدى الشركات الرائدة في صناعة الصواريخ، والحكومة المصرية. تدور تلك المفاوضات حول إنشاء مصنع مشترك لإنتاج الصواريخ في مصر، وتحديدًا في المنطقة الاقتصادية لقناة السويس.
وعلى الرغم من عدم صدور أي تصريحات رسمية من الحكومتين المصرية والتركية، فإن التطورات السريعة في العلاقات السياسية والتعاون الاقتصادي بين البلدين تعزز من مصداقية هذه المعلومات، وتشير إلى إمكانية شراكة غير مسبوقة.
العلاقات المصرية التركية: تجليات التوتر والمصالح الاستراتيجية
بعد عشرة أعوام من التوتر الذي بدأ في 2013، بدأت العلاقات بين مصر وتركيا بالتغير نحو التهدئة والتفاهم. وقد تجسد ذلك من خلال إعادة تبادل السفراء في عام 2023 وزيادة الاجتماعات العليا الاقتصادية. يبدو أن كلا الطرفين يسعيان لتعزيز المصالح المشتركة والتغلب على العقبات الإقليمية التي لطالما أثرت عليهما.
مشروع “روكيتسان” في مصر: تفاصيل مثيرة
تشير المعلومات إلى أن المشروع المزمع إنشاؤه في المنطقة الاقتصادية لقناة السويس يهدف إلى الاستفادة من مزاياها الاستثمارية وموقعها الاستراتيجي. يُتوقع أن يركز المصنع في البداية على إنتاج صواريخ تكتيكية معينة، مع إمكانية تصنيع صواريخ مضادة للدروع، مثل صاروخ “OMTAS” أو راجمات الصواريخ الأخرى التي أثبتت جدارتها ضمن مجموعة “روكيتسان”.

الاعتبارات التركية: عمق استراتيجي وسوق حيوية
يمثل هذا المشروع خطوة محورية في استراتيجية تركيا لتعزيز وجودها في سوق الصناعات الدفاعية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. فمصر ليست فقط سوقًا كبيرًا في هذا القطاع، بل تُعتبر نقطة انطلاق استراتيجية نحو القارة الإفريقية. وعقد شراكة مع دولة مثل مصر يعزز من مكانة الصناعة التركية كمصدر للتكنولوجيا المتطورة بدلاً من كونها مجرد مزود للمعدات العسكرية.
الفوائد لمصر: توطين التكنولوجيا وتعزيز القدرات
إذا تحقق هذا التعاون، فإنه سيمثل خطوة أساسية نحو توطين تكنولوجيا الذخائر الموجهة في مصر، وهو هدف رئيسي من أجل تقليل الاعتماد على الخارج وتعزيز القدرات العسكرية. سيوفر المصنع فرص عمل متخصصة، بالإضافة إلى تدريب الكوادر المحلية على التكنولوجيا المتقدمة، مع إمكانية نقل بعض أنشطة البحث والتطوير إلى مصر في المستقبل.
التفاعلات الإقليمية: ديناميات متجددة
من المحتمل أن يُثير هذا التقارب العسكري بين مصر وتركيا انتباه بعض القوى الإقليمية مثل إسرائيل واليونان. يأتي هذا في سياق تعزيز تركيا لنفوذها في شرق المتوسط وزيادة صادراتها الدفاعية. قد يُعتبر هذا المشروع عنصرًا رئيسيًا يمكن أن يُحدث تغييرات في موازين القوة في المنطقة ويقلل من نفوذ الدول الغربية في سوق الأسلحة.
التحديات السياسية والفنية: عقبات محتملة
على الرغم من المؤشرات الإيجابية، تبقى هناك تحديات تهدد سير المشروع، بما في ذلك الخلافات السياسية المستمرة حول قضايا إقليمية مثل الملف الليبي. إضافة إلى ذلك، فإن نقل التكنولوجيا العسكرية يعتبر مسألة حساسة تتطلب الانتباه لاعتبارات الأمن القومي والعمليات البيروقراطية، مما قد يؤدي إلى تأخير المفاوضات أو تغيير طبيعة الشراكة.
براغماتية المصالح ترسم ملامح المستقبل
تشير مفاوضات “روكيتسان” في مصر إلى تحول في الجغرافيا السياسية للمنطقة، حيث يسيطر الحوار حول المصالح المشتركة على النزاعات الأيديولوجية. السؤال المطروح هو: هل ستؤدي هذه الشراكة الصناعية إلى تأسيس تحالف دفاعي أكبر، أم ستقف الحدود السياسية عائقًا أمام طموحات الطرفين؟ الإجابة تكمن في قدرة صانعي القرار في كلا الجانبين على بناء شراكة استراتيجية قائمة على الثقة ورؤية طويلة الأمد.








