
خاص – دفاع العرب
شهدت تكنولوجيا القتال الجوي قفزات هائلة خلال العقود الماضية، ومعها تطورت مهام قاذفات القنابل بشكل جذري. لم تعد هذه الطائرات مجرد “شاحنات طائرة” مخصصة لإلقاء المتفجرات فحسب، بل تحولت اليوم إلى أدوات بالغة الدقة تضمن التفوق الاستراتيجي.
أصبحت القاذفات الحديثة قادرة على ضرب أهدافها في عمق أراضي العدو دون اكتشافها، حاملةً ترسانة متنوعة من الذخائر الذكية، وصواريخ كروز، والصواريخ الهجومية فرط صوتية، وحتى الأسلحة النووية.
في ظل التنافس الجيوسياسي المتصاعد، تستثمر القوى الكبرى في تطوير قاذفات تجمع بين قدرات التخفي (الشبحية)، والمدى البعيد، والتسليح المتعدد. هذا المزيج يجعلها ركيزة أساسية في ميزان الردع العالمي.

1. القاذفة الأمريكية B-21 Raider: الرائد القادم للجيل السادس
تمثل القاذفة B-21 Raider مستقبل القصف الاستراتيجي بامتياز. صُممت لتكون قاذفة شبحية من الجيل السادس، مع التركيز على قدرتها على اختراق أقوى أنظمة الدفاع الجوي عالميًا. تجمع هذه الطائرة بين أقصى درجات الشبحية، وتقنيات الذكاء الاصطناعي المتقدمة، والقدرة على حمل الأسلحة التقليدية والنووية على حد سواء.
- نقطة قوة: تصميم فائق الشبحية، مدى تشغيلي طويل، وقدرات هجومية متطورة.
- الشركة المصنعة: نورثروب جرومان – الولايات المتحدة.
- تاريخ الدخول المتوقع للخدمة: عام 2029.

2. القاذفة B-2 Spirit: شبح غير مرئي في سماء المعارك
حافظت القاذفة B-2 Spirit على هيمنتها لعقود كأكثر القاذفات الشبحية تقدمًا في العالم. بفضل تصميم “الجناح الطائر” وطلائها الماص للرادار، تستطيع هذه الطائرة التحليق دون أن تُكتشف، حاملةً أسلحة نووية أو تقليدية لضرب الأهداف الاستراتيجية.
- سجل العمليات: شاركت بنجاح في حروب العراق، ليبيا، وأفغانستان، إضافة إلى عمليات حديثة في إيران.
- قدرة التخفي: بصمتها الرادارية تشبه طائرًا صغيرًا أو حتى حشرة، مما يجعل رصدها تحديًا كبيرًا.
- التحدي الأبرز: ارتفاع تكاليف الصيانة والتشغيل.

3. القاذفة الروسية PAK DA: الجيل الجديد
تُعد PAK DA المشروع الروسي المستقبلي لتطوير قاذفة شبحية بعيدة المدى، تهدف إلى تجاوز الطرازات القديمة مثل Tu-95. يتميز تصميمها بكونه “جناحًا طائرًا”، ويُتوقع أن تتمتع بقدرة على التحليق لمدة 30 ساعة متواصلة، مما يمكنها من الوصول إلى أي نقطة على مستوى العالم.
- المدى: 12,000 كيلومتر.
- الهدف الاستراتيجي: ستعوض قاذفات Tu-95 وسترافق قاذفات Tu-160M2.
- الوضع الحالي: لا يزال أول تحليق لها يتأجل باستمرار حتى نهاية عام 2025.

4. القاذفة Tu-160M2: ملكة السماء الروسية.. الأسرع والأثقل
تحمل القاذفة Tu-160M2 لقب أكبر وأثقل قاذفة قنابل في العالم، كما أنها أسرع قاذفة نشطة حاليًا. تمثل هذه الطائرة عودة روسيا القوية لإنتاج قاذفات تفوق سرعة الصوت، مزودة بأحدث الأسلحة مثل صواريخ Kh-101 وKh-102، ومع خطط مستقبلية لحمل صواريخ فرط صوتية.
- الحمولة الداخلية: تصل إلى 40 طنًا.
- السرعة: تتجاوز ماخ 2.
- الاستخدام الحالي: تُستخدم بفعالية في توجيه الضربات في أوكرانيا.

5. القاذفة B-1B Lancer: الحصان الأمريكي العجوز الذي لا يشيخ
على الرغم من عمرها التشغيلي، تواصل القاذفة B-1B Lancer أداء مهامها الاستراتيجية بكفاءة عالية. تتميز هذه الطائرة بتصميم الأجنحة المتغيرة، مما يمنحها قدرات مناورة استثنائية، وسرعة عالية، ومدى طيران طويل.
- أكبر حمولة تقليدية: تحمل أكبر حمولة ذخائر تقليدية في سلاح الجو الأمريكي، تصل إلى 57 طنًا.
- السرعة: 1.25 ماخ.
- الوحدات النشطة: 45 قاذفة.

6. القاذفة الصينية H-20: الشبح القادم من الشرق
تعتبر H-20 أول قاذفة استراتيجية شبحية صينية، وتشبه في تصميمها الخارجي القاذفة B-2، ولكنها تعتمد على تقنيات صينية بالكامل. يهدف تطويرها إلى تزويد الصين بقدرة هجومية عالمية المدى.
- المدى: 8,500 كم بدون الحاجة للتزود بالوقود جوًا.
- الحمولة: تتراوح بين 10 و40 طنًا.
- نقص المعلومات: التفاصيل حول هذا البرنامج قليلة جدًا بفضل السرية الصينية المشددة.

7. القاذفة الروسية Tu-22M3M: عودة البجعة بصيغة حديثة
تُعد Tu-22M3M نسخة مطورة ومحدثة من القاذفة السوفيتية Tu-22M3. تشمل التحديثات إلكترونيات طيران متطورة، وتحسينات في التسليح، والأهم من ذلك، استعادة قدرتها على التزود بالوقود جوًا. تُستخدم هذه القاذفة بشكل أساسي لإطلاق صواريخ Kh-32، ومن المتوقع أن تحمل صواريخ “كينجال” فرط صوتية مستقبلًا.
- السرعة: تفوق سرعة الصوت.
- المدى: بعيد جدًا بفضل قدرتها على التزود بالوقود جوًا.
- عدد الطائرات المتاحة: حوالي 57 قاذفة، مع عدد محدود منها تم تحديثه إلى النسخة M3M.
تُبرز هذه القائمة بوضوح كيف تحولت قاذفات القنابل لتصبح أدوات استراتيجية بالغة التعقيد، تخدم أهداف الردع النووي وتُنفذ ضربات دقيقة في الصراعات الحديثة. من قدرات التخفي الفائقة إلى الذكاء الاصطناعي، ومن السرعة الفائقة إلى الحمولة الضخمة، تعكس هذه الطائرات السباق المحموم للسيطرة على الأجواء.
فهل ستظل قاذفات القنابل عنصرًا حاسمًا في حروب المستقبل، أم أن الطائرات المسيّرة والصواريخ الذكية ستستولي على المشهد؟ الأيام وحدها كفيلة بالإجابة على هذا السؤال المحوري.




