
قامت فرنسا باتخاذ خطوة جريئة للاستحواذ على 80% من حصة مشروع “نظام القتال الجوي المستقبلي” (FCAS)، والذي يجمع بين كل من فرنسا وألمانيا وإسبانيا. تعتبر هذه الخطوة بمثابة تغيير جذري قد ينهي معايير الشراكة المتساوية التي كانت متبعة لفترة طويلة بين الدول والشركات المعنية.
تظهر هذه المستجدات في سياق صراعات مستمرة داخل كونسورتيوم FCAS، خاصةً بين شركتي داسو الفرنسية وإيرباص، التي تمثل المصالح الألمانية والإسبانية. تدور الخلافات بشكل رئيسي حول كيفية توزيع المسؤوليات المتعلقة بتطوير مقاتلة “الجيل التالي” (NGF)، التي تشكل العنصر الأساسي في مشروع FCAS.
وفي تصريحاته الأخيرة، كشف إريك ترابييه، المدير التنفيذي لشركة داسو، عن قدرة شركته على تصميم مقاتلة من الجيل السادس بشكل مستقل، دون الحاجة إلى أي شركاء خارجيين. كما أعرب ترابييه عن خيبة أمله من النقص في الشفافية في إدارة المشروع، إضافة إلى الهيكل الحالي للبرنامج الفرعي NGF، وذلك خلال مشاركته في معرض باريس الجوي. وحذر قائلاً: “لدينا الكفاءة والخبرة للقيام بذلك بمفردنا”، مشيراً إلى احتمال انسحاب داسو من البرنامج إذا لم يتم تعزيز دورها.
في المقابل، تقدم الحكومة الفرنسية دعماً قوياً لموقف داسو، حيث أوضح مسؤولون في باريس أنهم سيطلبون من وزارة الدفاع الألمانية تخصيص 80% من أعمال الإنتاج للمقاتلة الجديدة. إذا تمت الموافقة على هذا الطلب، فإن ذلك سيؤدي إلى إلغاء الاتفاقات السابقة التي كانت تضمن توزيع الأدوار بصورة متساوية بين الدول الثلاث.
ستؤدي هذه الخطوة إلى إضعاف دور إيرباص بشكل ملحوظ في قطاع NGF. في الوقت الحالي، تتحمل فرق إيرباص من ألمانيا وإسبانيا مسؤوليات مهمة ضمن عقد قيمته 3.2 مليار يورو تم توقيعه مع داسو في ديسمبر 2022. وهذا العقد قد شهد انطلاق المرحلة الأولى التي تركز على تطوير نموذج تجريبي وإجراء الاختبارات الأرضية. ومع ذلك، لم تبدأ المرحلة الثانية، المتعلقة بتطوير نماذج طيران أولية، بسبب استمرار النزاعات الداخلية.
كما أشار ترابييه إلى أن داسو لا تمتلك حالياً سوى ثلث الأصوات في مشروع تطوير NGF، بينما تحتفظ إيرباص بثلثي الأصوات، وهو ما يعتبر اختلالًا يؤدي إلى صراعات في توزيع المهام. في أبريل 2025، أفادت مصادر بتزايد التوترات بين داسو وإيرباص، مما يشير إلى مرحلة جديدة من العلاقات المتوترة بين الشركتين. كما انتقد مسؤولون فرنسيون التأخيرات في البرنامج، مما يوحي بأن التعاون المتعدد الجنسيات قد يواجه صعوبة في الالتزام بالجدول الزمني الأصلي.








