
تكشف القيود القاسية المفروضة من قبل الصين على تصدير المغناطيسات المقاومة للحرارة عن ضعف حاد في سلسلة إمداد الجيش الأمريكي.
تعتمد الولايات المتحدة وحلفاؤها في أوروبا بشكل كبير على هذه المغناطيسات لاستعادة مخزونات الأسلحة المتآكلة نتيجة النزاعات في أوكرانيا وغزة.
على مدار أكثر من عشرة أعوام، عانت واشنطن من الفشل في إيجاد مصادر بديلة للمعادن الأرضية النادرة التي تمدها الصين، وهي مواد أساسية لصناعة المغناطيسات المستخدمة في الصواريخ والطائرات المقاتلة والقنابل الذكية ومعدات عسكرية حساسة أخرى.

يُعتبر السماريوم واحدًا من أهم هذه المعادن النادرة، حيث تستحوذ الصين تقريبًا على الاستخدام الكامل له في التطبيقات العسكرية المتقدمة. يُعرف هذا المغناطيس بقدرته الاستثنائية على التحمل في درجات حرارة مرتفعة دون فقدان خصائصه، مما يجعله عنصرًا حيوياً للمحركات الكهربائية عالية السرعة، خصوصاً في المساحات الضيقة مثل مقدمة الصواريخ.
في الرابع من أبريل، أعلنت بكين عن توقيف تصدير سبعة أنواع من المعادن الأرضية النادرة، بما في ذلك المغناطيسات المصنعة منها. وأشارت إلى أن هذه المواد تُستخدم لأغراض عسكرية ومدنية، ولا يمكن تصديرها إلا بعد الحصول على تراخيص خاصة. وقد صرحت وزارة التجارة الصينية أن هذه الخطوة تهدف إلى “حماية الأمن القومي” و”الوفاء بالالتزامات الدولية”.
تزامن ذلك مع بدء جولة جديدة من المحادثات التجارية في لندن بين المسؤولين الأمريكيين والصينيين، والتي تركز على استعادة تدفق هذه المواد الحيوية. على الرغم من أهمية هذه القضية بالنسبة لواشنطن، إلا أن المراقبين ليسوا متفائلين بشأن إمكانية تراجع الصين عن نظام التراخيص الجديد.
تعتبر شركة لوكهيد مارتن من بين أكبر مستخدمي السماريوم في الولايات المتحدة، حيث تستخدم حوالي 50 رطلاً من مغناطيساته في كل طائرة مقاتلة F-35. وعلقت الشركة قائلةً: “نُقيّم باستمرار سلسلة التوريد العالمية لضمان الحصول على المواد الحيوية لدعم مهام عملائنا، ونُحيل الأسئلة المتعلقة بالموضوع إلى الحكومة الأمريكية”.
أدى تعليق صادرات السماريوم خلال الشهرين الماضيين إلى تعقيد جهود واشنطن وحلفائها في أوروبا لبناء ترساناتهم، التي تآكلت نتيجة الدعم العسكري المستمر لأوكرانيا وإسرائيل خلال الحرب في غزة.
بالتوازي، فرضت الصين عقوبات على عدد من المتعاقدين العسكريين الأمريكيين بسبب علاقاتهم بتايوان، مما منع الشركات الصينية والأفراد من التعامل المالي معهم. في حين أن هذه العقوبات لم تؤثر سابقًا على إنتاج السماريوم بشكل مباشر، فإن القيود الجديدة تتطلب إصدار تراخيص تصدير بناءً على “المستخدم النهائي”، مما يعني أن المتعاقدين العسكريين أصبحوا تحت الرقابة.
لم يكن القلق حول الاعتماد على الصين في تأمين السماريوم أمراً جديداً؛ فمنذ سبعينيات القرن الماضي، كانت الجيوش الغربية تعتمد على مصنع في لاروشيل في فرنسا لتكرير السماريوم المستخرج من أستراليا. ولكن المصنع تم إغلاقه عام 1994 لأسباب بيئية، فضلاً عن عدم قدرته على منافسة الأسعار المنخفضة التي تقدمها الصين، لاسيما من مصانع الإنتاج الضخمة الموجودة في مدينة باوتو في منغوليا الداخلية.








