العقيد الركن م. ظافر مرادمقالات رأي

الهجوم الصاروخي الإيراني على قاعدة العديد الأميركية: رسالة سلام ومفترق طرق

العقيد الركن م. ظافر مراد

جاء الهجوم الصاروخي الإيراني على قاعدة العديد الأميركية في قطر، ليفرض نمطاً جديداً في الصراع يحمل في طياته تناقضات، تعكس غموض الموقف السياسي على الرغم من وضوح المشهد العسكري، وإقتراب الحرب على إيران من الحسم بعد تحقيق أهدافها المعلنة في شأن تدمير البرنامج النووي الإيراني، وإضعاف قدرات صواريخها الإستراتيجية.

يُعتبر هذا الهجوم في ظروفه وتأثيراته، أشبه برسالة سلام إلى الولايات المتحدة الاميركية، وجاء بالتزامن مع بداية جهود ديبلوماسية سرية بدأت من موسكو وانتقلت إلى دولة خليجية، تناقش محددات التفاوض وشروط السلام. وتكمن التحديات في استكمال المسار الديبلوماسي في عدة نقاط أساسية، أولاً أن إسرائيل ترفض هدنة للبدء بالتفاوض، وهي مصرِّة على استكمال ضرباتها لوضع اللمسات الاخيرة على “الحالة النهائية المرجوة” التي تريد إيصال إيران إليها، ثانياً أن الشروط المفروضة لتحقيق السلام، هي شروط قاسية جداً على إيران بحيث أنَّها تشبه وثيقة إستسلام، وثالثاً أن الحديث عن تغيير النظام في إيران سواء كان ذلك كهدف أساسي من أهداف الحرب، أو كنتيجة غير مباشرة لنهايتها، هو حديث جدي ومطروح على طاولة البحث، وقد سبق للرئيس الروسي بوتين أن حذر القيادة الإيرانية في هذا الشأن، وهذا ما تخشاه القيادة الإيرانية حالياً.  

في نهاية هذا الهجوم، استنكرت دولة قطر هذا الإعتداء وأعلنت أنها أحبطته، وشكر ترامب القيادة الإيرانية على إبلاغ الولايات المتحدة مسبقاً عن هذا الهجوم لتجنب سقوط ضحايا، داعياً إياها للمضي قدماً في عملية السلام، وفي ذلك، يكون ترامب قد رمى الكرة في الملعب الإيراني الملتهب، في الوقت الذي تستغل إسرائيل السيطرة الجوية الكاملة في الأجواء الإيرانية لتستكمل تدمير لائحة أهدافها الثانوية، والقضاء على القيادات الإيرانية البديلة، مع التركيز على مخازن الصواريخ وقواعد إطلاقها.

مقابل ذلك، تراهن إيران على إستراتيجية حرب الإستنزاف عبر الصواريخ، والضغط على المجتمع الإسرائيلي، آملة أن يعطيها الوقت فرصة لتحسين موقفها التفاوضي، مع الإشارة إلى أن اختيارها للقاعدة الاميركية في قطر، يحمل شيئاً من العتب على بعض دول الخليج، وشيئاً من التهديد على البعض الآخر، وهذا ما اثار موجة استنكارات واسعة.   

تبدو الأمور في خواتيمها، حيث الخيارات أصبحت محدودة جداً، فهل تنتصر البراغماتية على الأيديولوجيا في إيران؟ هذا السؤال الكبير من شأنه أن يطرح تحديات كبيرة متعلقة بطببيعة العلاقة المستقبلية بين إيران وإسرائيل، وكيف سيتم تفسيرها وتبريرها في حال حصول السلام، فإسرائيل ومن خلفها الولايات المتحدة يصرُّون على السلام المعلن والنهائي، فهل يحتمل النظام الإيراني سلاماً قد يكون اشد خطراً من الحرب عليه؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى