
تحليل خاص – دفاع العرب
تسعى القاهرة بجدية لتطوير قوتها البحرية، حيث تكشف تقارير موثوقة أن البحرية المصرية تقترب من إبرام اتفاقية جديدة لشراء غواصات “سكوربيون-2000” الفرنسية الحديثة، في إطار صفقة دفاعية شاملة مع شركة “نافال غروب” الفرنسية، مما يشير إلى تغيير كبير في توازن القوى البحرية في شرق البحر المتوسط.
تكنولوجيا متطورة وقدرات استراتيجية لغواصات “سكوربيون-2000”
تعتبر غواصة “سكوربيون-2000” قفزة نوعية في مجال الغواصات التقليدية. تبلغ أبعادها بين 66 و75 مترًا، مع وزن يقارب 2200 طن، وتستطيع الغوص لعمق يصل إلى 350 مترًا، والانتقال تحت الماء بسرعة تصل إلى 23 عقدة، بالإضافة إلى مدى تشغيلي يصل إلى 12,000 كيلومتر.

تتمتع هذه الغواصة بمجموعة شاملة من الأسلحة، حيث تتضمن طوربيدات ثقيلة مثل Black Shark وDM2A4، فضلاً عن صواريخ “إكزوسيت AM39” المضادة للسفن، والتي يصل مداها إلى 180 كم. كما تشمل أنظمة للأسلحة المضادة للطائرات مثل “ميكا A3SM” و”ميسترال”، ما يمنحها قدرة دفاعية متميزة ضد الطائرات الهجومية.
مزودة بأحدث أنظمة السونار والرادارات البحرية وأنظمة التشويش الإلكتروني، إضافة إلى أجهزة رصد متطورة وشراك خداعية للطوربيدات، مما يجعل منها منصة معقدة وجاهزة للعمليات البحرية.
استثمار مصر في تكنولوجيا الدفاع الغربية
تمتلك مصر في الوقت الراهن أسطولًا من الغواصات من طراز Type-209 الألمانية، ما يجعلها من بين عدد قليل من الدول التي تدير أساطيل متنوعة المصادر. وفي حال إتمام صفقة “سكوربيون”، ستصبح مصر الدولة الوحيدة في المنطقة التي تجمع بين غواصات فرنسية وألمانية، مما يمنحها ميزة تنافسية في العمليات البحرية.
يعكس ذلك التنوع في مصادر التسليح رؤية مصر الاستراتيجية الرامية إلى تقليل الاعتماد على مصدر واحد، وبالتالي تعزيز قدرتها التفاوضية واستقلالها في تقوية دفاعاتها.
القلق الإسرائيلي من النمو المصري
أثارت أنباء الصفقة قلقًا واضحًا في الأوساط الإسرائيلية الأمنية والإعلامية. ووفقًا لموقع “نزيف نت”، فإن المفاوضات بين باريس والقاهرة بدأت منذ عام 2021، حيث ساهمت زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون للقاهرة في دفع تلك المحادثات للأمام.
وقد أثيرت مخاوف بشأن إمكانية وجود بند لنقل التكنولوجيا، مما سيتيح لمصر تأسيس قاعدة صناعية لصيانة وبناء الغواصات، وهو ما تعتبره إسرائيل تهديدًا مباشرًا لتفوقها التكنولوجي في تلك المنطقة.

آراء الخبراء المصريين: الجيش كعامل استقرار
يعتقد العديد من الخبراء المصريين أن المخاوف الإسرائيلية تعكس حالة من القلق بسبب العجز العسكري الإسرائيلي مقابل القوة المتزايدة لمصر.
وقال الدكتور محمد عبود، أستاذ اللغة العبرية بجامعة عين شمس، لقناة RT إن “الجيش المصري يمثل الجدار الذي يعوق تنفيذ خطط التهجير القسري الإسرائيلية”، مشيرًا إلى أن الهجمات الإعلامية على الجيش المصري تهدف للضغط نفسيا وسياسيا على البلاد.
التوازنات الجديدة في المياه الإقليمية
تأتي هذه الصفقة المحتملة في ظل تصاعد التوتر في البحر المتوسط، حيث تحرص مصر على تعزيز مواقعها الاستراتيجية. كما تعمل على رفع قدراتها البحرية لحماية مصالحها الاقتصادية المتزايدة، خاصة في مجال الغاز في منطقتها الاقتصادية الحصرية.
من ناحية أخرى، تعمل فرنسا على تعزيز وجودها العسكري والاقتصادي في الشرق الأوسط من خلال شراكات نوعية مع دول مثل مصر، مما يعزز من مكانتها كحليف دفاعي موثوق في مواجهة النفوذ الأمريكي المتزايد.
ختام: صفقات التسليح كأداة للتأثير الجيوسياسي
تمثل صفقة “سكوربيون-2000” أكثر من مجرد تعزيز تقني، فهي أيضًا أداة لتعزيز السيادة والدفاع. بينما ترى مصر فيها وسيلة لتحقيق الاستقلال الدفاعي، ترى إسرائيل فيها تهديدًا لتفوقها التاريخي، مما يعبر عن تحول فعلي في موازين القوى الإقليمية.
لذا، تفرض هذه الصفقة إعادة النظر في التحالفات الإقليمية وتوازن الردع، في وقت يشهد تدهورًا واضحًا في التفوق العسكري الإسرائيلي، مقابل صعود قوى إقليمية جديدة تعيد تشكيل معالم البحر المتوسط.








