
خاص – دفاع العرب
تتزايد فرص نشوب صراع جديد بين القوتين النوويتين في جنوب آسيا، وهما الهند وباكستان، مع تفاقم التوترات على الحدود وتبادل الرسائل الحربية. ومع ذلك، يبدو أن المعركة المقبلة ستختلف تمامًا، حيث يُتوقع أن تبدأ من السماء وليس من اليابسة أو البحر.
لقد أصبح التفوق الجوي العنصر الحاسم في تحديد المبادرة وفرض شروط القتال. منذ الغارة الجوية الهندية على بالاكوت في عام 2019، أدرك الجميع أن السيطرة على الأجواء هي المفتاح الحقيقي للردع.
بعد تلك الحادثة، دخلت الهند وباكستان في سباق تسلح جوي متشابك، يتجاوز عدداً من الطائرات ليتعمق في التكنولوجيا والتكامل الشبكي.
تعزيز الهند قوتها الجوية: صفقة الرافال
عقب أحداث بالاكوت، تسارعت الهند لسد الفجوة في تفوقها النوعي في سلاح الجو عبر إبرام صفقة بارزة مع فرنسا لشراء 36 مقاتلة “رافال”. هذه الخطوة كانت بمثابة تحول جذري في قدرات الهند الجوية، حيث تُعتبر “رافال” مقاتلة متعددة المهام من الجيل 4.5، مزودة بأنظمة رصد متطورة وقدرات متميزة في مجال الحرب الإلكترونية.
كانت النقطة الأهم في الصفقة هي حصول الهند على صواريخ “ميتيور” الأوروبية بعيدة المدى، التي يتجاوز مداها 200 كيلومتر. هذه الصواريخ، التي تعمل بتحديث راداري نشط ولديها القدرة على المناورة ضد الأهداف ذات البصمة الرادارية المنخفضة، زودت الطيارين الهنود بأداة فتاكة لضرب الأهداف الجوية دون أن تُرصد.
وهكذا، كانت رسالة الهند واضحة: السماء فوق كشمير ستكون تحت سيطرة صواريخ ميتيور.
باكستان ورهانها على JF-17 Thunder
لم تظل إسلام آباد مكتوفة الأيدي. بل بالتعاون مع الصين، قامت بتطوير برنامج مقاتلة JF-17 Thunder لتكون طائرة متعددة المهام ومنخفضة التكلفة. وعلى الرغم من سعرها المعقول، زودت باكستان هذه المقاتلة بصواريخ “PL-15E” المخصصة للتصدير، بمدى يبلغ 140 كيلومترًا، مقابل hơn 200 كيلومتر لصاروخ الميتيور.
لكن التحدي الأكبر لم يكن في الصواريخ فقط، بل أيضًا في رادار JF-17، الذي لا يستطع رصد الأهداف إلا لمسافة 150 كيلومترًا، مما يحد فعليًا من فعالية الصاروخ ضمن مداه الكامل.
بدا أن رافال تتفوق في المواجهة، على الورق على الأقل.
التحول الدراماتيكي: PL-15 الأصلي ومنظومات AEW&C
غيرت الصين قواعد اللعبة بتزويد باكستان بالنسخة الأصلية من صاروخ PL-15 بمدى يصل إلى 300 كيلومتر، متفوقة بذلك على الميتيور. هذا التحول منح باكستان نظريًا ميزة نيرانية بعيدة المدى، لكن كان هناك عقبة: لم تكن طائرة JF-17 قادرة بمفردها على استغلال هذا النطاق بسبب قيود الرادار.

هنا تدخلت طائرة الإنذار المبكر Saab 2000 AEW&C الباكستانية في المعركة. بفضل قدرتها على رصد وتتبع الطائرات لمسافة تصل إلى 450 كيلومترًا، أصبحت هذه المنظومة مركز القيادة الجوية، حيث توفر إحداثيات دقيقة للمقاتلات دون الحاجة لتشغيل راداراتها، مما يمكنها من تنفيذ هجمات مفاجئة بصواريخ بعيدة المدى دون أن تكشف موقعها.
تحليل مقارن: من سيفوز؟
عند مقارنة رافال بـ JF-17، لا يمكن حصر المقارنة في الطائرة فقط. فـ”رافال” تتفوق بشكل واضح في الأداء الجوي، نظم الحرب الإلكترونية، قدرة المناورة، والرادارات. ومع ذلك، تحقيق التكامل بين JF-17 ومنظومة الإنذار المبكر وصواريخ PL-15 يُغير قواعد اللعبة.
الميزة الكبرى للهند تكمن في موثوقية مقاتلتها وكفاءة أسلحتها الغربية، بينما تتمثل قوة باكستان في الكم، المرونة، وسرعة التطوير بدعم مباشر من الصين. لكن، لا يملك أي من الطرفين تفوقًا ساحقًا. لقد أصبح الأمر يتمحور حول “من يستطيع دمج أنظمته بشكل أسرع وأعلى كفاءة؟”.
السماء ليست ملكًا لأحد
تتجاوز المعارك الجوية الفكرة التقليدية المتمثلة في الاعتماد على الطائرة الأشد أو الصاروخ الأطول مدى، بل تعتمد بشكل أكبر على تكامل الأنظمة والقدرة على اتخاذ القرارات الصائبة في أجزاء من الثانية. الصراع الجوي بين الهند وباكستان يعكس تطور الحروب الحديثة، حيث تعتبر البيانات، والتنسيق الشبكي، والضربات الاستباقية، مفاتيح النجاح الفعلي.
وفي ظل وجود الطائرات بدون طيار، والذكاء الاصطناعي، والمجسات الكهرومغناطيسية في خضم المعركة، تظل الحقيقة الوحيدة الثابتة: من يسيطر على السماء، يفرض شروط المعركة على الأرض.








