
تستعد القاهرة وسيول للانتهاء من اتفاقية استراتيجية تهدف لاستحواذ القوات الجوية المصرية على ما يقدر بـ100 طائرة هجومية خفيفة متطورة من طراز FA-50 Fighting Eagle الكورية الجنوبية، مما سيساهم في تعزيز قدرات الأسطول الجوي ودعم خطط تعزيز وتوطين الصناعات العسكرية المحلية.
تشير تقارير موثوقة إلى أن الصفقة الأولية تشمل تسليم 36 طائرة بتكلفة تقدر بحوالي مليار دولار أمريكي. ويتمثل المحور الرئيسي في نقل التكنولوجيا وتجميع العدد الأكبر من الطائرات محليًا في منشآت التصنيع التابعة للمنظمة العربية للتصنيع في حلوان، مما يعكس شراكة استراتيجية طويلة الأمد مع شركة كوريا للصناعات الجوية (KAI).
وفي سياق تأكيد إتمام الصفقة، أفاد السفير المصري في سيول، خالد عبد الرحمن، في 23 مارس/آذار 2025، بأن القاهرة قريبة من توقيع العقد الرسمي مع شركة KAI. من المتوقع أن تحل طائرات FA-50 محل جزئية من أسطول القوات الجوية المصرية من طائرات التدريب المتقدمة وطائرات الهجوم الخفيف التي تراجعت، على غرار طائرات Alpha Jet وK-8E. وتعتبر الصفقة مهمة أيضًا نظرًا للتشابه الكبير، الذي يصل إلى 70%، بين مكونات FA-50 والمقاتلة الأمريكية F-16، مما يسهل عمليات التدريب والانتقال اللوجستي والصيانة الفنية لأطقم العمليات والصيانة المصرية.
تأتي هذه الصفقة في إطار التعاون الاستراتيجي الأمني المتزايد بين مصر وكوريا الجنوبية، الذي بدأ يتطور منذ توقيع اتفاق الشراكة الاستراتيجية الشاملة في عام 2016. وقد شهد التعاون تطورات ملحوظة شملت صفقات لتوريد أنظمة بحرية متطورة ووحدات مدفعية ذاتية الحركة من طراز K9، وامتد ليشمل شراكات في مجالات حيوية مثل الطاقة النووية والاستثمارات الصناعية المشتركة. وتعتبر كوريا الجنوبية اليوم لاعبًا رئيسيًا وموردًا موثوقًا في سوق الصناعات العسكرية العالمي، وقد شكلت طائرة FA-50 Fighting Eagle واحدة من قصص نجاحها التصديرية البارزة، بعد دخولها الخدمة في عدة قوات جوية مثل الفلبين، العراق، إندونيسيا، بولندا، وماليزيا.
تحليل إسقاط: الأبعاد الاستراتيجية لصفقة FA-50 المصرية
في تحليل خاص لمجلة “رماية”، يستعرض اللواء الركن (م) فهد السبيعي، خبير الدفاع الجوي وأنظمة الردع الإقليمي، الأبعاد الاستراتيجية المتعددة لهذه الصفقة المرتقبة التي تتجاوز مجرد إضافة منصة جوية جديدة:
1. تنويع مصادر التسليح وتوطين الصناعات: تمثل هذه الصفقة، عند إتمامها، تحولًا نوعيًا في استراتيجية التسليح المصرية، حيث تسهم بشكل فعّال في تنويع مصادر الحصول على المعدات العسكرية الحديثة وتقليل الاعتماد على الموردين التقليديين. كما تعكس توجهًا مصريًا نحو بناء قاعدة صناعية دفاعية وطنية قوية، ترتكز على توطين التكنولوجيا والتصنيع المشترك، بدلاً من الاقتصار على الاستيراد.
2. تعزيز القدرات العملياتية للقوات الجوية: لا تقتصر مهام طائرة FA-50 على التدريب المتقدم، بل تقوم أيضًا بتأدية دور المقاتلة الخفيفة متعددة المهام. تشمل مهامها القتالية الأساسية تقديم الدعم الجوي القريب للقوات البرية، ونفيذ مهام الدفاع الجوي على المدى القصير لحماية الأهداف الاستراتيجية، وعمليات الاستطلاع المسلح، مما يجعلها خيارًا اقتصاديًا وجذابًا للقوات الجوية.
3. دعم استراتيجية الردع الإقليمي: سيساهم اقتناء مصر لمنظومة FA-50، وبالأخص النسخة المطورة Block 20، في تعزيز القدرات الجوية بشكل كبير، مما يمكنها من الاستجابة السريعة والفعالة للتهديدات المتزايدة على الحدود والمجالات الجوية القريبة. سيساعد ذلك في معالجة التحديات الناتجة عن قدم طائرات مثل Alpha Jet وK-8E. علاوة على ذلك، فإن دمج هذه المنظومة مع القدرات المحلية في التصنيع والصيانة سيزيد من مستوى الجاهزية القتالية والاعتمادية على المدى الطويل، وهو أمر حاسم.
في إنشاء قوة ردع شاملة ومستدامة للدولة.
4. القيمة المضافة للبعد الصناعي وتوطين الخبرات: يشكل تجميع أكثر من 70 طائرة من طراز FA-50 في مجمعات الصناعة العسكرية في حلوان ميزة استراتيجية وفنية واقتصادية كبيرة لمصر. ستتضاعف القيمة المضافة لهذا التجميع إذا ما اقترن ببرامج تدريب وتأهيل مكثفة ونقل فعلي للمعرفة والتكنولوجيا، مما سيساهم بفاعلية في تطوير جيل جديد من المهندسين والفنيين المصريين القادرين على صيانة وإصلاح والمشاركة في تطوير هذه الأنظمة الجوية محليًا في المستقبل، مما يقلل من الاعتماد على الدعم الخارجي.
مواصفات طائرة FA-50 Fighting Eagle
تتمتع طائرة FA-50 Fighting Eagle بخصائص فنية وقدرات عملياتية متعددة المهام تجعلها منصة جوية فعالة؛ فهي قادرة على الوصول إلى سرعة قصوى تصل إلى 1.5 ماخ، والتحليق على ارتفاع أقصى يقارب 16,764 مترًا، وبمدى قتالي يبلغ حوالي 444 كيلومترًا.
تم تجهيز الطائرة بمجموعة شاملة من الأنظمة الإلكترونية والقتالية الحديثة، تشمل رادارات المسح الإلكتروني النشط (AESA)، وحلول الحرب الإلكترونية، وقدرات التزود بالوقود جوًا لتعزيز مرونة عملياتها القتالية وزيادة قدرتها على البقاء في الأجواء.
تجعل هذه المزايا، بجانب تكلفتها التشغيلية المعقولة مقارنةً بالمقاتلات الأثقل والأكثر تعقيدًا، منها خيارًا جذابًا للقوات الجوية التي تهدف إلى تحديث أسطولها بفاعلية عالية.





