العقيد الركن م. ظافر مرادمقالات رأي

الإشكالية الاستراتيجية: كيف تواجه أنظمة الدفاع الجوية التحدي المرعب للصواريخ الفرط صوتية

العقيد الركن م. ظافر مراد

تُعتبر الصواريخ الفرط صوتية تحديًا كبيرًا لمنظومات الدفاع الجوي، خاصةً فيما يتعلق بالكشف عنها خلال مسارها والتصدي لها. هذه الصواريخ تصل سرعاتها إلى 10 ماخ أو أكثر، مما يجعل اكتشافها بواسطة الوسائط الرادارية التقليدية أمرًا في غاية الصعوبة.

هناك تصنيف للسرعات الخاصة بالصواريخ والمركبات الطائرة، والتي تشتمل على:

  1. Subsonic: 0-0.8 Mach.
  2. Transonic: 0.8-1.2 Mach.
  3. Supersonic: 1.2-5 Mach.
  4. Hypersonic: 5-10 Mach.
  5. High Hypersonic: 10-25 Mach.
  6. Re-entry Speed: ≥25 Mach.

أي جسم يتحرك بسرعة تفوق 5 ماخ يعد “فرط صوتي-Hypersonic”، ويتطلب التعامل معه أنظمة دفاعية متطورة. لا سيما إذا كانت هذه الصواريخ قادرة على المناورة خلال مسار مفتوح وغير متوقع، وهو ما يميز الصواريخ الفرط صوتية عن الصواريخ الباليستية التقليدية.

رغم أن الصواريخ الباليستية تصل لسرعات فرط صوتية، إلا أنها تسلك مسارًا قوسيًا ثابتًا يُمكن التنبؤ به بسهولة، مما يسمح بتصدي فعال لها بواسطة وسائل الدفاع الجوي. أما الصواريخ الفرط صوتية، فإنها تتحرك ضمن مسار معقد، مما يجعل تحديد موقعها الآني وتصديها أمرًا صعبًا. في حال تم كشفها، يكون ذلك عادة في اللحظات الأخيرة، مما يمنع إجراء أي تدابير فعالة.

تواجه منظومات الدفاع تحديًا إضافيًا يتمثل في الديناميكا الهوائية خلال سرعات عالية، حيث ترتفع درجة حرارة التدفق المحيط بالصاروخ إلى مستويات حرارية خطيرة. هذا يتطلب اهتمامًا دقيقًا في تصميم هياكل الصواريخ وأجزائها الخارجية. في السرعات فوق الصوتية، تتفكك الجزيئات الهوائية مكونةً بلازما، وهذه الحالة تمنع كشف الصواريخ بواسطة الرادارات.

هناك نوعان رئيسيان للصواريخ الفرط صوتية:

  1. المركبات الإنزلاقية فرط صوتية (HGVs-Hypersonic Boost Glide Vehicles): يتم إطلاقها من صواريخ باليستية من ارتفاعات عالية، وتتبع مسارًا معقدًا نحو أهدافها.
  2. صواريخ الكروز الفرط صوتية (HCVs-Hypersonic Cruise Vehicles): تعمل بمحرك نفاث خاص، وتطير ضمن الغلاف الجوي بسرعات تصل إلى 6 ماخ.

تستطيع المركبات الإنزلاقية حمل رؤوس حربية متعددة، كل منها يمكن أن تحتوي على قنابل نووية أو شحنات تقليدية ذات قوة تدميرية كبيرة، مما يجعلها تهديدًا رئيسيًا وخاصةً للولايات المتحدة.

تشير الأبحاث الأمريكية أن كافة أنظمة الأسلحة الفرط صوتية لا تزال في مراحل التطوير، حيث لم تصل أي منها إلى درجة التشغيل الكامل بعد. تقود شركات مثل Lockheed Martin، وRTX Raytheon، وNorthrop Grumman الأبحاث في هذا المجال. بينما يُظهر البعض تشككهم بشأن الحاجة لهذه الأسلحة لأغراض الردع، مشيرين إلى عدم تحديد مهامها وارتفاع تكاليفها، فإن التقدم الذي حققه الخصوم في تكنولوجيا الأسلحة الأسرع من الصوت يثير قلقاً بشأن تدني التفوق النوعي للولايات المتحدة.

وبحسب دائرة الأبحاث في الكونغرس، شهدت ميزانية الأبحاث المتعلقة بأسلحة الفرط صوتية زيادة ملحوظة، حيث بلغت 6.9 مليار دولار أمريكي للسنة المالية 2025. إلا أن المشكلات المتعلقة بالكشف والدفاع وإمكانية الحماية الفعالة ضد تهديدات الصواريخ الفرط صوتية لا تزال قائمة. تشير المعلومات إلى أن الأنظمة الدفاعية الأمريكية غير مؤهلة لمواجهة هذه التهديدات، لأن هذه الصواريخ تم تصميمها لتفادي أنظمة التتبع الاعتيادية.

تدور المناقشات حول استثمار الفعاليات في أنظمة الدفاع ضد هذه الصواريخ، حيث يسعى الكونجرس الأمريكي إلى تحقيق التوازن بين تعزيز القدرات الهجومية والدفاعية ضد الأسلحة الأسرع من الصوت، خاصة في ضوء التهديدات المتزايدة من الصين وروسيا.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى