
تقرير: راني زيادة
يشهد العالم تطورًا متسارعًا في مجال الروبوتات المخصصة للعمليات العسكرية، حيث برزت الكلاب الآلية المسلحة كثمرة من ثمار هذا التقدم التكنولوجي. هذه الروبوتات، التي تجمع بين الذكاء الاصطناعي والقدرات المتطورة، لا تعد مجرد أدوات بل تمثل علامة تحول في طبيعة الحروب الحديثة.
السباق التكنولوجي بين القوى العالمية
في الآونة الأخيرة، أظهرت الصين تقدمًا ملحوظًا من خلال تدريباتها العسكرية المعروفة باسم “التنين الذهبي 2024”. حيث استخدم الجيش الصيني روبوتات مدعومة بأسلحة، مثل بندقية “كيو بي زد-95”. هذه الكلاب الآلية المسلحة، التي تُعتبر مزيجًا من الابتكار والتطبيقات العسكرية، يمكنها تأدية مهام الرصد وتحديد الأهداف في البيئة الحضرية مع الحد من المخاطر على الجنود.
خلال أحد السيناريوهات، تمت مشاهدة روبوت مسلح يدخل مبنى أثناء تغطية الجنود، مما يعكس إمكانية استخدام هذه الروبوتات كعنصر فعال في الوحدات القتالية الحضرية وتقليل الاعتماد على الجنود في المهام الخطرة.
وفي المقابل، لم تتوانَ الولايات المتحدة عن تطوير استراتيجياتها. منذ عام 2020، بدأ سلاح الجو الأميركي بدمج الكلاب الآلية في أنظمة الأمن داخل قواعده العسكرية، حيث تساهم هذه الروبوتات في تأمين المنشآت والمساعدة في مواجهة التهديدات.
المحاولات السابقة والعقبات التقنية
الكلاب الآلية المسلحة ليست مجرد فكرة حديثة؛ فقد طرحت شركة “بوسطن دايناميكس” أول نموذج لها في عام 2005، المعروف باسم “بيغ دوغ”، الذي كان مخصصًا لنقل الإمدادات. ولكن، بسبب الضوضاء العالية التي يصدرها، تم التخلي عنه في العمليات العسكرية.
لكن “بوسطن دايناميكس” عادت لتطوير نموذج أكثر تطورًا، وهو “سبوت”، الذي أثبت فعاليته في مهام تأمين القواعد العسكرية والتفتيش، رغم أنه لم يُصمم لحمل أسلحة.
التحولات الحالية: من الأمن إلى القتال
اليوم، تعتبر الكلاب الآلية جزءًا أساسيًا من الأنظمة الأمنية في المنشآت العسكرية الأميركية. على سبيل المثال، قاعدة تيندال الجوية في فلوريدا قامت بإدماج هذه الروبوتات ضمن نظامها الأمني منذ عام 2020. وفي يوليو 2023، أضافت قاعدة مينوت الجوية في نورث داكوتا هذه الروبوتات لتقييم التهديدات الكيميائية والبيولوجية، مما ساهم في تقليل المخاطر التي تواجه الطيارين بشكل كبير.
بينما تسير الأمور نحو المستقبل، يبدو أن هذه الابتكارات ستظل تلعب دورًا رئيسيًا في العمليات العسكرية، مما يفتح آفاقًا جديدة لعالم التكنولوجيا والأسلحة المتطورة.
تعزيز قدرات الروبوتات في المهام القتالية
في خطوة نحو دمج التكنولوجيا في ساحة المعركة، قدمت شركة “غوست روبوتيكس” الأمريكية في عام 2021 نموذجًا لكلب آلي مزود ببندقية هجومية مصممة من قِبل شركة “سورد إنترناشونال”. هذا يعكس التحول المتزايد في استخدام هذه الروبوتات كعناصر قتالية قد تغير قواعد اللعبة.
التحديات الأخلاقية والتقنية
على الرغم من الإمكانيات التي تحملها الكلاب الآلية المسلحة، إلا أن هناك عدة تحديات تواجهها. من الناحية التقنية، تظل قدرة هذه الروبوتات على العمل بشكل مستقل في بيئات معقدة دون إشراف بشري محل جدل كبير. أما من الجهة الأخلاقية، فإن استخدام تقنيات القتل في الحروب يثير قلقًا حول حقوق الإنسان وزيادة النزاعات المسلحة.
مستقبل الحروب: انطلاقة لعصر جديد؟
مع تصاعد المنافسة التكنولوجية بين الدول الكبرى، يشتد التركيز على الكلاب الآلية كأداة تحمل إمكانية تحويل مجريات الحروب. ولكن، هل ستظل هذه الروبوتات مجرد أدوات مساعدة، أم ستتحول إلى عناصر أساسية في المعارك؟
الإجابة على هذا السؤال تعتمد على كيفية تجاوز الدول والشركات للتحديات الراهنة. بينما أثبتت الكلاب الآلية فعاليتها في تعزيز الأمن وتنفيذ المهام المعقدة، فإن تسليحها واستخدامها في القتال قد يفتح الاثنتين حقبة جديدة من الحروب الأكثر ذكاءً وأقل اعتمادًا على العنصر البشري.





