
العقيد الركن م. ظافر مراد
شهدت منظومة القيادة والسيطرة لحزب الله خرقاً أمنياً غير مسبوق، حيث وقع انفجار مئات من أجهزة الاتصال المعروفة باسم “Pagers” من ماركة “Apollo”، مما أدى إلى إصابة أكثر من 3 آلاف فرد ومقتل 11 شخصاً، وفقاً للتقرير الحالي. تم إدخال حوالي 5 آلاف جهاز من هذه الأنواع قبل وقوع الحادثه، والتي تهدف إلى استبدال الهواتف المحمولة في التواصل بين العناصر والقيادات. وكانت هذه الأجهزة تهدف في السابق إلى تتبعهم وتأمينهم.
أجهزة الـ”Pagers” تُعتبر وسيلة اتصال مدنية قديمة لا تتصل بالإنترنت، حيث تنقل رسائل مختصرة من مراكز الإدارة إلى حامليها، تنبههم بحالات طارئة أو إجراءات يجب اتخاذها. يمكن تشفير الرسائل لتكون مفهومة فقط من قبل المستلمين المقصودين، وغالباً ما يتم استيعابها على وكانت تُحمل على الخصر من قبل حامليها.
تعمل هذه الأجهزة عن طريق تلقي إشارات لاسلكية معينة، حيث تتلقى الرسالة عبر تردد مخصص في نطاق معين. عندما يتم استلام الرسالة، يصدر الجهاز صوتاً أو يهتز، مما يدفع المستخدم لفتح الجهاز والتحقق من محتوى الرسالة. هذا ما يفسر العديد من الإصابات في الوجه واليدين والخصر.
تفاصيل الحادثة الغامضة
رغم كثرة التحليلات المتعلقة بالحادثة، يبقى هناك العديد من الجوانب الغامضة. ولكن يظل مؤكدًا أن هذه الأجهزة كانت قد تُفخخ بكمية صغيرة من مادة متفجرة شديدة، ترتبط بنظام التشغيل الترددي، حيث انفجرت عند تعرضها لتردد معين أو درجة حرارة محددة. ومن المرجح أن التفجير تم عن بعد عبر طائرات مسيرة في الأجواء.
أعلنت شركة “Apollo” التايوانية أن أجهزة الاتصال هذه لم تُصنع في مصانعها، بل كانت من إنتاج شركة أوروبية لم تكشف عن اسمها.
تأثيرات الهجوم
يعتبر هذا الهجوم فئة من الهجمات الإلكترونية وليس صراعًا سيبرانيًا يهدف لعرقلة المعلومات. تحمل هذه الحادثة تبعات قانونية متعددة، من أبرزها:
- استهدفت العملية الهجومية مجموعة كبيرة من الأشخاص، مما عرض المدنيين للخطر في منطقة عمليات غير عسكرية.
- استُخدمت وسيلة اتصال مدنية عالمية تم تفخيخها، مما أثر سلبًا على سمعة الشركة وأدى إلى أضرار للمدنيين في ظروف غير قتالية، مما يخول المتضررين لتقديم دعاوى ضد المنفذين.
- تُصنَّف هذه العملية ضمن عمليات الاغتيال في ظروف غير قتالية، وهذا يتعارض مع قواعد ومبادئ القانون الدولي الإنساني المعنية بالنزاعات المسلحة والحروب.
تدور تساؤلات عديدة حول توقيت تنفيذ هذه العملية والنتائج المحتملة لها. قد تؤدي هذه الأحداث إلى تصعيد حدة التوتر على الجبهة الشمالية. كما أن طبيعة وإسلوب العملية يمنح مبرراً للرد بأساليب مماثلة وغير تقليدية. الأهم هنا هو كيفية نجاح الموساد في دخول مصنع هذه الأجهزة وتحميلها بالمتفجرات، حيث تتطلب هذه العملية مستوى عالٍ من التعقيد، يتضمن تجنيد مهندسين وتقنيين، بالإضافة إلى نقل المتفجرات والإشراف على عمليات التجميع والتصدير لضمان وصولها إلى المكان المحدد بنجاح.
ستكون هذه العملية بمثابة نموذج حديث في الحرب الهجينة وأساليب استهداف الخصوم، حيث يمكن تنفيذ عمليات مشابهة في مختلف سياقات النزاعات. هذا يتجاوز فكرة الحرب والسلم، حيث لم يعد من الضروري فتح جبهات قتالية أو استخدام الوسائط النارية من خلال مواجهات تقليدية.





