
خاص – رماية
وفقًا لتقارير، يبدو أن المملكة العربية السعودية تعتزم إدخال صاروخ كروز «هيونمو-3» (Hyunmoo-III) الكوري الجنوبي بعيد المدى في ترسانتها. يُعتبر هذا الصاروخ من الأصول الاستراتيجية التي تتجاوز بشكل كبير الصواريخ التكتيكية الحالية التي تمتلكها الرياض.
هذا التنبه السعودي يبرز بعد عدم تمكنها من الحصول على صاروخ «توماهوك» الأمريكي أو أي بديل روسي مُناظر له. وغالبًا ما تكون الصفقات العسكرية بين كوريا الجنوبية ودول الشرق الأوسط مغلقة للغاية، مما يجعل تفاصيلها نادرة.
كما صرح الخبير العسكري الكوري الجنوبي مايسون عبر منصة “إكس” بأن المعلومات حول الصفقة يُمكن اعتبارها بمثابة “شائعة”، عازياً ذلك إلى طبيعة المعلومات الحساسة التي تصل إليه من مصادر في السعودية والإمارات ومصر والعراق.
“أحيانًا أتعجب من درجة حساسية المعلومات التي تردني من أصدقائي في المنطقة.”
أضاف اللواء الركن (م) فهد السبيعي، الخبير في الشؤون العسكرية، أن انضمام «هيونمو-3» إلى القدرات الصاروخية السعودية يمثل تحولًا استراتيجيًا في نظام الردع بالمملكة. وأكد السبيعي أن هذا الصاروخ لا يمثل فقط إضافة في القدرة التقنية بل يشير إلى انتقال نوعي نحو الحصول على قدرات هجومية دقيقة بعيدة المدى، مما يمكن الرياض من مواجهة التهديدات الاستراتيجية دون الاعتماد الكامل على الدعم الغربي.
ولفت إلى أن مميزات «هيونمو-3» مثل التحليق المنخفض والقدرة على تفادي أنظمة الرادار توفر له قيمة تشغيلية كبيرة قد تضاهي صواريخ «توماهوك» في بعض الجوانب.
صورة الريادة التكنولوجية لهذا الصاروخ تُظهر اتجاه السعودية نحو تنويع مصادر التسليح وتعزيز استقلال القرار العسكري، خاصةً مع التحديات المتزايدة في المنطقة. ومع ذلك، فإن مستوى السرية المحيط ببرامج الصواريخ الكورية الجنوبية يجعل من غير المتوقع صدور أي إعلان رسمي حول الصفقة.
البعد الجيوسياسي والتوازن الإقليمي
يظهر هذا التطور في وقت يشهد فيه الشرق الأوسط تسارعًا نحو الحصول على أنظمة الضربات الدقيقة بعيدة المدى، حيث تتنافس إيران وتركيا وإسرائيل على تعزيز تفوقها الصاروخي. انطلاق السعودية في هذا المجال قد يُعيد تشكيل معادلات القوة في الخليج العربي ويمنح المملكة القدرة على إرساء توازن استراتيجي جديد يحمي أمنها القومي وممرات الطاقة الحيوية.
نجد أن التعاون الصاروخي الذي يُنظر إليه على أنه خطوة استراتيجية بمثابة استجابة للأوضاع المتغيرة في المنطقة، يسهم في تحقيق أمان أكبر للمملكة ويعزز من قدراتها الدفاعية والهجومية.
بين الرياض وسيول، يمكن أن يتجلى التعاون في مجالات التكنولوجيا الدفاعية المتقدمة، بما في ذلك أنظمة التوجيه والذكاء الاصطناعي والتحكم الشبكي. هذا التعاون يتماشى مع رؤية المملكة 2030، التي تُعزز توطين الصناعات العسكرية وتطوير الابتكارات المحلية.
صفقات سابقة ومدى الصاروخ
لقد أبرمت السعودية صفقات سابقة مع كوريا الجنوبية تضمنت الصاروخ الباليستي التكتيكي CTM-290، بالإضافة إلى منظومة الدفاع الجوي المضادة للصواريخ الباليستية M-SAM-II. هذه الأنظمة تحظى بأهمية كبيرة في تعزيز القدرات الدفاعية للمملكة.
نحو قوة صاروخية استراتيجية سعودية
في ضوء التطورات الأخيرة، يتضح أن المملكة تسير بخطوات حثيثة نحو بناء قوة صاروخية استراتيجية مستقلة، مما يساعدها في حماية مصالحها الوطنية ويوازن القوى الإقليمية في بيئة أمنية معقدة. إذا أكدت الصفقة المرتقبة لصاروخ هيونمو-3، فإنها ستكون نقطة تحول في تاريخ الصناعات الدفاعية السعودية. هذا يعكس تحول الرياض من مرحلة “المستورد” إلى مرحلة “الشريك التقني” في إنتاج وتطوير الأنظمة العسكرية المتقدمة.
وبذلك، تضع السعودية الأساس لمنظومة ردع حديثة تعتمد على مزيج من الدفاع المتكامل والهجوم الدقيق، مما يعزز من مكانتها كقوة إقليمية مركزية قادرة على حماية أمنها ومصالحها الاستراتيجية بثقة وكفاءة.





