الأخبار العسكريةالأخبار العسكرية الدولية

هل تعيق الضغوط المالية تطور المقاتلة الأمريكية NGAD؟

الاستثمار في مستقبل التفوق الجوي: مشروع NGAD

تسعى الولايات المتحدة للحفاظ على ريادتها في المجال العسكري، وبالأخص في الهيمنة الجوية. في الآونة الأخيرة، ناقش كبار قادة القوات الجوية الأميركية الأفكار الثورية حول مقاتلة شبحية جديدة أُطلق عليها اسم NGAD، لكن ميزانية وزارة الدفاع تشكل عائقًا أمام هذا الطموح.

أوضح المسؤولون أن التطورات التكنولوجية والشكوك حول ميزانية الدفاع التي ستُخصص لـ”البنتاجون” تعيد النظر في النظام القائم على مقاتلات F-22 Raptor، والتي كان من المتوقع أن تكون حجر الزاوية في عائلة الأنظمة المتصلة بشبكة القوات الجوية الأميركية.

وفقًا لترافيس ماسترز، مدير التعاقدات والأمن القومي في مكتب محاسبة الحكومة الأميركية، فإن “هذه القرارات ليست عشوائية، بل مدعومة بتحليلات وبيانات تدعم الخيارات الاستثمارية”.

أكّد المحللون الذين تحدثوا مع DefenseScoop على أن هذه القضايا ستؤثر على مصير مشروع NGAD، مشيرين إلى أن متغيرات إضافية قد تؤثر على قوة الجو الأميركية.

من المتوقع أن تكون منصة NGAD طائرة مقاتلة بعيدة المدى مزودة بأحدث أجهزة الاستشعار وحمولات أسلحة مُصممة للتعامل مع بيئات تنافسية معقدة، خصوصًا في المحيطين الهندي والهادئ، حيث تُعتبر الصين أكبر تهديد للقوات الأميركية.

تُعد NGAD بديلًا لمنظومة الجيل الخامس من F-22 Raptor، وتهدف بشكل رئيسي إلى تحقيق التفوق الجوي.

يرى مايكل بوهنرت، مهندس ومحلل لدى مؤسسة RAND، أن إدخال مقاتلة جديدة لتحقيق التفوق الجوي هو أمر بالغ الأهمية بالنسبة للولايات المتحدة. وشدد على أهمية وجود بديل لمقاتلات F-22، إذ أن النظام الحالي F-35 Lightning لا يضاهي قوة Raptor.

أضاف بوهنرت أن F-35 هي مقاتلة هجومية بينما تُعتبر F-22 مقاتلة تفوق جوي، وهي ضرورية لمواجهة القاذفات المعادية والمقاتلات الأثقل.

أكد الخبير الدفاعي مارك جونزينجر، من معهد “ميتشل”، على أن برنامج NGAD لا يزال سريًا ولكن يُعتقد أن المنصة ستتمتع بخصائص متطورة من حيث التخفي ومدى العمل وقدرة على تزويد أكبر من الأسلحة.

وحذر جونزينجر، أن إلغاء مشروع NGAD ليس مجرد خطر على القوات الأميركية في التفوق الجوي، بل سيؤثر بشكل كبير على جميع العمليات العسكرية المستقبلية.

تظهر التحليلات أن منصة NGAD من المرتقب أن تُطلق في ثلاثينيات هذا القرن.

في عام 2022، أعلنت القوات الجوية الأميركية عن نيتها اختيار مقاول رئيسي للطائرة بحلول عام 2024، حيث يُعتبر كل من Lockheed Martin وBoeing من أبرز المتنافسين على هذا البرنامج.

رؤية مستقبلية متجددة

أشار رئيس أركان القوات الجوية الأميركية، ديفيد ألفين، إلى احتمال إعادة تقييم الخطط بسبب قيود التمويل. وبعد مناقشات مع الصحافيين، أوضح أن “النقاشات لا تزال جارية” وأن الوزارة تبحث في “العديد من الخيارات الصعبة التي يجب أخذها في الاعتبار”.

بدأت القوات الجوية الأميركية دراسة مفهوم مشروع NGAD بالتعاون مع وكالة مشاريع الأبحاث الدفاعية المتقدمة DARPA في عام 2014. ثم تم توسيع نطاق الدراسات لتشمل مجموعة كاملة من الأنظمة، بما في ذلك الطائرات بدون طيار المساندة والمصنفة كطائرات مقاتلة تعاونية (CCA) وتقنيات القيادة والتحكم المتقدمة.

أحد المشاركين في مشروع أمن الطيران بمركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، جي جيرتلر، أشار إلى أن التهديدات الناشئة قد تضطر القوات الجوية الأميركية لإعادة تقييم بعض متطلباتها الأصلية، مما قد يحدث فجوة قصيرة قبل الانتقال إلى المرحلة التالية.

التوجهات الجديدة في القوات الجوية الأميركية

أشار جيرتلر إلى أن القوات الجوية الأميركية تفكر الآن في تطوير هيكل أكبر لطائراتها، محتملةً إمكانية وجود منصة بحجم قاذفة قنابل. في حين أن هذه المنصة قد لا تكون مثالية للقتال الجوي التقليدي، إلا أنها ستؤمن التفوق في مجال الجو للعدو.

واستند جيرتلر إلى أن امتلاك منصة أكبر سيوسع نطاق العمليات بشكل كبير، مما يسمح للطائرة بالوصول إلى مناطق والقيام بمهام خارج نطاق قدرة المقاتلات التقليدية، وهذا قد يكون سبباً في الفجوة التي تعاني منها القوات.

كما أوضح أن القوات الجوية الأميركية شرعت في تصميم مقاتلة جديدة، لكنها أدركت الحاجة الملحة لشيء يتجاوز ذلك. ومن العوامل المؤثرة أيضاً التكنولوجيا المتقدمة الخاصة بالطائرات غير المأهولة، وخصوصاً الطائرات المقاتلة التعاونية CCA.

وفي هذا الصدد، أكد الجنرال ديفيد ألفين، رئيس أركان القوات الجوية الأميركية، على أهمية استكشاف الطائرات المقاتلة التعاونية، وتطوير طرق جديدة لتعزيز التعاون بين الإنسان والآلة وتعزيز القدرات العسكرية.

من جهته، أكد مايكل بوهنرت، المهندس والمحلل في مؤسسة RAND، أن توظيف تقنيات الطيران والذخائر في المنصات غير المأهولة قد يسهل إنجاز بعض المهام، لكن في نهاية المطاف ستحتاج القوات الجوية لتوسيع قدراتها لاستيعاب متطلبات الحجم والوزن والطاقة.

وذكر جينزنجر أن الوزن الإضافي الناتج عن طائرات CCA المصممة خصيصًا للمعارك الحديثة سيساعد القوات الجوية في تعزيز تفوقها الجوي وتقليص الفجوة الناتجة عن نقص طائرات F-22 التشغيلية.

التحديات المالية في الميزانية

في مقابلة أجراها مع مجلة Aviation Week، أكد قائد القوات الجوية الأميركية، فرانك كيندال، أن الوزارة تستعرض “العديد من الأمور الجديدة” التي لم تدرسها منذ زمن طويل أثناء إعداد ميزانية العام المالي 2026.

تواجه القوات الجوية الأميركية مشاكل تتعلق بالميزانية، حيث يؤثر قانون المسؤولية المالية على ميزانية البنتاغون، وتعمل القوات على تطوير برامج باهظة التكلفة مثل القاذفة B-21 Raider والصاروخ الباليستي العابر للقارات Sentinel.

الوضع مشابه لدى البحرية الأميركية، التي تعاني من قيود مالية تتعلق بجاهزية أسطولها الحالي، وتأخيرات في تسليم السفن الجديدة. لذلك، اختارت البحرية تقليص الإنفاق على برنامج مقاتلة الجيل السادس F/A-XX في ميزانية العام المالي 2025 للتركيز على جاهزية الطائرات الحالية.

طلبت القوات الجوية الأميركية حوالي 2.7 مليار دولار لتطوير منصة NGAD في ميزانية العام المالي 2025، مما يشير إلى خطتها لإنفاق 19.6 مليار دولار خلال السنوات الخمس القادمة. وقدر المسؤولون في السابق تكلفة كل وحدة بنحو 300 مليون دولار.

أشار جونزنجر إلى أن المشرعين قد يتجاهلون إشارات كيندال وألفين بخصوص الحاجة الماسة لمزيد من التمويل لبرنامج NGAD.

بسبب نقص التمويل المزمن، اضطرت القوات الجوية الأميركية إلى تحديث معظم عناصر أسطولها القديم، بما في ذلك الأجزاء المسؤولة عن برنامج الثالوث النووي.

وبينما يتم تخصيص التمويل لتحديث العناصر النووية، يظل القليل من الميزانية متاحاً لبرامج التحديث الأخرى. وعند إعداد ميزانية العام المالي 2026، سيتعين على القوات الجوية التعامل مع تحديات غير متوقعة، بالإضافة إلى الاعتبارات المالية المؤثرة على قراراتها بشأن NGAD.

تدرس لجنة القوات المسلحة بمجلس الشيوخ الأميركي إنشاء صندوق خاص لصاروخ Sentinel ICBM، مما قد يخفف من عبء تطوير البرنامج الذي يقدّر بـ 96 مليار دولار على قوات رماية.

تجدر الإشارة إلى أن تكاليف البرنامج من المتوقع أن ترتفع بنسبة 37% عما هو مُتوقع. كما أن الانتخابات الرئاسية الأميركية المقبلة في نوفمبر والاحتمالات المتعلقة بإدارة جديدة أو أعضاء كونغرس جديدين بمشاريع مختلفة، مرشحة للتأثير على اتخاذ القرارات في القوات الجوية.

بالنظر إلى هذا الوضع، يبذل الجيش الجهود القصوى لمواجهة التحديات الراهنة باستخدام ما هو متاح، مشيراً إلى الحاجة الملحة للاستثمار في المستقبل.

تتغير معايير الطائرة NGAD عما كان متوقعاً لها تماماً.

تستمر القوات الجوية الأميركية في الحفاظ على مجموعة من الطائرات المقاتلة الأخرى التي تحتاج إلى تحديثات ودعم مالي ملح.

أشار مكتب محاسبة الحكومة إلى ضرورة إجراء “محادثة على مستوى المحفظة” تشمل جميع برامج القوات الجوية، وذلك لتقييم المقايضات والمخاطر في ظل الميزانيات المحدودة.

أوصى تقرير مراقبة الحكومة لعام 2022 البنتاغون بإجراء مراجعة شاملة لجهود الاستحواذ المتعلقة بجميع طائراته المقاتلة المأهولة ذات الأجنحة الثابتة، والتي تشمل كلا من القوات الجوية والبحرية، لتحليل العديد من العناصر البرنامجية.

في فبراير، قدمت القوات الجوية الأميركية مراجعة إلى لجان القوات المسلحة بمجلسي النواب والشيوخ.

أعرب ماسترز عن أمله في أن يكون هذا التحليل مفيداً في اتخاذ القرارات المتعلقة بـNGAD.

واحدة من الخيارات المتاحة أمام القوات الجوية الأميركية هي تشغيل طائرة من الجيل السادس يمكن تطويرها تدريجياً، مما يتيح إضافة تقنيات جديدة وتحديث قدرات أخرى مع التعلم المستمر من التجارب السابقة.

يتبنى العديد من جهود القوات الجوية الأخرى، وخاصة المتعلقة بالطائرات التعاونية، نهج التطوير المعياري – CCA.

أشار بونهيرت إلى أن هناك احتمالاً آخر يتضمن قيام القوات الجوية بإرسال طائرة قد لا تمثل بالضرورة ما تتخيله كمنصة نهائية، مع الاستمرار في إعلام الكونغرس وجميع أصحاب المصلحة.

وأوضح جيرتلر أنه إذا كانت دوافع القوات الجوية الأميركية لإعادة النظر في NGAD ترتكز أكثر على قيود الميزانية بدلاً من التغير في بيئة التهديد، فقد يدفع هذا المشرعين إلى اعتبار الطائرة “برنامجاً فاشلاً” وتحويل تلك الأموال إلى مجالات أخرى.

المصدر: الشرق نيوز

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى