
تتجه الجزائر بخطوات حازمة نحو تجديد أسطولها الجوي بالتعاون مع روسيا، حيث أبرمت اتفاقية هامة لاقتناء مقاتلات “سو-34 فولباك”، التي تُعتبر من الطائرات الروسية الحديثة ذات القدرات الاستثنائية.
حسب ما أفادت به تقارير صحفية، منها Military Watch Magazine، تم تداول فيديو في الشهر الماضي يظهر شحنة صغيرة من تلك الطائرات بصيغة التصدير، مع توقعات بأن تتوجه أخيراً إلى الجزائر.
تشير هذه الصفقة إلى تاريخ طويل من التعاون العسكري بين الجزائر وروسيا، كما تؤكد مكانة الجزائر كأول عميل خارجي يحصل على النسخة المطورة من طائرة Su-34M.
خلفية تاريخية: العلاقة من الحقبة السوفيتية إلى الجزائر
ظهرت فكرة تطوير طائرة “سو-34″ في أواخر العهد السوفيتي، بهدف صنع مقاتلة متعددة الاستخدامات قادرة على تنفيذ ضربات دقيقة تحت ظروف جوية متنوعة. ورغم انهيار الاتحاد السوفيتي، لم تبدأ الخدمة الفعلية للطائرة إلا في عام 2014 ضمن القوات الجوية الروسية. تستند تصميمات الـ”سو-34” إلى المقاتلة الشهيرة “سو-27″، لكنها أثقل منها بنسبة 50%، مما يجعلها من أكبر الفئات الإنتاجية في مجال الطائرات المقاتلة.
القدرات التقنية: تصميم فريد وتسليح متطور
تتميز الـ”سو-34″ بمقدمة عريضة تشبه منقار البط، مع قمرة قيادة مزدوجة تضفي مرونة إضافية للطيارين. تمتلك الطائرة محركين من نوع Saturn AL-31FM1، مما يسمح لها بتحقيق سرعة تتجاوز 1.8 ماخ. ويتيح رادار SH141 المتطور تنفيذ عمليات هجومية دون الحاجة إلى مرافقة جوية، وبالتالي تعزز قدرتها على العمل بشكل مستقل.
فيما يخص التسليح، تحتوي على مدفع عيار 30 ملم GSh-301 وعشرة نقاط لتعليق الأسلحة، مما يمكّنها من حمل صواريخ مضادة للسفن وصواريخ جو-جو، بالإضافة إلى صواريخ جو-أرض وصواريخ مضادة للإشعاع، بجانب القنابل الموجهة وغير الموجهة. ومن أبرز أسلحتها صاروخ R-73 القصير المدى، المعروف بقدرته على الاشتباك مع الأهداف من زوايا متعددة سواء خلال المطاردة أو المواجهة المباشرة.
دلائل على اقتراب التسليم
تشير المعلومات الحديثة إلى تسريع جهود اختبار طائرات “سو-34 إم” المخصصة للجزائر. ووفقاً لما ذكره المختص في الرصد العسكري O R C A Milita على منصة “إكس”، تخضع هذه الطائرات حالياً لاختبارات طيران مكثفة، مما قد يمثل خطوات نهائية قبل التسليم الرسمي للجزائر. وهذه المعطيات تعكس التزام موسكو بتنفيذ العقد بسرعة على الرغم من التحديات الاقتصادية والعسكرية الناجمة عن النزاع في أوكرانيا.
الأبعاد الاستراتيجية لشراء الجزائر
رغم تلك التحديات، تمثل الـ”سو-34″ إضافة استراتيجية للجزائر، التي تطمح لتعزيز قدراتها في تنفيذ الضربات الجوية على المدى الطويل. من المتوقع أن تحل هذه الطائرة محل “سو-24 إم”، التي كانت نواة الهجمات الجوية الجزائرية لسنوات. وقد تشمل الصفقة في المستقبل أيضاً مقاتلات سو-35 وسو-57، مما يدل على تصاعد جهود الجزائر نحو تكوين أسطول متكامل قادر على الردع الإقليمي.
التداعيات الإقليمية المتوقعة
تتمتع الجزائر بالفعل بواحدة من أكبر القوات الجوية في إفريقيا والعالم العربي، ودعمها بـ”سو-34″ سيعزز من قدراتها الهجومية ويتفوق على معظم دول الجوار. هذا الأمر قد يؤدي إلى قلق إقليمي، خاصة في ظل التوترات المستمرة في الساحل الإفريقي والبحر الأبيض المتوسط. ومن المتوقع أن تراقب دول مثل المغرب وفرنسا هذه التطورات بعناية، مما قد يثير سباق تسلح غير مباشر في المنطقة.





