
العميد صلاح الدين أبوبكر الزيداني
أدخل الجيش الروسي نظام المدفعية الصاروخية “توس – 1 إيه” والمعروفة بقاذفات اللهب الحارقة، ليكون له دور بارز في عمليات القصف المكثف ضد القوات الأوكرانية في منطقة دونباس الشرقية. من المتوقع أن تعزز هذه الأنظمة أسلحة الجيش الروسي، مما يسرع من أعمالهم العسكرية بصورة ملحوظة.
تنتمي قاذفات “توس – 1 إيه” إلى فئة الأسلحة الحرارية، وتعتبر من أبرز عناصر المدفعية الروسية. يتم نشر هذا النظام تحت مظلة القوات المختصة بالحماية النووية والبيولوجية والكيميائية، نظرًا لاستخدامه للرؤوس الحربية الحرارية. تعمل هذه الأسلحة عن طريق نشر صواريخ مخصصة لخلق سحب غازية للمواد الكيميائية، يتم تفجيرها بواسطة متفجرات فراغية، مما يؤدي إلى إنشاء موجات صادمة ذات ضغط عالٍ. هذه الموجات تسحب الهواء من المناطق المحصورة، مما يسبب تفريغًا جزئيًا للهواء بقوة هائلة. وتؤدي هذه الظاهرة إلى إطلاق هجوم ضغط جوي يدمر المباني والخنادق والكهوف في ثوانٍ معدودة، مما يجعلها أداة فعالة ضد المشاة في المواقع المحصنة.
النظام يُعتبر ذا قدرة هائلة على تحييد العناصر العسكرية في مواقع تصعب الوصول إليها، وله تأثير مميت يمتد إلى مسافات كبيرة، حيث ينتج عنه حروق خطيرة تصل إلى الأفراد القريبين من مركز الانفجار.
قدمت قاذفات “توس-1”، المعروف في روسيا باسم “بوراتينو”، أدلة على قدراتها التدميرية في وقت مبكر من عامي 1988 و1989 خلال النزاع في أفغانستان. ثم تم استخدامها لاحقًا في حصار العاصمة الشيشانية غروزني عام 1999. كما استخدمت النسخة الأحدث “سولنسيبيوك” TOS-1A على نطاق واسع في سوريا عام 2016 ضد تنظيمات مثل القاعدة والدولة الإسلامية، وظهرت في ساحة المعركة لأول مرة في العراق عام 2014.
تم الإبلاغ بشكل متكرر عن استخدام النظام في أوكرانيا، حيث انتشرت مقاطع فيديو توثق الانفجارات الحرارية وأثارها التدميرية في مناطق دونباس ذات الكثافة السكانية الروسية. تُعتبر قاذفات “توس – 1 إيه” جزءًا فريدًا من الترسانة الروسية، والتي تطورت منذ دخول النسخة السوفيتية الخدمة في الثمانينيات.
دخلت النسخة الأحدث الخدمة عام 2003، حيث تم تحسينها لتوسيع نطاقها بنسبة 66% في 2020. النسخ الأولى كانت مثبتة على هيكل دبابة “تي-72″، بينما النسخ الحديثة استندت على هيكل دبابة “تي-90 إس”، مما يسهل الحفاظ عليها وصيانتها.
تتميز الراجمة “توس – 1 إيه” بالقدرة على إعداد نفسها للقتال في غضون 90 ثانية فقط، مما حول منطقة الهدف إلى جحيم مروع. تستطيع هذه الراجمة إطلاق 24 صاروخًا من عيار 220 ملم في أقل من 6 ثوانٍ، مع إمكانية دوران 360 درجة أثناء الإطلاق، وذلك بفضل نظام إطلاق نار إلكتروني يضمن دقة تحديد الأهداف. كما أن مركبة الدعم المرافقة تحتوي على 48 صاروخًا آخر يمكن تجهيزه لإطلاق دفعات إضافية من الصواريخ، ما يُعزز الاستمرارية في المعركة.
تستخدم “توس – 1 إيه” صواريخ مدفوعة بالوقود الصلب، وهي مزودة برؤوس حربية حرارية ذات انفجارات شديدة. وعندما يتم إطلاق الصواريخ إلى أقصى مدى، يمكن للراجمة تغطية مساحة تصل إلى 40 كيلومترًا مربعًا بفضل القوة النارية الهائلة التي تمتلكها، مع القدرة على الإطلاق بمدى يصل إلى 6 كيلومترات. رغم سرعتها التي تعزز قدرتها على المناورة أثناء الإطلاق، فإن “توس – 1 إيه” مزودة بنظام لتوليد الدخان على جوانبها، مما يساعد في تعزيز الاختفاء في ميادين القتال.
يصل وزن “توس – 1 إيه” إلى حوالي 45 طنًا، مع مدى التشغيل العملياتي الذي يصل إلى 550 كيلومترًا، ويمكنها الانطلاق بسرعة تصل إلى 60 كيلومترًا في الساعة، كما ورد في تقرير من موقع “أرمي تكنولوجي” الأمريكي.
شهد الجيش الروسي تسليم أول دفعة من الراجمات المطورة “توس – 1 إيه” (سولنسيبيوك). النسخة الجديدة من هذه الراجمات تحمل قدرات فريدة تُقلل من زمن إطلاق الصواريخ، وتستخدم ضد التحصينات الثابتة وعتاد العدو المتحرك. حيث يؤدي انفجار صواريخها إلى رفع درجة الحرارة ومستويات الضغط إلى أرقام مدمرة بالمواقع المستهدفة.
ذكرت وسائل الإعلام، نقلاً عن السكرتير الصحفي لإدارة أوديسا سيرجي براتشوك، أن القوات المسلحة الأوكرانية استخدمت للمرة الأولى TOS-1A “Solntsepyok” التي تم الاستيلاء عليها سابقًا ضد الجيش الروسي في منطقة إيزيوم. حيث تم استخدامها لإبادة تشكيلات الهجوم الروسية بالقرب من مدينة إيزيوم بمقاطعة خاركيف.
إن استخدام سلاح مثل “توس – 1 إيه” سيؤثر بشكل كبير على توازن القوى على الأرض، ويؤثر أيضًا على وضع القوات وتحركاتها. خاصةً أن أوكرانيا وحلفائها لا يمتلكون نظيرًا حقيقيًا أو أنظمة أسلحة مشابهة، مما يمنح القوات الروسية ميزة مهمة لدعم تقدمها، ويمكن أن يكون لها تأثير قاسي على القوات الأوكرانية.





