العقيد الركن م. ظافر مرادمقالات رأي

مسارات الصراع وآفاق المستقبل في لبنان

في تصريح مثير، تحدث وزير الدفاع الإسرائيلي “يوآف غالانت” عن العملية العسكرية التي أطلقها الجيش الإسرائيلي ضد حزب الله في لبنان. وقد سبقت هذه العملية عدة اغتيالات لقادة فلسطينيين ولبنانيين وعمليات تفجيرية لأجهزة الاتصالات. وأشار غالانت إلى أن هذه الخطوات تظهر نجاحًا مثيرًا للإعجاب، مما يعزز تطلعات القيادة العسكرية والسياسية في إسرائيل لتحقيق أهدافها المعلنة والخفية.

وفيما يتعلق بمسارات العملية، يتوقع أن تستمر العمليات العسكرية متجهة نحو مزيد من العنف، مع تكثيف الاغتيالات والتدمير. هناك فرص كبيرة لتوجيه ضربات للبنية الاقتصادية والمالية لحزب الله، مع إصرار على القضاء على كامل قدراته العسكرية ومنظومته القيادية. في سياق متصل، تُعتبر أي مساعي دبلوماسية لوقف الحرب مجرد أوهام لن تتحقق، كما أن الهجوم البري يُعدّ أمرًا قائمًا، وقد يمتد إلى الأراضي السورية التي تتاخم الجولان المحتل، ما يسمح بتوسيع منطقة عمليات إسرائيل.

تجدر الإشارة إلى أن الدعم للجبهة اللبنانية من قبل حلفاء حزب الله لم يرقَ إلى مستوى التوقعات، حيث كانت المواقف الحماسية تحاكي الطموحات، لكن النتائج كانت ضئيلة. إيران أعربت عن استعدادها لتعزيز علاقاتها مع دول العالم، وهو ما يعكس عدم رغبتها في التدخل العسكري المباشر لصالح الحزب في الوقت الحالي. بالإشارة إلى الصواريخ البعيدة المدى، فإن استخدامها يتطلب قرارًا إيرانيًا، ولم يتم اتخاذ تلك الخطوة حتى الآن.

تنطلق الحروب بهدف تحقيق نتائج سياسية تفرض الإرادة من قبل المنتصر. ولذا، في ظل الانشغال بالتفاصيل التكتيكية وآثار المعارك، يلزم على المستوى الاستراتيجي العسكري والسياسي إعداد شروط التسويات التي تعكس الواقع الميداني. في هذا السياق، فإن الاتفاقات الناتجة عن حرب 2006 في جنوب لبنان قد سقطت في طي النسيان، بينما تسعى حكومة نتنياهو إلى بناء واقع ميداني جديد يهدف إلى تحييد قدرات حزب الله والضغط على الحكومة والشعب.

يسعى المجتمع اللبناني والمجتمع الدولي لتحقيق عملية سياسية تربط مستقبل المناطق الشمالية بشكل نهائي. في هذا الإطار، تتجلى الأهداف الاستراتيجية لحزب الله، والتي تتضمن، بجانب دعم جبهة غزة، الحفاظ على الثقة في دوره وتحقيق شعبية أكبر في لبنان.

على الجانب الآخر، يعمل حزب الله على تجاوز التحديات المتكررة التي واجهها، طامحًا لاستعادة المبادرة وإظهار قدرته على مواجهة العدوان الإسرائيلي بقوة عبر إطلاق عدد كبير من الصواريخ. هذا ما تمكن من تحقيقه فعلاً ، حيث لا يزال يمتلك العديد من القدرات المخفية. الأيام القادمة قد تشهد تصعيدًا نوعيًا من كلا طرفي النزاع، مما قد يؤدي إلى تنفيذ هجمات برية أو استهداف منشآت حساسة، بالإضافة إلى احتمالية تنفيذ عمليات اغتيال ضد الشخصيات البارزة في الحزب.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى