
صلاح الدين أبوبكر الزيداني
نهائيات كأس العالم FIFA 2022 تُعتبر حدثًا بارزًا يضم 32 من أفضل الفرق الوطنية في كرة القدم، حيث يجذب ملايين المشجعين من مختلف أنحاء العالم. العاصمة القطرية، الدوحة، تستضيف البطولة من 20 نوفمبر إلى 18 ديسمبر. لضمان الأمان والسلامة لكل من المشاركين والزوار، قامت قطر بتعزيز قواتها الأمنية والعسكرية، مبرمة عدة اتفاقيات مع دول أخرى لدعمها بوحدات عسكرية وأمنية تابعة للقوة المشتركة، تأمينًا لهذا الحدث العالمي. على رأس الدول المشاركة تركيا والولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وألمانيا وغيرها، حيث تساهم جميعها بخبرات وتقنيات أمان متقدمة.
رئيس أركان القوات المسلحة القطرية أشار إلى أن الظروف غير المستقرة والصراعات المتزايدة في المنطقة، بالإضافة إلى خطر الإرهاب، قد دفعت قطر إلى تعزيز مؤسساتها الأمنية والعسكرية. وأكد أن العنصر البشري هو المحور الأساسي لتنفيذ استراتيجية الدفاع والأمن، مضيفًا: “هناك حاجة ماسة للتعاون الاستراتيجي مع الدول الصديقة لتعزيز الأمن والاستقرار”.
مشاركة دولية
تشارك العديد من الوحدات العسكرية الدولية، بما في ذلك قوات من الولايات المتحدة الأمريكية وإيطاليا وباكستان وتركيا، بالإضافة إلى بعثات أمنية من كوريا الجنوبية والمغرب ودول أخرى، لدعم جهود القوة المشتركة في تأمين هذا الحدث الهام على الأراضي القطرية تحت تسمية (عملية درع كأس العالم لكرة القدم 2022). هذه العملية تضمن تحقيق الأمن والحماية على كافة الأصعدة: البر، البحر، والجو.
تم إنشاء مركز عمليات متقدم يجسد التكامل بين الجوانب المدنية والعسكرية في تأمين البطولة، مجهز بأحدث التقنيات حيث يرتبط بحوالي 150 ألف كاميرا تتابع الأحداث في الملاعب وما حولها، مما يسهل اتخاذ القرارات السريعة من قبل القيادة.

في وقت سابق، أعلنت تركيا عن إرسال أفراد من جيشها وأمنها إلى قطر لتأمين كأس العالم، وذلك بموجب اتفاقية تعاون لتنظيم الفعاليات الكبرى. وكشف وزير الداخلية التركي، سليمان صويلو، في ديسمبر 2021، عن إرسال أكثر من 3000 شرطي تركي للعمل في قطر على مدى 45 يومًا، بالإضافة إلى إرسال 50 كلبًا بوليسيًا وخبراء في إبطال مفعول القنابل. تركيا، التي تمتلك قاعدة عسكرية في قطر، خصصت 100 عسكري من قواتها الخاصة للمشاركة في عمليات التأمين.
أعلن مسؤول في وزارة الأمن القومي الأمريكية عن دعم الوزارة في تأمين بطولة كأس العالم بقطر. هذا التعاون الدولي يعكس التنسيق الكبير بين الدول لضمان نجاح هذا الحدث الرياضي الضخم.
التعاون الأمني القوي للقضاء على التهديدات في كأس العالم 2022
تعمل قطر بوتيرة سريعة بالتعاون مع الولايات المتحدة لتأمين كأس العالم لكرة القدم، حيث أكدت وزارة الداخلية القطرية أنها ملتزمة بجهود جادة لضمان الأمن والسلامة خلال البطولة. يهدف هذا التعاون إلى تقديم دعم أمني شامل من خلال تبادل المعلومات والتفتيش الفعّال للركاب وتحسين أمن المطارات.
عبر بيان رسمي، أعلنت وزارة الداخلية المغربية دعمها للأمن في قطر خلال مونديال 2022، مع تأكيدها على استعدادها لمساهمة بالموارد اللوجستية والاستخباراتية بفضل خبرتها الكبيرة.
الحلف الأطلسي (الناتو) أبدى أيضاً استعداده لدعم قطر، حيث تلقت رسالة تتضمن تفاصيل التدريب على التعامل مع التهديدات التي تشمل المواد الكيماوية والبيولوجية وكذلك الحماية من التفجيرات.
سوف يُساهم الجيش الفرنسي بـ 300 عسكري، بالإضافة إلى 220 ضابطاً من وزارة الداخلية الفرنسية، لتقديم الدعم اللوجستي والخبرات الأمنية في مواجهة التهديدات المحتملة.
وعلى صعيد آخر، أرسلت إيطاليا 560 جنديًا من قواتها المسلحة بالإضافة إلى مجموعة من المركبات القتالية، بينما أرسلت إسبانيا 115 ضابط شرطة لدعم عمليات الأمن خلال البطولة.
سيتمركز 4500 جندي باكستاني في قطر، حيث صرح ضابط عسكري كبير بأن القوات ستقوم بمساعدة السلطات القطرية في تأمين المرافق الرئيسية، وخاصة معسكرات الفرق، بعد تلقي تدريبات متقدمة من فريق الفيفا الأمني.
استعدادات الأمن الجوي والبحري
تعمل القوات الجوية الأميرية القطرية على ضمان أمان الأجواء أثناء البطولة، حيث ستقوم مقاتلات سلاح الجو الإيطالي بتوفير تغطية جوية شاملة. تم تعيين “السرب المشترك لطائرات تايفون” لتعزيز الأمن الجوي بالتعاون مع سلاح الجو القطري، كما تشارك البحرية البريطانية في تأمين ممرات المياه القريبة من موقع البطولة.
تتضافر الجهود لمجابهة أي تهديدات أمنية من خلال التخطيط العملياتي المتكامل ورصد الأنشطة البحرية المحيطة. يُعتبر هذا التطور الأول من نوعه بالنسبة لبريطانيا، حيث توفر مستوى غير مسبوق من الأمن لمناسبة رياضية خارج أراضيها.
التسليح والجاهزية الأمنية
تتسلح القوات المشاركة بمعدات عسكرية متطورة تتنوع بين الطائرات المقاتلة والزوارق ومدرعات حديثة، مجهزة لمواجهة أي تهديدات. وقد حصلت قطر على أنظمة دفاع جوي جديدة من سويسرا لتقوية كفاءتها الأمنية وضمان نجاح كأس العالم.
تدريبات وطن الأمنية
في إطار التحضيرات الضخمة لهذا الحدث الرياضي العالمي، وضعت قطر استراتيجية شاملة لأمن بطولة كأس العالم. تم إنشاء برنامج خاص لتدريب أفراد الأمن، حيث تم تنظيم دورات تدريبية مشتركة لتطوير مهارات الكوادر الأمنية من الجهات الحكومية والشركات الخاصة.
كما قامت الشرطة الأوروبية ومركز الأمن الرياضي الدولي بتنفيذ تدريبات متخصصة لأفراد الأمن، لتمكينهم من التعامل مع الأزمات المحتملة وسيناريوهات الطوارئ.
بين 23 و27 أكتوبر من العام الماضي، أجرت مجموعة القوات المشاركة تدريبات أمنية مشتركة في قطر، حيث تم تسمية هذه التدريبات بـ “وطن”. شارك في هذه التدريبات نحو 32,000 عنصر من الأمن الحكومي و17,000 عنصر من الأمن الخاص، من حوالي 28 جهة ومؤسسة مدنية وعسكرية. كما تعاونت 13 دولة عربية وأجنبية في هذا الحدث، بما في ذلك سلطنة عمان وتركيا وروسيا وبريطانيا وفرنسا والبرتغال وألمانيا والولايات المتحدة، مما جعل هذا التمرين فريدًا من نوعه بهدف قياس سرعة الاستجابة في المواقف الطارئة.
وفي تصريح لقائد التمرين، المقدم ركن مبارك شريدة الكعبي، أوضح أن “تمرين وطن” يمثل محاكاة للتعاون بين الجهات العسكرية والأمنية، والهدف هو تعزيز الجاهزية وضمان النجاح الأمني. تم التدريب على جميع السيناريوهات المحتملة خلال البطولة.
بدء مهام التأمين والحماية
اعتبارا من الثالث من نوفمبر الجاري، بدأت القوات المنتشرة في الشوارع والأحياء مهماتها في تأمين المونديال. وتم تجهيز أكثر من 90 موقعًا جماهيريًا، من بينها حديقة البدع وكورنيش الدوحة، لتستضيف الفعاليات الرياضية والثقافية والسياحية.
تقنيات وتجهيزات أمنية مبتكرة
سيلعب استخدام التقنيات المتطورة دورًا حيويًا في تأمين بطولة كأس العرب. وأكد اللواء المهندس الأنصاري، رئيس لجنة عمليات الأمن، أن استضافة قطر لهذا الحدث تعزز من خبراتها الأمنية، حيث تم استخدام تكنولوجيا متقدمة تشمل الطائرات بدون طيار والروبوتات الأمنية. بالإضافة إلى ذلك، تم تجهيز الملاعب بنحو 150,000 كاميرا لمتابعة الأحداث في الملاعب والمناطق المحيطة بها.
ويجسد مركز عمليات أمن البطولة التنسيق بين الجهات المدنية والعسكرية، مع وجود خبراء أمنيين لتعزيز التعاون والتأكد من اتخاذ الإجراءات اللازمة لأي حالات طارئة.
تأمين الأحداث الرياضية الكبرى على مستوى عالمي
خلال التخطيط لتأمين حدث قطر 2022، أطلقت الأمم المتحدة دليلًا عالميًا لتأمين الأحداث الرياضية الكبرى، والذي بات متاحًا باللغات الرسمية للمنظمة. يعد هذا الدليل خطوة هامة في تعزيز حماية الأحداث الرياضية ضد التهديدات المختلفة. كما يوفر هذا الدليل الدول المستضيفة للفعاليات الرياضية أداة مرجعية لمعايير احترافية تشمل جميع أشكال الدعم الفني الدولي.
تمثل الوثيقة المعيارية للسلامة والأمن الرياضي تجربة مهنية متراكمة، تهدف إلى استدامة التعاون في التخطيط لأمن الأحداث الرياضية الكبرى، وضمان حماية مثالية لتلك الفعاليات.





