
العقيد الركن م. ظافر مراد
تشهد صناعة الطائرات الحربية تنافسًا ضارياً بين الشركات التي تسعى لتحقيق قفزات في تقنية التخفي من الرادارات. يهدف ذلك إلى تقليل “البصمة الرادارية” المعروفة باسم “Radar Cross Section (RCS)”، مما يجعل اكتشاف الطائرة شبه مستحيل أو يتأخر حتى يكون الوقت متأخرًا. هذه التقنية، رغم استخدامها في السفن الحربية وبعض عتاد القتال، تتألق بأهميتها بمجال الطيران، حيث تُعتبر الطائرات الحربية المقاتلة أو القاذفة الأكثر حاجة لها. تتطلب مهامها قدرة على التسلل إلى الأجواء المعادية، ما يعزز فرص النجاة من الدفاعات الجوية والطائرات الاعتراضية.
تتأثر قيمة البصمة الرادارية بعدة عوامل تشمل الشكل الهندسي، الحجم، المواد المستخدمة في تصنيع الهيكل، وأساليب الطلاء المتبعة، بالإضافة إلى أجهزة الإرسال والاستقبال والحساسات المثبتة. كما أن هناك عوامل ظرفية محتملة تؤثر على ارتفاع القيمة، مثل توقيت إطلاق الصواريخ والمقذوفات، أو حالات طارئة كالحوادث التي قد تصيب الطائرة.
تشمل الجهود أيضًا تقليص البصمة متعددة الأطياف، من خلال العمل على تخفيض البصمة الحرارية والبصرية. إن تحقيق هذه الأهداف يساهم في تقليل فرص الإصابة بواسطة صواريخ وطلقات الدفاع الجوي. تُطبق هذه التقنية على جميع المعدات العسكرية، سواء كانت برية أو بحرية أو جوية، لكن يبقى التركيز على سلاح الجو نظرًا لقدرته العالية على توجيه ضربات سريعة ومفاجئة تحقق نتائج حاسمة في المعارك.
كانت الولايات المتحدة الرائدة في صناعة الطائرات الشبحية، حيث أدت إلى إنتاج طائرة “F-117 Nighthawk” من شركة “لوكهيد مارتن”. كانت هذه الطائرة الأولى من نوعها التي تستخدم تقنية التخفي ضد معظم الرادارات. تم التركيز على التصميم الهندسي الذي يعمل على تشتيت الموجات الرادارية، حيث أُجريت أول رحلة ناجحة لها عام 1981 وشاركت بكثافة في العمليات الاستراتيجية ضد العراق خلال حرب الخليج الثانية. لكن المفاجأة كانت عندما أسقطت إحدى هذه الطائرات بواسطة الدفاعات الجوية اليوغسلافية عام 1999 باستخدام صاروخ سام-3، مما حفز على دراسة دقيقة حول نظام الموجات المستخدم.
تلا ذلك تصنيع طائرة القنابل “B-2 Spirit” ثم “F-22 Raptor” في عام 1997، وأيضًا “F-35 Lightning”. من ناحية أخرى، أبدع الروس في تصميم طائرة شبحية من الجيل الخامس تُعرف بـ “SU-57″، بينما تمكّنت الصين من تطوير طائرة شبحية مماثلة تُسمى “J-20”.
وفقًا لمعايير ودراسات علمية، تُصنف الطائرة على أنها شبحية إذا كانت بصمتها متعددة الأطياف تعادل أو تقل عن تلك لطائر في الجو.
تتربع الطائرة الروسية “SU 57” في المرتبة الخامسة, حيث تبلغ قيمة البصمة الرادارية (RCS) الخاصة بها 0.01 م2.
أما الطائرة الأمريكية “F-35”، فهي في المرتبة الرابعة مع قيمة RCS تصل إلى 0.005 م2.
في المركز الثالث، نجد الطائرة “F-117” التي تفتخر بقيمة RCS تبلغ 0.001 م2.
تحتل الطائرة “B-2” المرتبة الثانية, حيث تتمتع بقيمة RCS تعادل 0.0001 م2.
وفي المقدمة، يأتي النموذج المتقدم “F-22” أيضاً بقيمة RCS مماثلة تبلغ 0.0001 م2، إلا أنه يتميز بحجمه الأصغر وتقنيات إلكترونية أكثر تطوراً بالمقارنة مع الطائرة “B-2”.
تجدر الإشارة إلى الطائرة الصينية “J-20″، التي لم تؤكد بعد معلومات حول قيمة البصمة الرادارية الخاصة بها. مع ذلك، تشير التوقعات إلى أنها قد تعادل تلك الموجودة عند الطائرة الروسية “SU-57”، التي تصل إلى 0.1، حيث استفادت الصين من الخبرات الروسية في عملية تصنيع هذه الطائرة.





