
تزايد القلق بين الدول الغربية بشأن احتمال حدوث هجوم نووي من قبل روسيا، خصوصًا إذا زادت خسائرها على الأرض في أوكرانيا، وتزايد تفوق كييف.
في ظل هذه المخاوف، برزت تصريحات روسيا الأخيرة، حيث هددت باستخدام جميع الوسائل الممكنة للدفاع عن نفسها، مما يلمح إلى إمكانية اللجوء إلى السلاح النووي، وفقاً لصحيفة “واشنطن بوست”.
أفاد ديميتري ميدفيدف، الرئيس الروسي السابق ونائب رئيس مجلس الأمن القومي، أن التهديد باستخدام الأسلحة النووية في الوقت الحالي ليس هزلاً.
إذا كان التهديد ملموسًا، فإن السؤال الذي يحير الخبراء يتعلق بكيفية تنفيذ روسيا هجومها النووي، في حال قررت توسيع نطاق التصعيد بشكل كبير، مما يمثل تحولًا حادًا في مسار الحرب.
أربع سيناريوهات محتملة
قدم جوزيف كيرينسيون، الأكاديمي المتخصص في الأسلحة النووية، أربعة سيناريوهات توضح كيفية تنفيذ روسيا هجومًا باستخدام السلاح النووي على أوكرانيا أو على الغرب بشكل عام.
يرجح الكاتب الذي يعتبر ناشطًا ضد أسلحة الدمار الشامل أن احتمالية حدوث هجوم نووي روسي تتراوح من 10 إلى 40 في المئة.
يشدد الخبير النووي على ضرورة وضع خطة استباقية للتعامل مع أي هجوم نووي محتمل، وهو ما تعمل عليه المؤسسات الأمريكية المعنية.
منذ بداية العمليات العسكرية الروسية في أوكرانيا، تظل المخابرات الأمريكية في حالة استنفار كامل، تستطلع أي دلائل على استعداد روسيا لشن هجوم نووي.
السيناريو الأول: هجوم استعراضي
قد تلجأ روسيا إلى استخدام سلاح نووي في منطقة غير مأهولة، مثل البحر الأسود، كوسيلة لإظهار جديتها في التهديدات. في حال حدوث ذلك، تستهدف روسيا تصعيد الخوف لدى الغرب ودفعه للتراجع، خاصة بعد التقدم الأخير الذي حققته أوكرانيا بدعم عسكري من الولايات المتحدة وحلفائها.
في ظل هذا النوع من الهجوم، قد لا تحدث خسائر في الأرواح، لكنه سينشر حالة من الفزع في جميع أنحاء العالم، نظرًا لأن استخدام السلاح النووي لم يحدث في المعارك منذ 77 سنة.
لن تضطر الولايات المتحدة للرد عسكريًا في هذه الحالة، لكن روسيا قد تزداد عزلة دوليًا، حيث قد تضطر الصين والهند لأخذ مسافة أكبر منها.
يعتقد الخبير الأمريكي أن روسيا لن تعتمد هذا الخيار، نظرًا لعدم وجود فائدة استراتيجية تذكر له.
السيناريو الثاني: سلاح منخفض القوة
يمكن لروسيا أيضًا أن تستخدم سلاحًا نوويًا محدود القوة في هجوم على منشآت عسكرية أوكرانية، مما قد يؤدي إلى مئات أو حتى آلاف الضحايا مع خسائر مادية فادحة.
قد تلجأ روسيا لاستخدام رؤوس حربية تزن 10 كيلوطن، بإطلاقها عبر صواريخ “كروز” من منصات أرضية، مثل صاروخ “إسكندر”، والذي تم استخدامه بشكل مكثف في النزاعات على مر السنين.
إذا تحقق هذا السيناريو، فسيُسمع انفجار يعادل 10 آلاف طن من المواد المتفجرة، لكن نطاق الضرر يبقى محدودًا من وجهة نظر نووية. للإشارة، لقد كان وزن القنبلة التي دمرت هيروشيما 15 كيلوطن.
يتراوح مدى الأسلحة النووية بين 100 وألف كيلوطن، مما يثير مخاوف كبيرة في الساحة الدولية.
يعتقد بعض الخبراء أن روسيا تمتلك رؤوسًا حربية بحجم أصغر، قد تكون في حدود كيلوطن واحد فقط.
هذا السيناريو النووي يُعتبر الأكثر ترجيحًا، وفقًا للخبراء الأمريكيين، حيث أنه قد لا يستدعي أي رد فعل من الولايات المتحدة، رغم توقع البعض بأن واشنطن لن تتجاهل الأمر.
إذا لجأت روسيا إلى تنفيذ هذا السيناريو، فتوقعات تشير إلى أن الولايات المتحدة ستستجيب من خلال تزويد أوكرانيا بتكنولوجيا أسلحة متطورة، لمساعدتها في تحقيق خسائر أكبر في صفوف الجيش الروسي.
الخيار الثالث: سلاح بقوة هائلة
في هذا السيناريو، قد تستخدم روسيا سلاحًا بقوة تتراوح بين 50 و100 كيلوطن، مما يعني دمارًا أكبر بثلاث إلى ست مرات من قنبلة هيروشيما.
إذا حدث هذا الهجوم، فإن العدد المحتمل للضحايا قد يصل إلى عشرات الآلاف، بالإضافة إلى انتشار الإشعاع النووي على نطاق واسع.
في حال استهدف الهجوم العاصمة الأوكرانية كييف، فإن ذلك قد يعني القضاء على القيادة السياسية في البلاد، ما سيستدعي ردًا من الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي “الناتو”، لكن الرد قد لا يكون نوويًا بالضرورة.
من المحتمل أن تتجه واشنطن مع حلفائها إلى توجيه ضربات مركزة للقوات الروسية في مناطق أخرى من أوكرانيا، وهو خيار تمت مراعاته حتى الآن لتجنب اندلاع حرب عالمية ثالثة.
أيضًا، قد ترد الدول الغربية بهجمات سيبرانية موجهة ضد روسيا، في محاولة لمعاقبتها على القيام بهجوم نووي.
السيناريو الرابع: هجوم نووي على الناتو
هذا السيناريو يُعتبر الأقل احتمالًا، بل يُعتقد أنه مستبعد، وإذا أقدمت روسيا على ذلك، فإنها قد تستهدف أهدافًا للناتو في دول وسط أوروبا.
يمكن تنفيذ هذا الهجوم عبر صواريخ بعيدة المدى أو صواريخ كروز، وقد يؤدي ذلك إلى دمار هائل في دول الناتو، لم تشهده البشرية منذ نهاية الحرب العالمية الثانية.
في ظل هذا الاحتمال، يشير الخبراء إلى أن الغرب قد يتبنى إجراءات غير تقليدية، مثل تحييد بوتين، لضمان عدم قدرته على تنفيذ الهجمات.
يوصي الخبراء بتحضير استجابة سياسية شاملة من أجل ردع بوتين، ومنع تخطي الخطوط الحمراء النووية سواء في أوكرانيا أو في دول أوروبا.
سكاي نيوز عربية





