راني زيادةمقالات رأي

“مصر وطائرة J-35 الصينية: هل هي خطوة استراتيجية أم قفزة نوعية في مجال التسليح؟”

راني زيادة

يتزايد اهتمام مصر بالمقاتلة الصينية الشبحية من الجيل الخامس J-35، مما أثار جدلاً كبيراً في الأوساط العسكرية والدبلوماسية، لاسيما في الولايات المتحدة. بينما تسعى القاهرة إلى تنويع مصادر تسليحها، تُظهر بكين استعدادها لتقديم بدائل استراتيجية للدول التي تسعى للاستقلال الدفاعي.

في ضوء ذلك، تطرح التساؤلات: هل تسير مصر نحو خيار استراتيجي صيني؟ ولماذا يثير ذلك قلق واشنطن بهذا الشكل؟

تاريخ التعاون المصري الصيني

على مدى 45 عاماً، تعززت العلاقات الدفاعية بين القاهرة وبكين، بدءاً من دمج مقاتلات صينية تقليدية في سلاح الجو المصري، وصولاً إلى تمرين “نسور الحضارة” المشترك، الذي ظهرت خلاله نماذج لمقاتلة J-35. وأكد الفريق محمود فؤاد عبد الجواد، قائد القوات الجوية المصرية، في هذا السياق أهمية التعاون التقني مع الصين، مما يعد رسالة واضحة حول عزم مصر التوجه نحو الحصول على أنظمة تسليح متطورة من بكين.

مقاتلة J-35: منافس لإف-35 الأمريكية

تُعتبر J-35 من أبرز مقاتلات الجيل الخامس، حيث تتمتع بخصائص شبحية فريدة تقلل من وجودها على الرادار، مما يعزز قدرتها على الاختفاء أثناء العمليات القتالية. تُستخدم الطائرة محركين يمنحانها قدرة دفع رائعة وموثوقية تفوق مقاتلات الجيل الرابع. بالإضافة إلى ذلك، تحتوي على رادارات مقاومة للتشويش وأنظمة حرب إلكترونية حديثة، مما يجعلها خياراً جذاباً للدول التي تسعى لتحقيق توازن بين الكفاءة والتكلفة.

يرى بعض المحللين أن عرض نموذج J-35 خلال الحدث الرسمي في مصر لم يكن صدفة، بل دلالة مدروسة تعبر عن استعداد مصر لاستقبال هذه الطائرة في منظومتها الدفاعية.

قلق واشنطن… ومناورات مصر لتوسيع الخيارات

أفادت تقارير أمريكية بوجود قلق متزايد من تحول مصر نحو الخيارات الصينية، ولا سيما في ظل القيود الأمريكية المستمرة على صفقات التسليح النوعي، مثل مقاتلات F-35. ويشير المحللون إلى أن عرض J-35 في مصر يمثل ضغطاً غير مباشر على واشنطن، التي تتأخر في تنفيذ بعض الطلبات المصرية المهمة، كما حدث خلال النزاع الأخير في غزة.

ويعتبر الخبير العسكري سيد غنيم أن هذه الخطوة قد تعكس أيضاً محاولة للحد من الاعتماد على واشنطن، خاصة بعد اتجاه مصر لاستيراد نظم من دول مثل كوريا الجنوبية وفرنسا وألمانيا، مما يدل على رغبة استراتيجية في بناء علاقات دفاعية متعددة الجوانب.

https://www.youtube.com/watch?v=H8S0UVHlSNo[/embed>

استراتيجية تنويع أم تحول جيوسياسي؟

قد يُفهم الاهتمام المصري بمقاتلة J-35 كخطوة تكتيكية لتحسين شروط التفاوض مع الشركاء الغربيين. ومع ذلك، فإن تنامي التعاون العسكري مع الصين في الوقت الحالي قد يشير إلى تحول جذري، خاصة في حال تم الاتفاق على صفقة فعلية تشمل طائرات شبحية متطورة.

أيضاً، قد تكون زيارة الرئيس الصيني شي جين بينغ المرتقبة إلى القاهرة، التي يُنظر إليها كمناسبة “حاسمة”، فرصة لتوقيع اتفاقيات جديدة أو الإعلان عن مشاريع تعاون دفاعي رائدة.

التحديات المحيطة بالصفقة: هل يمكن أن تتحقق حقاً؟

على الرغم من الإشارات الإيجابية، إلا أن هناك تحديات فنية وسياسية تعوق إتمام الصفقة. التكامل مع نظم السلاح الغربية، التي تُشكل أساس التسليح المصري، قد يتطلب تعديلات كبيرة ومكلفة. علاوة على ذلك، فإن استيراد مقاتلة بهذا النوع يعني الانغماس في منظومة صيانة وتدريب تسليحية صينية كاملة، وهو ما يمثل تحدياً لوجستياً معقداً.

من ناحية أخرى، لا يمكن تجاهل الضغوط السياسية الأمريكية المحتملة، التي قد تتضمن تقليل المساعدات العسكرية أو إعادة تقييم اتفاقيات التعاون الاستخباراتي.

إعادة توجيه الخريطة الدفاعية في المنطقة

إن اهتمام مصر بالمقاتلة J-35 الصينية يُعد نقطة تحول في مسار تحديث العقيدة الدفاعية المصرية، وقد تكون خطوة مدروسة قد تُحدث تغييراً في التوازنات الإقليمية. سواء كانت هذه الخطوة تدبيراً سياسياً أم بداية تحول جذري، فإنها تعكس رغبة مصرية جلية في التحرر من الهيمنة الغربية في توريد السلاح.

يبقى السؤال مطروحاً: هل ستتخذ القاهرة القرار الحاسم لتصبح أول دولة في الشرق الأوسط تعتمد مقاتلة شبحية صينية في قوتها الفعلية؟
أم أن هذا العرض لا يزال جزءاً من استراتيجية لتوازن التحالفات واختبار ردود الأفعال؟

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى