
أعلنت موسكو عن اقتراب تسليم مقاتلة “سو-57” لأحد زبائنها الأجانب بحلول نهاية عام 2025، وقد تكون الجزائر هي المستفيد. يُعتبر هذا التطور تقدمًا استراتيجيًا كبيرًا يعيد تشكيل توازن القوى في منطقتي شمال إفريقيا والشرق الأوسط، حيث ستكون الجزائر من أوائل الدول التي تمتلك تقنيات الجيل الخامس خارج الدائرة الغربية، مما يخلق تساؤلات حول التداعيات الجيوسياسية لهذا الأمر.
تتزايد المنافسة في مجال التسلح الجوي في المنطقة، حيث تسعى الدول إلى تحديث قواتها الجوية. أحرزت المقاتلات تقدمًا هائلًا، مع ظهور الجيل الخامس الذي يتميز بقدرته على التخفي، والتواصل الشبكي، بالإضافة إلى مستوى عالٍ من الوعي الظرفي، مما يمكنها من تنفيذ مهام معقدة. الجزائر، التي تواجه تحديات أمنية متزايدة، تحتاج إلى تجديد أسطولها القديم لضمان تفوقها واستقرارها.
تتميّز “سو-57” بإمكاناتها الثورية التي تفوق العديد من النماذج الحديثة. وتستخدم تقنيات شبحية متطورة تقلل من بصمتها الرادارية من خلال تصميمها وموادها المركبة. تعزز محركات الدفع الموجه قدرتها على المناورة بشكل غير مسبوق، كما تحتوي على أحدث الأنظمة الإلكترونية، بما فيها كمبيوتر عالي الأداء ونظام رادار AESA الذي يمنح مستوى من الوعي لم يسبق له مثيل. وتستخدم الطائرة ذخائر داخلية مما يقلل من بصمتها، وتستطيع الوصول إلى سرعات تفوق سرعة الصوت، ما يمنحها ميزة تنافسية ملحوظة.
إضافةً إلى ذلك، يُمكن التحكم في الطائرة بواسطة الذكاء الاصطناعي أو عبر المشغل عن بُعد، على مسافات بعيدة، مما يلغي الحاجة لطواقم طيارين، الأمر الذي يزيل قيود الأداء المرتبطة بالجوانب الفيزيائية للطيارين في المواقف التي تتطلب سرعة ومناورة عالية، مما يجعل الأعباء الزائدة أقل تأثيرًا على تكتيكات القتال.
في السنوات الأخيرة، كانت شركة سوخوي المُصنعة لـ”سو-57” نشطة في المعارض الجوية التي أقيمت في الصين والهند، محاولًة جذب المشترين. في أغسطس 2011، تم عرض الطائرة لأول مرة للجمهور في المعرض الدولي للطيران “ماكس”، لكن تم تأجيل الإنتاج التسلسلي حتى منتصف عام 2019. وقد ساهمت الهند ماليًا في تطوير المشروع قبل أن تنسحب في عام 2018.

تعزز معلومات “ميليتاري ووتش” الفرضيات المتعلقة بالجزائر كأول زبون محتمل. وقد ظهر مسؤولون جزائريون وهم يحملون نماذج للطائرة، مما يثبت الاهتمام بالتنسيق لإدخال نموذج في وزارة الدفاع، وهو أمر يرسخ العلاقة الاستراتيجية الطويلة بين الجزائر وروسيا كمصدر رئيسي للأسلحة. هذه التطورات تشير إلى خطط الجزائر لاستيعاب المقاتلة وتعزيز قدرتها الدفاعية.
تثير الصفقة العديد من التساؤلات حول آثارها على المستوى الإقليمي والدولي. يُتوقع أن تمنح الجزائر تفوقًا جويًا غير مسبوق، مما يجعلها الرائدة في إفريقيا والعالم العربي في تشغيل مقاتلات الجيل الخامس.
ومع ذلك، ستواجه الجزائر تحديات بعد التسليم، تشمل ضرورة توفير تدريب مكثف للطيارين والفنيين، وتأمين تكامل لوجستي يستدعي استثمارات ضخمة، بالإضافة إلى التكاليف العالية للتشغيل والصيانة، والاعتماد على روسيا للحصول على الدعم الفني. يتوجب عليها التعامل بحذر مع أي ردود أفعال من البيئة الإقليمية والدولية.





