إيرانالأخبار العسكريةالأخبار العسكرية الإقليميةخاص

مقاتلات “ميغ-29” في إيران: هل هي مجرد بروباغاندا سياسية أم تغيير استراتيجي؟

خاص – ديفنس أرابيا

وفقًا لمصادر إعلامية خارجية، وصلت إلى إيران دفعة جديدة من طائرات ميغ-29 الروسية، وهو ما يُعد خطوة لتعزيز قدرات القدرات الجوية في البلاد. ومع ذلك، فإن التحليل الدقيق يشير إلى أن هذه الصفقة تحمل طابعًا دعائيًا أكثر من كونها تغييرًا فعليًا في هيكل القوة العسكرية.

تشير تحليلات الخبراء إلى أن العدد المحدود من الطائرات، بالإضافة إلى التحديات الاقتصادية والاعتبارات الجيوسياسية، يجعل من هذه العملية مجرد إضافة رمزية لا تتجاوز ذلك.

خلال احتفالاتهم، يتفاخر المسؤولون الإيرانيون بما يسمونه “قفزة نوعية” في القدرات الجوية، غير أن الأرقام والتفاصيل الفنية تبقى غامضة، كما أن حالة الطائرات نفسها غير متاحة. حتى مع تسليم تلك الطائرات، يوضح الخبراء أن عددًا قليلاً منها لن يؤثر بشكل ملحوظ على القوات الجوية المتطورة، خاصةً أن سلاح الجو الإيراني لا يزال يعتمد على تقنيات قديمة تعود لحقبة الحرب الباردة، مما يؤثر سلبًا على فعالية العمليات الجوية.

لذلك، يبدو أن هذا الإعلان يساهم بشكل أكبر في تعزيز الخطاب الداخلي في إيران وصورة “الصمود”، أكثر من كونه مؤثرًا حقيقيًا في القوى العسكرية.

يقول العقيد ظافر مراد، الخبير العسكري والاستراتيجي، إن وصول عدد محدود من طائرات ميغ-29 يُمثل بداية طويلة نحو تعزيز القدرات الجوية الإيرانية وحماية الأجواء الوطنية. ويشدد على أن الوضع الحالي يحمل بُعدًا دعائيًا بجانب كونه محاولة لاستعادة القوة الجوية، مشيرًا إلى أن “الترويج لتعزيز القوة الجوية الإيرانية عبر ميغ-29 يفتقر إلى الفائدة العملية، خاصة ما لم تُدعم هذه الخطوة بمبادرات تكاملية. رغم أنها كانت مهمة في الثمانينات والتسعينات، إلا أنها الآن غير قادرة على منافسة الطائرات الحديثة من الأجيال الرابعة والخامسة. لذا، سيكون أثرها في أي مواجهة محتملة محدودًا للغاية، ما لم تتبعها إيران بتحديثات تكنولوجية شاملة تشمل أنظمة رادارية وصواريخ متقدمة، بالإضافة إلى شراء أسراب من طائرات روسية أحدث.”

يدعو مراد إلى أن التحدي الأكبر الذي تواجهه إيران لا يكمن في الحصول على الطائرات، بل في قدرتها على حماية قواعدها الجوية وتشغيل وصيانة الطائرات، بالإضافة إلى تأمين قطع الغيار اللازمة، وهو ما تعوقه العقوبات الغربية وانشغال روسيا بإنتاجها بسبب الحرب في أوكرانيا. ويشير إلى أن إدارة أسطول جوي متكامل تتطلب وجود بنية تحتية ملائمة للشبكات الجوية، وأنظمة دعم لوجستي متكاملة، وطيارين ذوي خبرة، وهي العناصر التي تفتقدها إيران في الوقت الحالي.

ويؤكد مراد أن: “الجغرافيا الواسعة لإيران تتطلب ما لا يقل عن 200 مقاتلة حديثة لضمان فعالية الدفاع الجوي، بينما الحديث عن دفعة من ميغ-29 يبقى أكثر رمزية من كونه تحولًا عسكريًا. وما نراه اليوم هو محاولة لإعادة تشكيل وجه القوة في الداخل الإيراني وفي الرأي العام الإقليمي، وليس تغييرًا جذريًا في ميزان القوى.”

إن العقوبات الغربية ونقص الموارد المالية تعوق إيران عن تحديث قواتها الجوية، حيث إن روسيا والصين ليستا على استعداد لبيع طائرات متقدمة بأسعار معقولة، ولا تمتلك إيران القدرة على تصنيع طائرات جديدة محليًا. وهذا العجز يتجسد في اعتمادها المستمر على طائرات قديمة مثل إف-14 تومكات وميغ-29، مع محاولات محدودة للحفاظ عليها وزيادة عمرها.

وعلى الصعيد الدولي، تركز روسيا، التي تشارك في حرب أوكرانيا، جهودها على إنتاج مقاتلات سو-34 وسو-35 والطائرات المسيّرة لتلبية احتياجاتها، مما يصعّب تنفيذ صفقة تسليم 50 مقاتلة سو-35 لإيران. كما أن الصين قد باعت سابقًا مقاتلات جي-10 لباكستان، لكنها لن تكرر ذلك مع إيران، حيث تركز على تعزيز قوتها في مواجهة أي صراع محتمل في مضيق تايوان. بينما تعاني إيران من نقص السيولة المالية اللازمة لدعم صفقات ضخمة.

ويختتم مراد رأيه بالقول: “يجب أن توجه الرؤية الحقيقية لإيران نحو دمج أسراب الطائرات المسيّرة الهجومية مع أنظمة الحرب الإلكترونية، لإنشاء ما يُعرف بمصطلح ‘الجناح المخلص’ الذي يعزز عدد الطائرات المتاحة. هذا هو الخيار الوحيد لسد الفجوة التكنولوجيا، طالما استمرت العقوبات والتحديات الاقتصادية.”

تطرح هذه الأحداث سؤالًا رئيسيًا: هل ستنجح إيران يومًا في كسر قيود العقوبات لبناء قوة جوية حديثة، أم ستبقى رهينة لاستراتيجيات بديلة تركز على الحرب غير التقليدية؟ هذه الإجابة قد ترسم معالم ميزان القوى في منطقة الشرق الأوسط لعقود قادمة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى