
نسرين شاتيلا
تُعد روسيا القوة الرئيسية في مجال الردع النووي، حيث تُعتبر ترسانتها النووية واحدة من الأكبر في العالم. فمع امتلاكها أكثر من 1600 رأس نووي نشط ونصف القنابل النووية الموجودة عالميًا، تظهر قوتها الخفية بوضوح. من هنا، فإن وجود هذه القوة يجعل العالم يقف على حافة الخوف والترقب.
بوتين لا يُظهر قوته النووية بدون سبب، فهو يعلم أن سلاحه يثير الذعر على الأرض وفي البحر والجو. من الناحية البرية، تُعتبر الصواريخ البالستية العابرة للقارات أحد أبرز وسائل الرعب. يمتلك الروس صاروخ “آر- إس 28 سارمات”، والذي يُعرف أيضًا باسم “صاروخ يوم القيامة”، حيث يتميز بقدرته الكبيرة على تخطي أي نظام دفاعي.
أما في السماء، فتتمتع موسكو بأكبر قاذفة استراتيجية تُعرف بالبجعة البيضاء، التي تحمل صواريخ بالستية ومجنحة مشحونة بالرؤوس النووية. هذا السلاح يمثل قفزة نوعية في تكنولوجيا الحرب الحديثة.

وبالإضافة إلى ذلك، تمتلك روسيا مجموعة من الغواصات النووية القادرة على تدمير أي شاطئ. طوربيدات بوسيدون تُعتبر من الابتكارات الحديثة، حيث يمكنها التسلل إلى قاع البحر وتجاوز الدفاعات الساحلية، مما يتسبب في موجات تسونامي إشعاعية مدمرة.

بعد بدء العدوان الروسي على أوكرانيا، أدركت روسيا المأزق الذي وجدت نفسها فيه بفعل العقوبات الدولية وتدهور الروبل. وفي مواجهة المساعدات الدفاعية لأوكرانيا من قبل الناتو والدول الغربية، أمر بوتين بوضع قوات الردع النووية في حالة تأهب. هل اقتربت الحرب النووية؟ وتُرى، هل سيكون السلاح النووي هو المفتاح لنشوب حرب عالمية ثالثة تُغير مجرى الحياة كما نعرفها؟
في سياق متصل، أشار وزير الخارجية الفرنسي، جون إيف لورديان، إلى أن الناتو هو أيضًا قوة نووية، مما يزيد من تعقيد الوضع. هذه الأحداث توضح الأبعاد الجيوسياسية الخطيرة التي تسود العالم اليوم.
في تحليله للأوضاع الراهنة، أكد الكاتب والباحث السياسي السعودي، يحيى التليدي، أن روسيا ارتكبت خطأً كبيرًا في تقدير عمليتها العسكرية في أوكرانيا. فقد أدت ردود الفعل الدولية الرافضة والمقاومة الأوكرانية القوية إلى تعقيد الأمور، مما أثار قلقًا من أن تتحول أوكرانيا إلى مستنقع يصعب على الروس الخروج منه.
ورغم أن التليدي يعتبر الخيار النووي الكبير غير مرجح، إلا أنه أقر بوجود احتمالية لاستخدام روسيا لأسلحة نووية تكتيكية في ساحات معينة. حيث قال: “بينما يبقى الاستخدام الموسع للسلاح النووي أمرًا غير محتمل في الوقت الراهن، فإن استخدام أسلحة نووية تكتيكية يظل خيارًا قائمًا”.
بالإضافة إلى ذلك، تبقى الصورة ضبابية بشأن مدى جدية التهديدات التي يطلقها بوتين بخصوص ثالوثه النووي؛ البري، والجوّي، والبحري. ولا يخفى على القيصر أن السلاح النووي هو أداة خطيرة يستخدمها هو وحلف الناتو، وضغط زر الإطلاق له عواقب وخيمة تدمر وتحصد الأرواح.





