علي الهاشممقالات رأي

حرب الجبابرة: هل يكون الغرب قد أعد لروسيا فخًا مميتًا؟

علي الهاشم – باحث كويتي مختص بالشؤون الدفاعية

يُعتبر التصعيد الروسي تجاه أوكرانيا نقطة قلق رئيسية تتداولها الأوساط الدولية والإعلامية، وتفوقت على حتى جائحة الفيروس التاجي كورونا. هذا الأمر يتسبب في انشغال الإعلام على الرغم من الحملات الهائلة للتلقيح في جميع أنحاء العالم.

تشير الحشود الروسية المتزايدة إلى أن غزو أوكرانيا قد يكون وشيكًا، مما يثير توترات متزايدة. تُعتبر نية أوكرانيا الانضمام إلى حلف الناتو سببًا رئيسيًا لهذا التصعيد، حيث تعتبر القيادة الروسية ذلك تهديدًا لنفوذها في المنطقة.

في خضم هذه التوترات وتنقلات الأحداث، يبدو أن روسيا قد تجد نفسها مضطرة للدخول في صراع. لا أنحاز لأي طرف، لكنني مدفوع بذكريات عن سيناريوهات مشابهة توقعها البعض منذ عقود.

في عام 1998، أصدر كل من كاسبر واينبرغر وبيتر شوايتزر رواية بعنوان “الحرب المقبلة” أو “The Next War”، التي استحضرها رئيسة وزراء بريطانيا السابقة مارغريت تاتشر. يستعرض الكتاب خمسة سيناريوهات مستقبلية، من بينها سيناريو يشير إلى توتر مع روسيا.

هذا السيناريو يتوقع أن يتولى الحكم في روسيا قائد ذو توجهات عسكرية، يسعى لإحياء روح الحرب الباردة. ويتحرك هذا القائد المفترض لشن هجمات منخفضة المستوى على أوروبا، وصولًا إلى احتلال بولندا وتوسيع السيطرة الروسية إلى القنال البريطاني.

المؤلفان لم يستبعدا استخدام روسيا لأسلحة نووية محدودة، إذا ما تطلب الأمر من أجل الدخول في مواجهة مع قوى حلف الناتو مثل ألمانيا وفرنسا.

هناك سيناريو آخر يتناول الحرب ضد روسيا، مؤلف من الجنرال المتقاعد ريتشارد شيريف. نشر في عام 2016 رواية بعنوان “حرب مع روسيا 2017″، حيث يعرض كيف أن التوترات مع روسيا هي مسألة وقت. يشير شيريف إلى غزو روسيا لجورجيا في عام 2008 واحتلال القرم عام 2014، موضحًا أن القوة النووية لن تؤدي بالضرورة إلى ردع روسيا عن تصرفاتها العدوانية.

فضلًا عن ذلك، يتحدث شيريف عن أن الحرب السيبرانية يمكن أن تكون سلاحًا فعالًا لاحتواء روسيا، في إيحاء بوجود أدوات سرية بيد قوى غربية قد تُحدث تحولًا جذريًا في الصراع الحالي.

في الختام، يبدو أن السيناريوهات المطروحة توضح نقطتين رئيسيتين. الأولى تتعلق بتصاعد التوترات، والثانية تتناول احتمالات التصعيد العسكري في المستقبل.

قد تظهر هذه الروايات كتحليل عسكري استراتيجي بحت أو كاستنتاجات سياسية غير مقصودة.

تجدر الإشارة إلى أن النقطة الثانية تشير إلى أن الغرب، منذ انهيار الاتحاد السوفياتي، كان حريصًا على احتواء روسيا، الوريثة للاتحاد السوفياتي، بمجرد شعوره بأي محاولات لاستعادة قوتها. وهذا يشير إلى أن بوتين قد يكون واقعًا تحت ضغط كبير، كما يُقال:

“مرغم أخاك لا بطل.” وهذا الوضع قد يحمل تداعيات عميقة في كيفية سيطرة الغرب على الأوضاع، خوفًا من ظهور قوة مناوئة، والتي تمثلها في الوقت الراهن الصين.

من مصلحة الصين أن يتصاعد هذا الصراع إلى مواجهة نووية شاملة، قد تؤدي إلى تدمير كلا الطرفين، وهو ما يمكن أن يتيح لها الفرصة لفرض نفوذها على العالم المتبقي. مُستفيدةً من المثل القائل: “حط حيلهم بينهم.”

وبذلك، قد تكون الساحة الدولية بعد ذلك قابلة لتسيد الصين عليها، إذا ما تبقى من العالم ما يُذكر.

حقيقة؛ كل شيء وارد في ظل الفوضى وعدم الوضوح العالمي نتيجة للأضرار التي خلفتها الجائحة الحالية في المجتمع الدولي.

مصدر: صحيفة الغد الكويتية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى