
حسين خلف موسى
تاريخ السلاح النووي على المستوى العالمي يشير إلى ظهور هذا النوع من الأسلحة خلال الحرب العالمية الثانية، عندما قام العالِم الأمريكي فيرمى في عام 1942 بإجراء تجارب غيرت وجه الطاقة، محولة الذرة إلى قوة تدميرية هائلة. نتيجة لهذه الجهود، انطلق مشروع مانهاتن لصنع القنبلة النووية، حيث أُجري أول تفجير نووي أميركي في 16 يوليو 1945، تلاه إسقاط أول قنبلة نووية على هيروشيما ونجازاكي في 6 أغسطس 1945.
بعد الحرب، سعى الاتحاد السوفييتي إلى امتلاك القنبلة النووية لمواكبة الولايات المتحدة، حيث أجري أول تفجير نووي لهم في 1949. وفي عام 1950، وافق الرئيس الأمريكي ترومان على إجراء تجارب للقنبلة الهيدروجينية التي تم إنتاجها في نوفمبر 1952، ليتبعها الاتحاد السوفييتي في أغسطس 1953. هذا وقد ظهر الصاروخ الروسي العابر للقارات في عام 1957، في وقت كانت الطائرات الأمريكية قادرة على نقل الأسلحة النووية إلى الأراضي السوفيتية. انضمت بريطانيا إلى النادي النووي في عام 1952، تليها فرنسا في 1960، والصين في 1964، ثم الهند وباكستان في عام 1974، بالإضافة إلى دول أخرى كالبرازيل وإسرائيل وجنوب أفريقيا.
مفهوم الدبلوماسية النووية:
تعبر الدبلوماسية النووية عن جهود المجتمع الدولي، بما في ذلك منظمة الأمم المتحدة والوكالة الدولية للطاقة الذرية، لمنع انتشار الأسلحة النووية على مختلف الأصعدة. تهدف هذه الجهود إلى المحافظة على الحق في استخدام الطاقة النووية لأغراض سلمية، مع التركيز على عدم استخدامها لأغراض عسكرية، وذلك عبر رقابة دولية صارمة على الأنشطة والبرامج النووية.
أبعاد الدبلوماسية النووية:
تتضمن الدبلوماسية النووية عدة جوانب معقدة ومتداخلة، مما يجعل التعامل معها تحديًا في إطار دولي متكامل. ومن أبرز هذه الأبعاد:
- كيفية الحد من انتشار الأسلحة النووية في المناطق التي تخلو منها أو التي تحتوي عليها بشكل محدود، مثل شرق آسيا والشرق الأوسط.
- ضمان أمان الدول غير النووية التي تنازلت عن حقها في امتلاك الأسلحة النووية، في ظل تهديدات محتملة من الدول النووية.
- طرق الحد من انتشار الأسلحة النووية من خلال الضبط أو إزالة هذه الأسلحة من ترسانات الدول.
- إيجاد وسائل لإيقاف التجارب النووية للدول التي لا تزال في مرحلة الاختبار.
- كيفية تعامل المجتمع الدولي، بما في ذلك الأمم المتحدة ومجلس الأمن، في حال حدوث احتمال استخدام السلاح النووي.
التحديات التي تواجه جهود تقييد انتشار الأسلحة النووية:
تتعدد الصعوبات التي تعرقل الجهود الدبلوماسية الرامية إلى تقليل انتشار الأسلحة النووية، مما يتطلب تنسيقاً وتعاوناً دولياً فعالاً للوصول إلى الأهداف المرجوة.
تواجه الدبلوماسية تحديات جمة تحول بينها وبين تحقيق أهدافها. من أبرز هذه التحديات:
1- تآكل مصداقية الضمانات الدولية: التي قدمت للدول التي قررت التخلي عن حقها في امتلاك الأسلحة النووية، وذلك عبر توقيع المعاهدات الخاصة بمنع انتشار الأسلحة النووية.
2- ضعف آليات الرقابة الدولية: إن السيطرة على البرامج والأنشطة النووية في العديد من الدول تعاني من نقص في الفعالية، مما يزيد من القلق حيال هذه الأنشطة.
3- الدول النووية الغير خاضعة للرقابة: مثل الهند وباكستان وإسرائيل، تمتلك الأسلحة النووية وتطورها دون أي تدقيق أو التزام بالمعاهدات الدولية الجارية.
4- تصرف الدول النووية الخمس الكبرى: هذه الدول تتمتع بحرية مطلقة في تطوير برامجها النووية مع غياب الرقابة من المجتمع الدولي، مما يخلق وضعاً غير متوازن وغير مقبول.
5- الشبكات غير المشروعة: توجد شبكات دولية تعمل في تهريب المواد والتقنيات النووية، مما يصعب تعقب تحركاتها ويزيد من مخاطر وقوع هذه المواد في أيدي الجماعات الإرهابية.
6- تصاعد تهديدات الإرهاب الدولي: تتزايد مخاطر الإرهاب بموارده الضخمة وإمكانياته، خاصة بعد أحداث 11 سبتمبر 2001، مما يزيد من الرغبة في حيازة أسلحة الدمار الشامل.
7- ازدواجية المعايير الدولية: هناك اختلاف واضح في ردود الفعل الدولية تجاه انتهاكات الدول لالتزاماتها بشأن الأسلحة النووية، كما هو الحال مع كوريا الشمالية وإيران مقارنة بإسرائيل.
8- فشل المنظمات الدولية: عجز الأمم المتحدة وغيرها من المنظمات الإقليمية عن تجاوز الصراعات سلمياً يسهم في ضعف الإقناع للأطراف المعنية بعدم حيازة الأسلحة النووية.
النصوص الأساسية في معاهدة منع انتشار الأسلحة النووية:
استغرقت المباحثات حول هذه المعاهدة حوالي 10 سنوات بهدف فرض حظر شامل على انتشار الأسلحة النووية مع وجود ترتيبات للرقابة والتحقق. تم التوقيع عليها في يونيو 1968 ودخلت حيز التنفيذ في مارس 1970.
أهم المواد:
المادة الأولى: تلزم الدول النووية بعدم مساعدة أو تشجيع الدول غير النووية على إنتاج أو الحصول على الأسلحة النووية بأي شكل.
المادة الثانية: تفرض على الدول غير النووية عدم السعي للحصول على الأسلحة النووية أو المساعدات التي تمكنها من ذلك، مما يقطع الطريق أمامها للوصول إلى الأسلحة النووية.
المادة العاشرة: تحدد شروط انسحاب أي طرف من المعاهدة، مثل أن يكون هناك أحداث استثنائية تمس مصالحه، مع ضرورة إبلاغ الأطراف الأخرى ومجلس الأمن بهذا الانسحاب قبل ثلاث أشهر.
فيما يتعلق بكوريا الشمالية، أعلنت انسحابها من المعاهدة في 11 يناير 2003، ولكن لم يصدر تصريح مشترك حول هذا القرار من باقي الأعضاء.
تنص المعاهدة على مجموعة من الالتزامات الهامة التي يتحتم على الأطراف الالتزام بها. وفقاً للمادة 10، يقع الأمر على عاتق الأطراف المتعاقدة أو مجلس الأمن لتحديد الجوانب القانونية. الدول المودعة، مثل بريطانيا، الولايات المتحدة الأمريكية، وروسيا، تلعب أيضاً دوراً رئيسياً في هذا السياق.
من الجدير بالذكر أن الوكالة الدولية للطاقة الذرية ليست طرفاً في المعاهدة ولا تملك القدرة على تحديد الحالة القانونية لعضوية أي دولة. ولذلك، تظل كوريا الشمالية محتفظة بعضويتها في المعاهدة. كما أن إدارة شؤون التسلح في الأمم المتحدة لا تزال تسجل كوريا ضمن قائمة الدول الأعضاء.
حسين موسى هو باحث دكتوراه في العلوم السياسية ومستشار سياسي للعديد من مراكز الدراسات الاستراتيجية في مصر ودول أخرى مثل مركز الوفاق الإنمائي في ماليزيا، وشرفات لبحوث الإرهاب في الأردن، وليفانت في إنجلترا، وكاتب في روسيا. كما أنه صحفي متخصص في الشأن الإسرائيلي.





