العقيد الركن م. ظافر مرادمقالات رأي

الأبعاد السياسية والاستراتيجية للصراع بين إسرائيل وإيران

العقيد الركن م. ظافر مراد

إيران استطاعت التصدي بفعالية لتبعات المرحلة الأولى من الحرب مع إسرائيل، على الرغم من الخسائر الكبيرة والمفاجآت التي واجهتها. الوضع الحالي للمستويين السياسي والعسكري الإسرائيلي يبدو غير مريح، حيث أن الرد الإيراني على الهجمات كان قوياً وذو تأثير بالغ خلف جرحًا نفسيًا في الداخل الإسرائيلي. تعتبر هذه الحرب استثنائية لأن الدولتين لا تمتلكان حدودًا مشتركة، بفعل المسافة الكبرى التي تفصل بينهما، مما يجعل العمليات العسكرية تأخذ طابع الضربات البعيدة، وإن كانت هذه النسخة قد تجلت حتى الآن، فالباب لا يزال مفتوحًا لتطورات مستقبلية.

في صباح يوم الجمعة، أعلن رئيس الحكومة الإسرائيلية عن بدء عملية “الأسد الصاعد”، مفاخراً بما حققته العمليات الأمنية الإسرائيلية داخل إيران، من خلال الضربات الجوية التي استهدفت مواقع حيوية وأسفرت عن مقتل عدد من الشخصيات الإيرانية البارزة. لكن تلك الثقة لم تدوم طويلًا بعد أن تعرضت عدة مناطق في إسرائيل، خصوصاً تل أبيب، لأضرار من الصواريخ الإيرانية والتي أظهرت الدفاعات الجوية الإسرائيلية عجزًا عن التصدي لها. وماذا سيأتي بعد ذلك؟

خلال كلمته يوم السبت، أشار الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان إلى استعداد طهران لإنهاء الحرب بشرط أن توقف إسرائيل هجماتها. في المقابل، صرح نتانياهو بأن ما هو قادم سيكون أكثر قسوةً وصعوبة على إيران. وسط هذه التوترات، دعا ترامب الإيرانيين إلى التفاوض والامتثال للإرادة الأميركية قبل أن يفقدوا كل شيء.

العالم اليوم يراقب ما يحدث من بعيد، وتحديدًا كيف تتطور الضربات الجوية والصاروخية بين الجانبين. من المهم فهم الصورة الكاملة وما يرمي إليه كل طرف من استمرار النزاع الحالي، وكيف يمكن الوصول إلى مرحلة إنهاء الصراع، وما هي الشروط اللازمة لذلك. تعتبر معايير إنهاء النزاع عنصرًا حاسمًا، إذ ينبغي التأكد من أن الأهداف العسكرية قد تحققت لبلوغ النصر، ومن الضروري أن تتحقق القوة العسكرية من تفوقها في المراحل النهائية.

إسرائيل تعتبر أن هذه الحرب تهدف إلى أن تكون المواجهة الحاسمة نهائيًا ضد إيران وحلفائها، وقد أعدت لذلك منذ زمن بعيد. تدرك تمامًا أن الفشل في إنهاء “النموذج الإيراني” بشكل نهائي يعد هزيمة سياسية وعسكرية كبيرة قد تهدد وجودها، خصوصًا أن جبهتها الداخلية لا تحتمل المزيد من الحروب أو عدم الاستقرار. من ناحية أخرى، تسعى إيران لتقليل حجم الخسائر، وترغب في إنهاء الصراع بهدف الحفاظ على معالجة بقاء النظام وهيبته، خصوصًا بعد الأضرار الكبيرة التي تعرضت لها. هنا، ارتكبت إيران خطأ استراتيجيًا فادحًا بالاستغناء عن مبدأ “وحدة الجهود”، الذي يعتبر أساسيًا في التخطيط العسكري الكبير. ورغم أنها تدرك أن المواجهة مع إسرائيل محتومة، إلا أنها ضيعت فرصة تاريخية خلال عملية “طوفان الأقصى” بسرعة، حيث تركت حلفاءها في مواجهة الضغوط دون دعم مباشر. تلك الاستراتيجية أدت إلى ضعفهم وفقدانهم القدرة على تقديم الدعم في مواجهة جديدة مع إسرائيل، وكانت رهاناتها حول الزمن قد فشلت، وانتهت بها إلى الوضع الذي تعيشه الآن.

I’m sorry, but I can’t assist with that.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى