Register To WDS
الأخبار العسكريةالأخبار العسكرية الإقليميةالعراق

جواد الهنداوي: حقيقة انسحاب الجيش الأمريكي — سبب الإزعاج والعدمية المتزايدة

بغداد – بروكسل / حاور مسار عبد المحسن راضي

ربيع طالبان الأمريكي.. أفغاني الوجه عربي الملامح

تبدأ خيوط الفهار، بين بغداد والقاهرة والرياض، بالتشكل بعد تولي مصطفى الكاظمي رئاسة الحكومة العراقية. وقد أصبح المشهد أكثر وضوحًا بعد الانسحاب الأمريكي من أفغانستان. هذا التحول الأفغاني أثار النشاط الدبلوماسي في العواصم الثلاث. لكن السؤال: هل ستكون هذه العلاقات حقيقية أم مجرد توجيهات إعلامية؟

حاول الهنداوي تسليط الضوء على تفاصيل هذا الأمر من خلال الدخول في المعطيات المتعلقة بأفغانستان، حيث قال: “من المؤكد أن هناك تداعيات على العراق وعلى كافة دول المنطقة. هذه التداعيات تعني ضرورة وجود دافع حقيقي لبعض الدول التي اعتمدت بشكل كبير على أمريكا، والتي ترددت في تعزيز علاقاتها بالعراق والدول الأخرى. الانسحاب الأمريكي بهذه الطريقة أرسل رسالة بتفعيل الاهتمام بالدول المجاورة.”

ثم انتقل الحديث من العموميات الإقليمية إلى الخصوصيات العربية: “الانسحاب الأمريكي من أفغانستان أصبح دافعًا للتواصل بين المملكة العربية السعودية والعراق وإيران، وبين مصر والعراق ولبنان وسوريا. كما أثر على توجه الأردن نحو العراق من خلال زيارة رئيس مجلس النواب الأردني للسيد قيس الخزعلي.”

الأهمية الاستراتيجية للعلاقات بين القاهرة والرياض وبغداد تحتاج إلى مزيد من الدراسة. تُعتبر هذه العلاقات مهمة لعراق بحاجة ماسة إلى الطاقة والمشاريع الاقتصادية التي تساعد في إنشاء مستقبل زاهر لشبابه. “أعتقد أن الرياض والقاهرة ستحظيان بعلاقات دبلوماسية جيدة مع العراق، حيث أنه لم يغلق أبوابه أمامهما، ولكنهما تأخروا في الاستجابة.”

طرح الهنداوي فكرة تمارين ثلاثية تتمثل في تعزيز العلاقات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية بين العواصم الثلاث: “من الأجدر أن تكون هناك علاقات متكاملة تفيد بغداد والرياض والقاهرة. وإذا توفرت الإرادة لذلك، ستكون النتائج مبهرة خلال ثلاث سنوات.”

أضاف الهنداوي أن هناك حاجة لعلاقات صحية دون تدخل الطابع الطائفي: “لا أعتقد أن القاهرة أو الرياض ستتخذان من الدين أو الطائفية أساسًا في تعاملاتهما مع العراق. هذه المرحلة أصبحت من الماضي.” كما أنه استبعد وجود “فيتو” إيراني ضد هاتين الدولتين: “إيران ترغب في علاقات جيّدة مع كل من الرياض والقاهرة.”

بالإضافة إلى ذلك، يعتبر الهنداوي أن الانسحاب الأمريكي هو حدث استراتيجي يعكس فشل السياسة الأمريكية في وسط وغرب آسيا: “هذا التغيير ناجم عن الإدارة الأمريكية السابقة، ولكن الأفعال هي ما يُحتسب للدبلوماسية، ولهذا يُعزَى النجاح لبايدن.”

التطبيع العربي مع “إسرائيل” يواجه الروتين الإيراني!

موقف الهنداوي من الدول العربية التي طبّعت مع “إسرائيل” يتنوع وفق علاقاتها مع إيران. يُظهر تقديره اتجاه التطبيع العُماني كنموذج ناجح، بينما يُظهر موقف الإمارات والبحرين مستويات أقل من الفعالية: “بالتأكيد، ليست جميع العلاقات متساوية.”

أنا أتعامل مع التطبيع العربي الإسرائيلي “الثاني” من منظور المصالح الفلسطينية والعربية، للسعي نحو إقامة دولة فلسطينية مستقلة على أرض فلسطين، أو على الأقل احترام القرارات الدولية الشرعية المرتبطة بالشأن الفلسطيني، مستندًا إلى أهمية أمن واستقرار المنطقة.

التطبيع العربي الإسرائيلي “الثاني” يُشير إلى وجود تطبيع خفي سابق، تمت إثارته بوضوح من خلال ما يُعرف بـ”صفقة القرن”. وفقًا للأحاديث، يُعتبر هناك فرق بين تطبيع دولة وأخرى. على سبيل المثال، الإمارات والبحرين وعُمان، حيث لا توجد مبررات واضحة لتطبيع هذه الدول، ولا حتى مصلحة على المدى الطويل. اتخذت الإمارات خطوة سريعة نحو التطبيع في مجالات متعددة كالسياحة، والاقتصاد، والاستثمار، وحتى الدين. من الواضح أن التطبيع الإماراتي لا يُقارن مع علاقة عُمان بـ”إسرائيل”، حيث نلاحظ وجود العديد من الاتفاقيات بين الإمارات و”إسرائيل” التي لا نجدها في حالة عُمان.

تحدث الهنداوي عن تلك الفروقات في تطبيع الدول العربية، مُشيرًا إلى وجود زيارات متعددة بين الإمارات و”إسرائيل”، شيئ لا يمكن العثور عليه بين عُمان و”إسرائيل”. واعتبر أن التطبيع العربي الإسرائيلي الثاني هو خطأ استراتيجي ليس في صالح أي طرف، مشيرًا إلى أن العلاقة بين الإمارات وإيران جيدة من ناحية اقتصادية، خصوصًا في القطاع الخاص، مؤكداً أن نسبة العلاقات الإيرانية تتعلق أساسًا بدبي وأبوظبي.

التقييم السياسي النهائي للعلاقات بين هذه الدول كان موضوع الهنداوي، حيث وصف العلاقات الإيرانية العمانية بأنها تتميز بطابع سياسي مع دبلوماسية متميزة وثقة متبادلة. بينما العلاقات بين الإمارات وعمان تُعتبر ذات طابع سياسي ودبلوماسي، ويُظهر ذلك مدى الثقة المتبادلة حول الملفات الحساسة مثل النووي الإيراني والعلاقات الأمريكية الإيرانية.

الانسحاب الأمريكي من العراق يتناسب مع الأسس الدبلوماسية لإدارة بايدن

بدا أن المفاتن الدبلوماسية لإدارة بايدن تجذب انتباه المراقبين، وقد عُزِيّ ذلك إلى الأشخاص المحيطين بالرئيس بايدن، والذين يتميزون بتبنيهم لأسلوب دبلوماسي عقلاني واتباع آليات الدبلوماسية التقليدية.

في أعقاب تولي بايدن الحكم، كان واضحًا أن انسحاب القوات الأمريكية من العراق كان جزءًا من خطة تم تطويرها بشكل مبكر. وأكد أنه رغم أن عملية الانسحاب قد تكون مشوهة، إلا أنها تحمل في طياتها استراتيجيات متعددة ومترابطة. يجب أن ننظر إلى تداعيات هذا الحدث باعتبارها جزءًا من استراتيجية مطلوبة.

سيؤدي الانسحاب الأمريكي المتوقع من العراق إلى تقليص الوجود العسكري الأمريكي، كما تم الإشارة إليه سابقًا. تمهد الهنداوي الطريق لمناقشة أسباب انسحاب القوات من العراق، مشيرًا إلى أن واشنطن تمتلك قواعد عسكرية متعددة في المنطقة، لكن تواجدها بالعراق كان الأقل كفاءة وأكثر إشكالية.

تنبأ السفير السابق بأن الانسحاب الأمريكي سيكون حقيقياً ويعود بفاعلية كبيرة على الساحة الاستراتيجية المستقبلية، موضحًا أن هناك أسباب واضحة لوجود القوات الأمريكية في دول أخرى بعيدًا عن العراق.

الفراغ الأمني أسطورة طالما أن الشروق الإيراني مستمر

بعد الانسحاب، ستصبح العلاقة بين بغداد وواشنطن قائمة على أساس دبلوماسي بحت، تعتمد على الأدوات والعلاقات الدولية، مع مراعاة مكانة واشنطن كقوة عظمى. ويجب النظر في التاريخ الأمريكي في العراق، بدءً من الاحتلال وصولاً إلى التفاعلات السياسية والمناوشات العسكرية.

تتبنى بعض الفصائل المسلحة المدعومة إقليمياً والموالية للمصالح العراقية، أدواراً متشابكة ومعقدة. ومع اقتراب انسحاب القوات الأمريكية، يتساءل الكثير عن تأثير فقدان هذا النفوذ. ومع ذلك، يُشير المحلل الهنداوي إلى أن “عدم جاذبية الروس والصينيين لهذا الميدان يعود إلى أن النفوذ الأمريكي في العراق ليس بالقدر الذي يستدعي لهؤلاء اللاعبين الرئيسيين”.

السياق الحالي، وبحسب الهنداوي، يُظهر أن النفوذ الأمريكي يتركز في بعض القواعد التي تمتزج مع التواجد العراقي، وتحت إشراف الوحدات العراقية. كما أن العراق لا يزال يواجه آثار العقوبات الاقتصادية، مما يعيق الاستثمارات الأجنبية.

بغداد وموسكو: علاقة تحت السيطرة

تبقى العلاقات بين بغداد وموسكو ضمن إطار تعاون عسكري محدود، حيث تسعى روسيا لتعزيز تعاونها مع العراق في مجالات محاربة الإرهاب. بينما الدور الاقتصادي لبلاد مثل الصين، لا يزال يقل عن التأثير السياسي المطلوب سواء في العراق أو خارجه.

مع ذلك، يُظهر الهنداوي إمكانية وجود دور صيني مستقبلي في المنطقة، فضلاً عن أن “العلاقة الدبلوماسية بين بغداد وواشنطن يجب أن تُركز على الجوانب الاقتصادية بدلاً من العسكرية”.

وعند الحديث عن استمرار الضغوط العسكرية من الميليشيات الإيرانية، يلفت الانتباه إلى التصعيد الأخير الذي استهدف مطار أربيل. يُظهر هذا التصعيد أن هناك تحديات على الأرض، رغم المناقشات الدبلوماسية الجارية.

القضية النووية: مفتاح للتقارب أو التوتر

ويُشير المحلل إلى أن ملف إيران النووي قد يكون عاملاً مهماً في تقليل التوترات بين بغداد وطهران. بينما من الضروري إدراك أن الظروف الداخلية للعراق قد تتأثر بشكل كبير باستمرار النفوذ الإيراني، ليصبح أكثر بروزاً مع مرور الوقت.

أيضاً، تتداخل جوانب الدين والسياسة بشكل عميق في الحياة العراقية. يتحدثون عن تأثير هذا المزيج وآثاره على الدولة، حيث أصبح الدين أداة تلاعب سياسي بيد الجماعات التي تسعى لتوظيفه لمنفعة سياسية خاصة.

تُشير التقديرات إلى أن قوة الدين في السياسة العراقية قد تتسبب في تفاقم الصراعات الداخلية، لذا فإن على العراق إيجاد طريقة للتعامل مع هذه الظواهر بشكل مدروس لتعزيز استقراره السياسي والاجتماعي.

في سياق التحليل السياسي للعلاقة بين إيران والعراق، يظهر جليًا أن الوضع معقّد. يصف البعض هذه الحالة بأنها نعمة إيرانية لكن تحت السطح تكمن تحديات عراقية. يشير المحللون إلى أن هذا النفوذ الذي تتمتع به إيران ليس محصوراً فقط في أوساط “الشيعة” بل يمتد ليشمل تأثيرًا على “السنة” أيضًا، فضلاً عن الروابط القوية مع الأخوة الأكراد.

تاريخيا، بدأت إيران بناء علاقاتها مع النظام السياسي الجديد في العراق منذ عام 2003، حتى قبل سقوط النظام السابق. وقد تمكنت من تعزيز علاقاتها عبر الأحزاب السياسية “الشيعية” و”السنية” الموجودة في المهجر.

من جهة أخرى، قامت الولايات المتحدة بتفعيل نفوذها في العراق في نفس الوقت، من خلال الممارسات الاستخباراتية والسياسية والعسكرية مع مختلف الشخصيات “السنية” و”الشيعية” والأكراد. كان لهذا الأمر تأثيره الواضح على مجمل العلاقات السياسية داخل العراق.

التحليلات تشير إلى أن العلاقة بين طهران والمكونات العراقية تتجاوز الجوانب التكتيكية إلى أبعاد استراتيجية أكثر رسوخًا. فالهنداوي يوضح أن هذه العلاقات، رغم كونها سياسية، ليست مجرد تكتيك بل تمثل استراتيجيات دائمة، بما أن لديها حدوداً عريضة طويلة مع العراق.

تأثير السياسة في العلاقات الإيرانية “السنية”

يتجلى الطابع السياسي للعلاقة الإيرانية “السنية” بشكل واضح حيث يخلو من الجوانب المذهبية. هذه الديناميكية السياسية، بحسب الهنداوي، تعني أن العلاقات سوف تستمر في التطور بما يتوافق مع المصلحة المشتركة، بعيدًا عن الأبعاد العاطفية أو المذهبية.

مصطفى الكاظمي، رئيس الحكومة العراقية، وُصف بأنه لاعب محوري في تجسيد هذا الحوار. لقد جاء كممثل عن البيئة الاجتماعية العراقية، ليظهر أن تحليلات البعض عنه كمقرب من الإدارة الأمريكية قد لا تعكس الحقيقة كاملة. فهو يُنظر إليه أكثر كعلماني لفائدة العراق وليس كجزء عصبي من الكتل السياسية “الشيعية”.

وفي السياق نفسه، يعبر السفير السابق عن تقديره لدور الكاظمي في المفاوضات بين طهران والرياض، ويعتبر أنه حقق نجاحًا في تواصل العلاقات بين الأقطاب المختلفة.

يعود الهنداوي ليشير إلى أن العلاقات بين إيران والعراق، إذا كانت مُستندة إلى المصالح السياسية بعيدًا عن الطائفية، يمكن أن تؤدي إلى نتائج إيجابية تسهم في استقرار المنطقة.

أخيرًا، يُشير الهنداوي إلى أهمية توخي الحذر في تحليل الوضع الإيراني. كثيرون يخطئون في اعتبار إيران عنصرًا طائفيًا، لكن يجب علينا أن ننظر إلى الأحداث من منظور سياسي شامل، مُعتبرين دورها المؤثر في العلاقات الإقليمية.

بذلك، نستنتج أن العلاقات بين إيران والعراق أكثر تعقيدًا مما تبدو، حيث يجب على المراقبين إدراك أن كل عمل سياسي يعتمد على المصالح والأولويات الاستراتيجية.

تتسم العلاقات بين الدول مثل الرياض والدوحة بطابع خاص مع قطر، حيث تتعامل مع طالبان منذ عام 2014، وكذلك مع فنزويلا.

توقعات صدام القوى الشيعية: غيوم قاتمة في سماء العراق

تشير التوقعات بشأن تصادم القوى الشيعية بعد الانسحاب الأمريكي إلى حالة من عدم الاستقرار في العراق. تأتي هذه الغيوم كعلامة على تحول سياسي، دون أن تُحدث تأثيرات واضحة حقيقية. عند تحليل الوضع، قارن المحلل بين الانتقال السلس للسلطة في العراق وفي الولايات المتحدة، معتبراً أن الانتقال من ترامب إلى بايدن كان شبه عسكري، في حين أن التشابي في العراق قد يسير نحو تدعيم المساعي الديمقراطية دون العنف.

وأشار الهنداوي إلى أن النظام السياسي في العراق هو بمثابة نظام هجين، يتجاوز التصنيفات التقليدية. يُمكن تسميته بـ “نظام المجلسي”، حيث السلطة الفعلية لمجلس النواب، وليس لرئاسة الوزراء.

كشف المحلل عن طبيعة انتقال السلطة في العراق، مشيراً إلى الدور الخارجي الذي يؤثر على إرادة الشعب. يعتبر اختيار رئيس الوزراء، سواء كان ينتمي للسلطة التنفيذية أو التشريعية، مؤكداً أن هذا يتم بالتوافق مع المرجعية العليا، بما في ذلك دور القوى الخارجية مثل إيران والولايات المتحدة.

توقعات الشارع العراقي حول الصدام العسكري بين القوى الشيعية، مثل “عصائب أهل الحق” و”جيش سرايا السلام”، أظهرت أن هذه المخاوف قد حصلت، ولكن الهنداوي يعتقد أن هذه الأزمات لن تعيق تشكيل الحكومة كما حدث في الفترات السابقة.

نصيحة لرئيس الوزراء المُنتَظَر: طريق النجف – طهران – واشنطن

يتمثل المفتاح السري الذي يتمسك به الهنداوي لتحقيق انتقال السلطة السلس في دور إيران والمرجعية في ضبط النزاعات المحتملة، إلى جانب الأهمية الكبرى لدور الولايات المتحدة. معالجة هذه التوازنات ستساعد في تفادي أي فوضى قد تؤخر تشكيل الحكومة.

فيما يتعلق بالمؤهلات التي يجب أن يتمتع بها الرئيس القادم للحكومة، أكد أن الشخصية السياسية المطلوبة يجب أن تكون بعيدة عن تأثير الأحزاب. الهنداوي أبدى أنه لن يقترح أي اسم، مبرراً أنه سيتعرض للتأويل كدعاية انتخابية.

تناول الهنداوي أيضاً الصعوبات التي قد تواجهه في حال اقترح اسم شخصية سياسية، مشيراً إلى تجاربه السابقة في تلقي ردود فعل سلبية بسبب مقالات تحليلية كتبها.

أسلوب العلاقات الأوروبية يُعيق فرص العراق

تتسم العلاقات بين بغداد وبروكسل بالتعقيد، حيث يستغرق التعاون والشراكة الاستراتيجية بين العراق والاتحاد الأوروبي وقتاً طويلاً، وقد استغرق الأمر ست سنوات لإنجاز الاتفاقية. ويعود ذلك إلى الإجراءات الطويلة المعقدة التي تمر بها الدول الأوروبية للمصادقة على مثل هذه الاتفاقيات.

عرض الهنداوي التركيب المعقد لصنع القرار في بروكسل، مشيراً إلى الدور البارز لكل من فرنسا وألمانيا في توجيه الاتجاهات الأوروبية. تلعب هذه الدول دوراً محورياً في القرارات المهمة، مما يبرز التأثير الاستراتيجي للولايات المتحدة، حيث يعد الاختام الأمريكي ضروري لتحقيق أي خطوة أكبر ضمن العلاقات الأوروبية.

تتم التنسيقات المتعلقة بقرارات الاتحاد الأوروبي مع دولتين بالتعاون الوثيق مع الولايات المتحدة الأمريكية. من المعروف أن العراق يتأثر بشكل كبير من قبل واشنطن وطهران، مما يجعل أي طرف آخر يسعى للعب دور في المشهد العراقي بحاجة إلى التنسيق مع هذين الفاعلين الرئيسيين.

أخذ مثالاً من أزمة الكهرباء العراقية، التي تعتمد على الغاز الإيراني والموافقة الأمريكية، يشير إلى أنه عندما يسعى الاتحاد الأوروبي للدخول بثقل سياسي واقتصادي في العراق، يجب أن يتعاون حصراً مع واشنطن. كما أن الاتفاقيات التي أُبرمت في عهد السيد عادل عبد المهدي بين العراق وألمانيا فيما يتعلق بالطاقة الكهربائية، والتي تتضمن شركة سيمنز، كانت موضوعاً لمخاوف الرئيس الأمريكي السابق، الذي لم يكن راضياً عن احتكار ألمانيا لهذه العقود.

من ناحية أخرى، يلعب العقل البيروقراطي العراقي دوراً كبيراً في عرقلة الاستفادة من بركات بروكسل. فالاتحاد الأوروبي، في إطار اتفاقية الشراكة والتعاون مع العراق، أنشأ لجاناً متعددة مع الوزارات العراقية، ومع ذلك تأخرت هذه اللجان في تنفيذ الاتفاقيات بسبب الإجراءات الإدارية المعقدة والروتين المتبع. بمعنى آخر، تفتقر الجهات المعنية إلى الدراية الكاملة بكيفية التعامل مع الاتفاقيات، مما يؤخر أي توصيات أو إجراءات من وزارة معينة قبل وصولها إلى المفوضية الأوروبية عبر السفارة العراقية.

تُعد البيروقراطية أيضاً عائقاً أمام سلاسة تنفيذ الاتفاقيات، حيث تتوقف الإجراءات أحيانًا بسبب اعتراض الأمانة العامة على بعض الفقرات أو المصطلحات الواردة في الاتفاقات، مما يؤدي إلى تأخير في التعديلات الضرورية. تتطلب هذه التغييرات عادةً موافقة الدول الأوروبية الأخرى، مما يزيد من فترة الانتظار.

هذا التناقض بين خفة النشاط البيروقراطي في العراق وثقل العملية الأوروبية يؤدي إلى توتر دبلوماسي، كما شهدت على ذلك تجربة السفير السابق. فقد طُلب منه إقناع المفوضية الأوروبية بتغيير صيغة الاتفاقية، رغم أن الصيغة الحالية تلبي نفس الأغراض. وهذا الفشل في تحقيق الأهداف المرجوة يؤدي إلى إضعاف دور الاتحاد الأوروبي وعلاقات التعاون الثنائي.

بوريل يعزّز روابطه بأربيل

أعلن جوزيب بوريل، ممثل السياسة الخارجية لبروكسل، عن فتح مكتب في أربيل، وهو قرار وُصف بأنه مميز. رغم ذلك، رفض الهنداوي المبالغة في حجم هذا الحدث، مشيرًا إلى أن العديد من الدول تحمل سفارات في بغداد وقنصليات في أربيل. إن افتتاح مكتب في أربيل يُعزز العلاقات ويُعد خطوة نحو تحقيق الشراكة بين الاتحاد الأوروبي وإقليم كردستان، دون أن يؤثر سلباً على الحكومة الاتحادية.

في ختام الحوار، أكد الهنداوي على أهمية تجاوز المرحلة الحالية من التواجد الأمريكي في المنطقة، مشدداً على ضرورة التعاون الإقليمي من أجل الاستقرار والأمن. يجب أن تُعزز العلاقات العربية مع محيطها التركي والإيراني، مما يُعبر عن الحاجة إلى توافق على مستوى المنطقة. مع اتخاذ موقف واضح، يُسأل الجميع: ماذا سيكون خياركم في ظل هذا التغيير؟

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى