Register To WDS
علي الهاشممقالات رأي

استكشاف تأثير الرادار الكمي الصيني على تقنيات التخفي المتقدمة

علي الهاشم – باحث كويتي مختص بالشؤون الدفاعية

كشفت الصين عن استعداد رادارها المبني على تكنولوجيا فيزياء الكم، مما يعكس تقدمها الكبير في مجال الدفاع. هذه التكنولوجيا الحديثة تعد بصمة جديدة في عالم الرادارات.

لفهم هذه التقنية بشكل أفضل، يجب أن نتعمق في مفهوم “RADAR”، وهو اختصار لـ RAdio Detection And Ranging، والذي يعني تحديد المسافات والكشف بالاعتماد على الموجات اللاسلكية.

يعمل الرادار من خلال استخدام الموجات الكهرومغناطيسية، مما يمكّنه من رصد وتحديد المسافات بدقة على مدار اليوم وفي ظروف جوية مختلفة.

تم إضافة تقنيات جديدة إلى الرادار مثل قياس الدوبلر والنبضات، مما يعزز قدرته على تحديد الأهداف بدقة. ولتكون موجات الرادار فعّالة، يجب تشفيرها. تتسم الطائرات، بمختلف أنواعها، ببصمة رادارية مميزة تتعلق بحجمها وسطحها الذي يعكس تلك الموجات. بصمة الطائرات تكون أكثر وضوحًا عند ظهورها من الأسفل، بينما تقل عندما تكون في وجهها أو خلفها.

لتحسين فرص التخفي، تميل الطائرات المقاتلة إلى التحليق على ارتفاعات منخفضة، مما يساعدها في تفادي الرادارات الأرضية. إن التضاريس والموانع الطبيعية، مثل المباني، تلعب دورًا حيويًا في إخفاء الطائرات عن الرصد، إذ تُظهر موجات الرادار نتائج ضعيفة عند اصطدامها بالهياكل الصلبة.

عنصر الخفاء

يُعتبر عنصر الخفاء أساسيًا في تصميم الطائرات، حيث يُستخدم طلاء خاص يمتص موجات الرادار. هذه الفكرة تم تطبيقها لأول مرة من قِبل الألمان خلال الحرب العالمية الثانية، حيث استخدمت المواد الماصة في الغواصات لتجنب الرصد من سفن الحلفاء.

في العصر الحديث، ظهرت مواد جديدة تمتاز بقدرتها على امتصاص الإشعاع الراداري بشكل فعال. في عام 1982، اكتشفت شركات يابانية مثل TDK وNEC هذه المواد وعملت على تحسينها، مما أدى إلى تطوير الطائرات الشبحية مثل F-117 وB-2.

تقنية الخفاء المضاد للرادار الأخرى تعتمد على استخدام البلازما، حيث تُنشأ سحابة غير مرئية حول الطائرة، مما يمكّنها من امتصاص موجات الرادار. رغم فعاليتها، تؤدي هذه التقنية إلى حجب الاتصالات مما يجعل الطائرات غير قادرة على إرسال أو استقبال أي رسائل أثناء المهام.

الخفاء الراداري والبصري!

في هذا السياق، ننتقل كليًا إلى عنصر الخفاء.

تُعتبر تقنية الإخفاء بواسطة المواد الخارقة خطوة مستقبلية في مجال الطيران العسكري. السؤال المطروح هو: هل يمكن إخفاء الطائرة عن الأعين البصرية تمامًا، كما تم إخفاؤها عن الرادار؟ الجواب يكمن في استخدام “Metamaterial” أو المادة الخارقة.

تُستمد هذه التقنية من فيزياء الكم، التي تتعامل مع مكونات الذرة وما دونها. وبالتالي، فإن الخصائص الكهرومغناطيسية لهذه المواد تعتمد على تركيبها، وليس فقط على المواد المكونة لها. يرتبط هذا المفهوم بتكنولوجيا النانو، مما يمكّن من التحكم في تفاعلها مع الضوء عبر هندسة الجزيء الخارق للمادة. يمكن لهذه التقنية أن تأخذ مسارات غير تقليدية تجعل الجسم غير مرئي بشكل كامل.

علاوة على ذلك، يمكن توليد حقل مغناطيسي يحرف موجات الرادار عن المركبة المستهدفة، مما يجعلها خفية على كلا المستويين، البصري والراداري.

الرادار الكمي – Quantum Radar

عندما أعلنت الصين عن تطوير رادار متقدم قادر على كشف المركبات الجوية الخفية “الستيلث”، تم التطرق لتكنولوجيا الرادار الكمي التي تعتمد على الفيزياء الكمومية.

كيف يعمل الرادار الكمي؟

يعمل الرادار الكمي وفق مبدأ التشابك الفوتوني، حيث تُستخدم جسيمات الضوء في رصد الأجسام الطائرة. يُعتمد في هذا النظام على نظرية الكهروديناميكا الكمية التي تفسر كيفية تفاعل الذرات والجزيئات مع المجال الكهرومغناطيسي. بعكس الرادارات التقليدية التي تعتمد على الموجات الكهرومغناطيسية، يُتيح الرادار الكمي قدرة على رصد تفاصيل دقيقة من حوله، مما يجعله أداة فعالة للكشف عن جميع الأنظمة المتحركة في الفضاء.

وفقاً للمعلومات المتاحة، تعتبر لوكهيد مارتن واحدة من الشركات الرائدة في هذا المجال، حيث تمتلك براءة اختراع للرادار الكمي وتعمل على تطوير أنواعه، لا سيما في التطبيقات ذات العلاقة بالمركبات الفضائية.

أسرار التكنولوجيا الأمريكية

على الرغم من معرفة الكثير عن تقنية الرادار الكمي، إلا أن هناك وثائق سرية تشير إلى استخدام هذه التكنولوجيا من قبل الولايات المتحدة. ويستند ذلك إلى دراسة أجراها رولاند إيفانز حول إمكانية تطبيق تكنولوجيا لاستشعار الجاذبية للكشف عن الطائرات الخفية. توصل إيفانز إلى أن هذه التكنولوجيا قد تعزز القدرة على رصد الطائرات الخفية من خلال قياس ثقلها أو بصمتها الكتلية، مما يعدّ بديلاً دقيقًا للرادارات الكمية.

عن الكاتب

الأستاذ علي الهاشم هو باحث كويتي مختص في مجال الدفاع والطيران والأنظمة الدفاعية. بعد عمله كخبير في الخطوط الجوية الكويتية لمدة 22 عامًا، قام بتقديم محتوى أسبوعي متخصص في جريدة القبس الكويتية، ولديه إجادة في مجال علوم الطيران من خلال مقالاته في مجلات علمية ودفاعية. له تجربة واسعة في اختبار والتحليق بعدة طائرات عسكرية مما يضيف قيمة لمعارفه في هذا المجال.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى