
العميد صلاح الدين أبوبكر الزيداني الأنصاري
تزايد استخدام الأنظمة الغير مأهولة في النزاعات المسلحة بشكل ملحوظ، حيث أصبحت خيارًا حيويًا بالنسبة للجيوش التي تتجه نحو مهام قتالية معقدة. تتنافس شركات الإنتاج على تصميم أنظمة تتناسب مع متطلبات التسليح، مما يشير إلى نشوء نمط قتالي جديد يهيمن فيه تلك الأنظمة على ساحات المعارك، مما يُظهر كيف يمكن للحروب أن تتحول إلى صراعات بلا أخلاق.
أثبتت المركبات المسيرة فعالية كبيرة بفضل التقنيات المتطورة المستخدمة فيها. من خلال مشاركتها في مهام قتالية متعددة، أظهرت أن بإمكانها تقليل الخسائر البشرية، وهو الأمر الذي يُعتبر أولوية بالنسبة لكافة الجيوش. نجاح تلك الأنظمة في المعارك جعلها خيارًا مفضلًا لتجنب المخاطر التي تواجه الجنود التقليديين.
إن الطائرات المسيرة والمركبات الأخرى أصبحت تُعتمد في موقف أقل شأناً بالنسبة للبشر، حيث تم تصميمها لأداء المهام “المملة أو القذرة أو الخطيرة”. بدأت رحلتها في التطبيقات العسكرية، ولكن سرعان ما انتقلت إلى مجالات أخرى مثل التصوير الجوي، تسليم المنتجات، العمليات الزراعية، وعمليات الشرطة والمراقبة.
أضحت الحروب تستحضر مشاهد الألعاب الإلكترونية، حيث يتم استهداف الأعداء ومراقبتهم عن بُعد. يتحكم الضباط في العمليات من غرف مريحة، حيث يمكنهم شرب الشاي ومتابعة الأحداث عبر شاشاتهم. هذا يجعل من الصعب تخيل القسوة التي قد تترافق مع تدمير الأهداف.
في تقرير نشرته مجلة فوربس، ذُكر أن المركبات المسيرة دخلت عهداً جديداً منذ خريف 2019، حينما استخدمت تركيا والصين طائرات مسيرة في ليبيا لضرب أهداف خلال النزاع. ومع تزايد استخدام هذه الأنظمة، أصبح من الأساسي إعادة تقييم تقنيات القتال التقليدية.
مصطلح “الدرونز” لم يعد مقتصرًا على الطائرات بل أصبح يشمل مجموعة واسعة من الأنظمة الغير مأهولة، مما يتطلب فهماً دقيقاً للتكنولوجيا الحديثة في مجال الحروب. من المتوقع أن يُحدث هذا التطور تأثيرًا كبيرًا على أدوات الصراع المستقبلية.
البداية كانت في عام 2000، عندما تفوقت الولايات المتحدة على الكثير من الدول في مجال تصنيع الطائرات المسيرة، تلتها بريطانيا وإسرائيل. منذ عام 2005، دخلت تركيا عبر صفقات ناجحة، بينما كشفت الصين في 2010 عن 25 موديل جديد. التقارير الدولية تُشير إلى ارتفاع عدد البرامج البحثية لتطوير تلك الأنظمة إذ بلغ عددها حوالي 680 برنامجًا.
بحسب تقرير الكونغرس الأمريكي في 2012، قامت نحو 76 دولة بتطوير وتصنيع حوالي 900 نظام من نظم الطائرات دون طيار، مما يوضح كيف قفز العدد من 41 دولة في 2005 إلى 76 دولة في 2011. هذا النمو جاء نتيجة للاستخدام الناجح للطائرات خلال الصراعات في العراق وأفغانستان.
قامت العديد من الدول بالاستثمار في الطائرات المسيرة لتعزيز قوتها العسكرية والاقتصادية، ومن بين هذه الدول: مصر، تونس، الجزائر، سوريا، الإمارات العربية المتحدة، السعودية، وإيران.
تتفاوت أسعار الطائرات المسيرة، حيث يبدأ سعر الطائرات الصغيرة، المستخدمة لأغراض تجارية، من حوالي 250 دولار، بينما تصل أسعار الطائرات الكبيرة، التي تستخدم في مهام الرصد والعمليات القتالية، إلى ملايين الدولارات.
لا تتوقف جهود تطوير المركبات المسيرة، ومع كل يوم جديد تظهر نماذج حديثة من هذه الأسلحة، مما يعزز المنافسة في سوق الحرب. تسعى الدول وجيوشها جاهدة لتطوير قدراتها للسير بخطى سريعة في هذا المجال المتطور، حيث يمكن أن نطلق على هذه المرحلة “حروب القرية العالمية”، حيث تبرز أساليب حرب جديدة تتسم بالتطور المستمر.
تصنيفات أنظمة الأسلحة والمركبات الجوية المسيرة
وسائط القوات الجوية:
- UAV: تعني (Unmanned Aerial Vehicle) أي الطائرات دون طيار. يشمل هذا المصطلح جميع الطائرات غير المأهولة، ولكن يتم التركيز غالباً على تلك التي لا تحمل ذخيرة وتعمل في مهام المراقبة الجوية، وتعرف أحياناً بـ “عيون السماء”. مثال على ذلك هو طائرة “هيرميس 450″، التي تنتجها شركة إلبيت الإسرائيلية، وتستطيع الطيران لمدة تصل إلى 20 ساعة بسرعة تصل إلى 100 ميل في الساعة.
- UCAV: تعني (Unmanned Combat Air Vehicle)، وهي مركبات القتال الجوي غير المأهولة التي تحمل أسلحة وتستطيع تنفيذ هجمات جوية، مثل الطائرة الصينية “Pterodacty1″، التي تم استخدامها لأغراض المراقبة وأداء ضربات دقيقة في أفريقيا والشرق الأوسط.
- UAS: تشير إلى (Unmanned Aerial System)، وتضم الطائرات دون طيار مع جميع المعدات اللازمة لتشغيلها، بما في ذلك المحطات الأرضية. من أمثلة هذا النوع الطائرة القتالية “MQ-9 Reaper”، المستخدمة من قبل الجيش الأمريكي، والتي تستطيع الطيران لمدة 40 ساعة وتحمل أسلحة في ست نقاط.
- RPA/RPV: تعني (Remotely Piloted Aircraft/Vehicle)، وهي الطائرات التي يتم التحكم فيها عن بُعد، وغالباً ما تستخدم في عمليات التصوير الجوي وعمليات هجومية محدودة.
- MALE drones: هي طائرات متوسطة الارتفاع تَسير لمسافات طويلة على ارتفاعات تتراوح بين 10 إلى 30 ألف قدم، مثل طائرة “MQ-1 Predator”، وتستخدم للمسح الهوائي.
- Tactical drones: تعمل على ارتفاعات منخفضة وغالباً ما تُستخدم في المناطق بين الدول الصديقة، ضمن مدى 100 ميل، مثل “MV4 Shield Drone”.
- MAV: وهي (Micro Air Vehicles) طائرات صغيرة بحجم كف اليد، تقدم للقناصين القدرة على التحكم في الطائرات ضمن مدى قصير.
تُعَد الطائرات المسيرة أداة حيوية للاستطلاع، خصوصاً في المناطق التي لا يمكن رؤيتها، مثل خلف الجدران أو التجاويف الصخرية. مثال بارز على ذلك هو Black Hornet، التي تستطيع الطيران لمدة تصل إلى 20 دقيقة.
الطائرات صغيرة الحجم (sUAS/sUAV) تُستخدم لأغراض المراقبة، وهي طائرات أو مركبات وزنها أقل من 23 كيلوغراماً. ومن الأمثلة على هذه الطائرات، RQ-11 Raven.
هناك أيضاً الذخائر الطائرة (Loitering munitions)، المعروفة أيضاً بالدرون الكاميكازي، وتُستخدم في مهمات تحمل متفجرات وتُرسل نحو أهداف محددة. من ضمن هذه الطائرات، IAI Harpy الإسرائيلية الصنع.
وسائط القوات البرية:
- UGV (مركبة أرضية غير مأهولة): تُستخدم هذه المركبات في عمليات تتعلق بالتحصين وتفكيك الألغام، ويمكنها أيضاً نقل المعدات والأسلحة الثقيلة والجنود الجرحى.
- UGCV (مركبة قتال أرضية غير مأهولة): تحتوي على وحدة تحكم ذاتية، مثل العربة الروسية Uran-9 UGCV.
وسائط القوات البحرية:
- USV (مركبة سطحية غير مأهولة): تعمل هذه المركبات على أسطح السفن، مثل Sea Hunter drone ship الأمريكية، والتي تخضع لاختبارات لفهم إمكانياتها في الحروب.
- UUV (مركبة تحت الماء غير مأهولة): تُستخدم في مهمات استطلاعية، ويتم التحكم فيها عن بُعد.
- AUVs: تُطَوِّر بعض الدول مركبات تعتمد على أنظمة الذكاء الاصطناعي لتحليل البيانات وتوجيه ذاتها، مع الطموح لتطوير نسخ كبيرة تعرف بالغواصات المقاتلة دون وجود جنود داخلها.








