Register To WDS
د. ظافر محمد العجميمقالات رأي

“تأثير عودة طالبان: الخليج أمام تحديات جديدة”

د. ظافر العجمي

تفاعلات الجوار الأفغاني

يقع أفغانستان في قلب آسيا، حيث يمثل موقعها الاستراتيجي العامل الأساسي لجعلها ساحة للتنافس بين القوى الإقليمية مثل إيران وتركيا وباكستان. البلاد تمتاز بتاريخ طويل من الصراعات الداخلية، مما يسهل التدخل الخارجي ويخلق بيئة خصبة للتأثيرات الإقليمية.

ستتحول أفغانستان إلى ساحة جغرافية سياسية مفتوحة لجميع القوى الخارجية، التي تتطلع إلى تعزيز نفوذها. كما في تسعينات القرن الماضي، قد تفضل إيران دعم الطاجيك والهزارة، بينما تركيا قد تدعم الأوزبك. الولايات المتحدة وروسيا والهند وجمهوريات آسيا الوسطى الأخرى قد تتدخل لدعم أطراف معينة.

أهمية دور إيران

1. تنظر إيران إلى توسع تركيا وباكستان في أفغانستان كتهديد مباشر لها وللصين، مما يعزز نفوذ الولايات المتحدة في المنطقة.

2. قبل سقوط الحكومة الأفغانية، اقترحت إيران تعزيز ميليشيا فاطميون المدربة في إيران وسوريا لمواجهة طالبان.

بلا تردد، ستقوم طهران بتعزيز وجود “الحشد الشيعي” في أفغانستان. حوالي 80 ألف أفغاني تم إرسالهم إلى سوريا ضمن لواء فاطميون، والمعروف أن طهران تقدم الأسلحة والدعم المالي للعائدين إلى أفغانستان لبناء هيكل يمكن تعبئته بسرعة حال الحاجة.

3. من الجانب الإيجابي، ستُشغل إيران بأفغانستان، وقد تؤثر القضايا الجيوسياسية الناجمة عن وصول قوى مناوئة لها إلى كابل بشكل كبير على مصالحها في الخليج.

التحديات الخليجية

هل استجاب الله لدعاء المؤمنين في الخليج؟ حيث يجب أن تنشغل إيران بأفغانستان. لقد دعمت باكستان طالبان في العام 1994، فيما قدمت تركيا نفسها كذراع دولي بديل وأتاحت الفرصة لعدد كبير من الأفغان للاستقرار في أراضيها.

تثير عودة طالبان مجموعة من التحديات في الخليج. فتركيا قد تفاجأ بسرعة عودة طالبان، مما يجعل استجابة الخليج حاسمة في هذا السياق. فالتفكير في خيارات الخليج الاستراتيجية بشأن عودة طالبان ليس مجرد أسئلة تقليدية، بل يتطلب تحليلًا عميقًا. لماذا يغيب القلق الخليجي عن مستجدات أفغانستان؟

1. المسارات الخليجية المحتملة للتعامل مع الأزمة تتطلب قدراً من التفكر، حيث يمكن اعتبار عدم الاستراتيجية استراتيجية بوحدها.

2. ينبغي ألا ننسى كيف أسقط الأمريكيون حكومة طالبان لأسباب تتعلق بالخليج، عندما شن التحالف بقيادة الولايات المتحدة الحملة العسكرية في 2001.

3. الأثر السلبي المحتمل على الخليج يتجسد في وجود جماعات ودول متطرفة تشوه الإسلام على المستوى الدولي. لذا يجب أن تعي دول مجلس التعاون الخليجي أن مشكلات أفغانستان ليست بعيدة عنهم.

4. الدول الثلاث التي اعترفت بنظام طالبان بين 1998 و2001 هي باكستان والسعودية والإمارات.

5. عقب سقوط طالبان، قامت السعودية برعاية محادثات بين الحكومة الأفغانية وطالبان في 2008، ولكنها توقفت في 2009 بسبب خلافات جوهرية.

لم تقبل طالبان بالتنديد العلني بتنظيم القاعدة، مما يعكس التحديات المستمرة في المنطقة.

في عام 2003، أرسلت الإمارات قواتها للمشاركة في مهام عسكرية كانت تهدف إلى إحلال السلام. استمرت المهمة حتى عام 2014، لكن الثمن كان باهظًا، حيث قُتل السفير الإماراتي، جمعة الكعبي، في تفجير قندهار في فبراير 2017، بالإضافة إلى مقتل خمسة دبلوماسيين إماراتيين رحمهم الله. وفي نفس العام، زادت الإمارات من عدد قواتها التي كانت تدرب قوات النخبة الأفغانية لمواجهة طالبان.

لعبت قطر دورًا محوريًا منذ عام 2013، حيث استضافت مراحل الوساطة بين الأطراف المختلفة.

ومنذ عام 2018، أدرجت دول الخليج وواشنطن عدة أفراد مرتبطين بحركة طالبان الأفغانية على لائحة الإرهاب، مما يعكس القلق المستمر من نشاطاتها.

في مايو 2021، حذرت طالبان دول الجوار من استضافة القوات الأميركية بعد الانسحاب. أما الآن، فإن الحديث عن عودة القوات الأميركية بــ 4 آلاف جندي من الكويت لدعم المطار في كابل يزيد من تعقيد الوضع. سيكون من الصعب على دول الخليج الحفاظ على علاقاتها الودية مع طالبان إذا تغيرت الظروف وسمحت بأي عمل عسكري للناتو ضدها.

سيستمر تدفق الأموال والشباب الخليجيين (المقاتلين والأموال من التبرعات) لمساعدة طالبان في إعادة بناء بنيتها التحتية، حيث يعتمد العديد من مقاتليها على مصادر تمويل خليجية.

أول الغيث هو أن دول الخليج ستستقبل مترجمين أفغانًا بعد الانسحاب الأميركي، مما يعكس التزامها بالمساعدة الإنسانية.

الخطوات الخليجية المطلوبة:

  1. يجب فتح قنوات خاصة من قبل دول الخليج للتقصي وجمع الحقائق، مع ضرورة عدم قطع الروابط مع الفئات المختلفة في أفغانستان، حيث لا مصلحة لأحد في الخليج بتفضيل فئة أفغانية على أخرى.
  2. يلزم التسليم بأن توسيع المدى الاستراتيجي للخليج حتى أفغانستان هو جزء من تأمين الأمن الخليجي.
  3. سيرى الجهاديون، وبشكل كبير، أنهم هزموا قوة عظمى، لذا من المهم أن تتبنى دول الخليج سياسة موحدة لتفادي انجذاب الشباب إلى شعارات إسلامية مضللة وخطورة انتصاراتهم الجهادية، حيث لا يزال المخربون والإرهابيون يشكلون تهديدًا قائمًا.
  4. لمنع داعش من أن تحل محل القاعدة، يجب وضع استراتيجيات توعوية تكشف خبث مكائد تنظيم الدولة الإسلامية – ولاية خراسان، وذلك لمنع انضمام شبابنا إلى صفوفها.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى