Register To WDS
الأخبار العسكريةالأخبار العسكرية الإقليميةالأردن

الأردن يزود العراق بمقاتلات استراتيجية أثناء صراعه مع إيران في 1981

شراء الأردن لمقاتلات J-7M الصينية: صفقة بمصالح متنوعة

تاريخياً، أقدمت الأردن على شراء مقاتلات J-7M الصينية لصالح العراق خلال حرب القادسية/ الخليج الأولى مع إيران عام 1981. هذه الخطوة كانت ذات تأثير بالغ على توازن القوى في المنطقة.

أصول مقاتلات J-7M: رحلة معقدة بين الصين وبريطانيا

في أواخر عام 1980، قاد وفد من هيئة الأركان العامة الصينية ووزارة الإنتاج والآلات مفاوضات رسمية في بريطانيا. تم توقيع عقد تحويل الصفقة المتعلقة بمقاتلات J-7 المتعاقد عليها مع شركات صينية وMarconi البريطانية. ينص العقد على شراء 124 مجموعة من أنظمة السيطرة على النيران الحديثة، بما في ذلك تحويل 100 طائرة من طراز F-7.

على الرغم من توقيع العقد في 31 يوليو 1980، واجهت العملية صعوبات عدة، حيث استغرقت المفاوضات أكثر من عشر جولات. وفي عام 1981، قررت القوات الجوية الصينية إلغاء طلبية المقاتلات. ولكن الشركات البريطانية اقترحت دفع 100 مليون يوان كتعويض، مما وضع هيئة الأركان العامة الصينية في موقف حرج.

بعد شهرين من قرار الإلغاء، تغيرت الأمور بشكل مفاجئ. حيث وضعت القوات الجوية الصينية خططًا لتقليص الإنفاق، مما أدى إلى عدم قدرتها على شراء المقاتلات. كان على الصين مواجهة تحدٍ جديد عندما رأت نفسها مضطرة للتفاوض مع الجانب البريطاني لإلغاء العقد.

في الاجتماعات التي عُقدت لمناقشة القضية، ظهرت وجهات نظر متعددة. اقترح البعض دفع تعويضات عالية، بينما اعتبر السفير الصيني في المملكة المتحدة أن إلغاء العقد يجب أن يكون مدروسًا لأسباب دبلوماسية. كما أعرب بنك الشعب الصيني عن قلقه بشأن سمعة المؤسسة.

في ختام النقاشات، تقرر عدم إلغاء العقد في هذه المرحلة بل العمل على تخفيض قيمته. ومع ذلك، أصر الجانب البريطاني على تعويض قدره 100 مليون يوان في حال الإلغاء، مما كان سيشكل خسارة كبيرة للصين.

اهتمام الأردن بالصفقة واستغلال الحاجة الصينية

أثناء جهود وزارة الإنتاج والآلات لإلغاء الصفقة، جاءت أنباء إيجابية من الأردن. ففي أبريل 1981، التقى نائب المدير الصيني Liu Guomin مع نائب وزير الدفاع الأردني لمناقشة ظروف تعاقد جديدة تهدف لتلبية احتياجات الطرفين، مع الأخذ بعين الاعتبار المصلحة العراقية في هذا التطور.

خلال زيارة عام لشركة AVIC إلى الخارج، أعرب سلاح الجو الملكي الأردني RJAF عن رغبته في اقتناء ما بين 80 إلى 110 مقاتلة من طراز F-7/J-7، حيث تتضمن الطلبات تجهيز الطائرات بأنظمة فنية متطورة تشمل نظم السيطرة على النيران الحديثة (FCS) وشاشات العرض (HUD) والرادارات المتقدمة وأجهزة الاتصالات. هذا الأمر أثار حماس الجميع، حيث يظهر أن العملاء الدوليين يمكنهم إحداث تغييرات كبيرة في مشروع F-7/J-7 مما يضمن جودة أعلى!

في 3 مايو 1981، تم عقد اجتماع مهم لقادة مكتب صناعة الدفاع الوطني مع فرق الجيش الصيني ووزارة الإنتاج. بعد مشاورات مطولة، تم الاتفاق على أنه إذا تمكن سلاح الجو الملكي الأردني RJAF من شراء 80-110 طائرة من طراز F-7/J-7، ستكون الخطوة التالية هي توقيع اتفاقية مع شركة Marconi البريطانية مما يسمح بالحفاظ على التكلفة وعدد الطائرات كما هو، مما يمكّن من إعادة توزيع الطائرات التي كانت مخصصة سلفاً للقوات الجوية الصينية.

من الجدير بالذكر أن طائرة F-7/J-7 المطورة التي اختارها سلاح الجو الملكي الأردني RJAF لم تكن تحمل تسمية رسمية عند تلك الفترة، بل تم الإشارة إليها كمفهوم مجرد تحت مسمى “off-plan housing”، وذلك عندما بدأ الإنتاج الفعلي للمقاتلة في عام 1982.

في وقت سابق، قامت شركة AVIC بالإعلان عن المجسمات والمعلومات الخاصة بالمقاتلة، مما جذب انتباه العديد من الدول، بما في ذلك سلاح الجو الملكي الأردني. عند الكشف الرسمي عنها في عام 1984، حصلت الطائرة على الاسم الرمزي J-7M، حيث تشير الحرف M إلى النسخة التجارية المخصصة للتصدير.

طائرة J-7، التي تم تصميمها في الصين، كانت في الأساس مقاتلة خفيفة ذات أداء طيران جيد، لكنها عانت من تأخر كبير في تكنولوجيا إلكترونيات الطيران مقارنةً بنظرائها الغربيين، حيث كانت المعدات في الصين في ذلك الوقت غير متقدمة. ولترقية الإلكترونيات، كان لا بد من استيرادها من الدول الغربية.

بعد إدخال أنظمة الشاشات المتقدمة (HUD)، والدوائر الرقمية، وأجهزة الكمبيوتر الخاصة ببيانات الطيران، والرادارات المتطورة، شهد أداء الطائرة الصينية J-7M تحسناً ملحوظاً، مما جعلها تفوق أداء الطائرات السوفييتية من طراز MIG-21.

هذا التحسين في المواصفات التقنية هو أحد الأسباب التي جعلت المشترين الدوليين لديهم رغبة كبيرة في شراء هذه المقاتلات، حيث كانت الصين الوحيدة التي يمكنها تحسين أنظمة الإلكترونيات لتتجاوز أوجه القصور الموجودة.

تبين لاحقاً أن اهتمام سلاح الجو الملكي الأردني RJAF بشراء الطائرات لم يكن لأغراضه العسكرية فقط، بل كان يهدف إلى توفير الطائرات للقوات الجوية العراقية IQAF في ظل الأحداث المتوترة وقتها خلال الحرب العراقية الإيرانية، مما دفع المجتمع الدولي لفرض حظر تسليحي على الطرفين.

كداعم كبير للعراق، قرر سلاح الجو الملكي الأردني RJAF المضي قدمًا في شراء الطائرات، حيث ستمكث المقاتلات في قاعدة عمان الجوية لفترة قبل أن يتم تسليمها مباشرة إلى العراق.

بدء المحادثات بين الصين والأردن لمناقشة الصفقة

ابتداءً من عام 1981، بدأت المفاوضات الرسمية بين الصين والأردن بشأن عقد شراء طائرات J-7. لم يتوقع أي من الطرفين أن تكون هذه المفاوضات شاقة، حيث جرى توضيح خمسة مؤشرات فنية سعى سلاح الجو الملكي الأردني RJAF لضمان توفيرها من قبل الشركات الصينية:

  • استخدام نوع حديث من مقاعد القذف
  • القدرة على إطلاق صواريخ فرنسية من طراز Matera R550
  • إضافة خزانات وقود وميزات تعليق اضافية
  • تزويد الطائرة بـ 7 نظم تحكم إلكتروني في النيران من صنع المملكة المتحدة
  • زيادة العمر الافتراضي للهيكل والمحرك

تعكس هذه الطلبات الفهم العميق لنقاط الضعف في مقاتلات MiG-21 السوفييتية، مما جعلها تسلط الضوء على احتياجات السوق العسكرية في الشرق الأوسط.

تم تجهيز الطائرات MiG-21، التي تم شراؤها من الاتحاد السوفيتي، بشكل عام للقوات الجوية الأردنية. كان لدى الطيارين خبرة كافية في التعامل مع هذه الطائرات، مما ساعدهم على تقديم طلبات دقيقة ومتخصصة.

ومع ذلك، كانت المهمة صعبة جداً بالنسبة لشركة AVIC ومصنع Chengdu Aircraft، المسؤوليّن عن الإنتاج. كانت التحديات تشمل متطلبات معقدة تتعلق بتحديث المقاتلة، بالإضافة إلى الجدول الزمني الضيق الذي وضعه سلاح الجو الملكي الأردني، مع الرغبة في الحفاظ على تكلفة منخفضة للغاية. كان السعر المقترح للطائرات من قبل الصين يبلغ حوالي 10 ملايين يوان، في حين أن تكلفة Su-27 الروسية كانت تصل إلى 100 مليون يوان في وقت سابق.

باعتبارها النموذج الأول المُصدر، كان عرض تكلفة طائرة J-7M من الصين مغرياً، لكن سلاح الجو الملكي الأردني كان يسعى لتحقيق سعر أقل مما تم تقديمه! هذا الطلب من الجانب الأردني الذي يرغب في الحصول على تكنولوجيا متطورة بأسعار منخفضة جعل عملية التفاوض أكثر تعقيداً. ووفقاً لما صرح به ممثل شركة AVIC في المملكة المتحدة، كانت المفاوضات تستمر لساعات طويلة، حتى أن بعض المفاوضين كانوا ينامون على الأريكة بسبب الإرهاق.

من الأسباب الرئيسية التي حالت دون استمرار المفاوضات هو أن العرض المقدم من الجانب الأردني كان أقل من تكلفة الإنتاج الفعلية. كان سعر العرض منخفضًا جدًا، مما دفع المفاوضين لطلب توجيهات فورية. في ذلك الوقت، قرر وزير الإنتاج والآلات لو دونغفانغ أنه يجب أن يكون هناك مرونة في السعر، مشيراً إلى أهمية توقيع العقد في أسرع وقت.

كان اتخاذ هذا القرار صعباً ويعكس التحديات التي تواجه الانفتاح على الأسواق الدولية. لبيع أنظمة أسلحة معقدة مثل الطائرات، من الضروري التوصل إلى حلول ترضي جميع الأطراف. بالإضافة إلى ذلك، كان الفشل في إتمام العقد سيضع الصين في موقف مالي صعب بسبب التعويضات المحتملة.

أثبتت الأحداث التالية أن قرار لو دونغفانغ كان صائباً. من خلال التركيز على السعر، تمكنت الصين من اغتنام الفرصة وبدأت بتصدير المقاتلة الصينية F-7M، مما ساعدها في تحقيق مبيعات خارجية لأكثر من 400 مقاتلة من هذا الطراز.

توقيع العقد وبدء الإنتاج

في يونيو 1981، بعد عشر جولات من المفاوضات، تم توقيع العقد النهائي مع سلاح الجو الملكي الأردني، حيث اشترى 80 مقاتلة من طراز J-7M. لم يساهم هذا العقد في استدامة الشراكة بين الصين وشركة Marconi البريطانية فحسب، بل أتاح أيضاً فرصة لفتح السوق الدولية أمام المبيعات العسكرية الصينية.

بمجرد استلام الطلب وتوقيع العقد، بدأت الشركة المصنعة على الفور بتنظيم عملية الإنتاج، وبدأت التعاون مع شركة Marconi لتحديث الأنظمة الإلكترونية. ورغم أن الطائرات كانت جاهزة للطيران، ظهرت مشاكل متعددة خلال هذه المرحلة.

التعامل مع التحديات والاختبارات

كان أولى التحديات هو الرادار الذي كان يكتشف أهدافاً غير صحيحة، بعد تركيب رادار Sky Guardian المُنتج من قبل شركة Marconi. بدأت تظهر مشكلات متعددة، مما استدعى معالجة فورية لضمان جودة الطائرات وأدائها في الميدان.

نجحت الطائرة F-7M في رصد أهداف خاطئة على بعد يتراوح بين 150 إلى 350 متر أمام المدخل، سواء كان ذلك يتعلق بالقوة على الأرض أو اختبار الطيران. ولكن بعد إجراء تحليل شامل من قبل شركة Marconi على أنظمة الرادار وتصحيحها، تم حل هذه المشكلة بنجاح نسبيًا.

ومع ذلك، كانت هناك مشكلة أكثر تعقيدًا، حيث لوحظت فوضى الرادار أثناء الرصد الأرضي. في أكتوبر 1982، خلال اختبار الطائرة J-7M، حدث تداخل كبير في الإشارات عندما كان ارتفاع الرادار يتجاوز كيلومترًا واحدًا. ورغم العديد من التجارب، لم تتمكن Marconi من إيجاد الحل، مما أدى إلى تأخير تسليم الطائرة بشكل متكرر.

عبّر سلاح الجو الملكي الأردني RJAF عن استيائه العميق من تأخر عملية التسليم المجدولة من الجانب الصيني، حتى أنهم هددوا بفرض غرامات. وبمناقشات شاقة، وافق العميل الأردني في النهاية على الإعفاء من الغرامات بعد توضيح أسباب التأخير لهم.

بمرور الوقت، كان على كل من AVIC و Chengdu Aircraft Company ضغط غير مسبوق، وواجهوا مشاكل في التواصل مع Marconi. أثناء هذه الأزمة، نظروا إلى باكستان وقرروا دعوة طياري القوات الجوية الباكستانية PAF للمشاركة في فحص الطائرات.

انطلقت العلاقات بين الصين وباكستان في إطار من الثقة والمصالح المتبادلة. حيث كانت القوات الجوية الباكستانية مزودة بمقاتلات متقدمة مثل F-16 وMirage 5، وبالتالي كانت تمتلك خبرة كبيرة في استخدام أنظمة إلكترونيات الطيران الغربية.

كما أبدى سلاح الجو الباكستاني اهتمامه بشراء مقاتلات J-7M، كونه مستخدمًا محتملًا واستفاد من اختبار الطائرة سابقًا.

بعد تلقي الدعوة، أرسل سلاح الجو الباكستاني طيارًا كبيرًا للمشاركة في اختبار الطائرة، حيث قام بالتحليق بها وتقديم ملاحظاته بشأن فوضى الرادار الأرضية. وأشار الطيار إلى أن وجود بعض الفوضى هو أمر شائع، حيث واجهوا شيئًا مشابهًا عند استخدامهم لطائرة F-16.

بفضل الآراء التي تم جمعها من الطيارين الباكستانيين، عززت الصين تصميمها النهائي للطائرة. لاحقًا، أصبحت متطلبات Marconi أكثر واقعية، وظلّت الصين تصر على ضرورة حلول شاملة للمشكلات حتى تتمكن من استئناف الإنتاج وضمان تقدم المشروع.

رغم كل التحديات، استمرت Marconi في تقديم جودة فنية تقنيّة عالية. ومع إدراك خصائص الشراكة الصينية البريطانية، تم تعزيز التعاون، مما ساهم في تطوير J-7M بشكل إيجابي بعد التفاهم.

ما بين يونيو وسبتمبر 1984، أرسلت AVIC طائرتين J-7M إضافيتين إلى باكستان للمساعدة في الرحلة التجريبية. نفذ الطيار الباكستاني 40 طلعة جوية، شملت اختبارات لإطلاق النار واختبار تحمل الطائرة للظروف القاسية.

الصمود تحت الضغط والتوافق في الأداء كانا لافتين، وأعرب الأدميرال جمال قائد القوات الجوية الباكستانية PAF عن إعجابه بأداء الطائرة مقارنة بالنسخ الغربية.

في نهاية المطاف، تم الانتهاء من الطائرة F-7M، وبدأت دول مثل باكستان وإيران في شراء J-7M، مما تحقق فوائد سياسية واقتصادية وتكنولوجية هائلة للصين. أصبحت هذه المقاتلات تشكل جزءًا رئيسيًا من خطط التنمية الاقتصادية في الصين.

تقرير: نشاب
@Nashab_32

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى