Register To WDS
الأخبار العسكريةالأخبار العسكرية الدولية

“واشنطن قادرة على إنهاء قوة روسيا العسكرية إلى الأبد، بحسب تقرير ناشونال إنترست”

تناولت مجلة “ناشونال إنترست” في مقالها إستراتيجية الردع العالمية، مشيرة إلى مفهوم “الثالوث النووي” الذي يتضمن القاذفات الاستراتيجية، الصواريخ الباليستية، والغواصات النووية.

في سياق تلك الدراسة، تم عرض تحليل العالم الفيزيائي الأميركي فرانك فون هيبيل، الذي اقترح إلغاء صواريخ “آي سي بي إم إس” (ICBMs) الأميركية خلال نشرته في “أتوميك ساينتس”.

الحقيقة أن الترسانة الأميركية من الصواريخ الباليستية العابرة للقارات تمثل حوالي 64% من مجمل ناقلات الأسلحة النووية الاستراتيجية، وفقاً لمعاهدة “ستارت الجديدة” بين الولايات المتحدة وروسيا. كما أن هذه الصواريخ تضم ما يقارب 60% من الرؤوس النووية الجاهزة.

تساؤل يطرحه المقال: ما الأساس الذي يستند إليه فون هيبيل في أطروحته؟ المجلة توقفت عند ما اعتبرته “ادعاءً زائفاً” بشأن اعتماد استراتيجية الردع الأميركية على إطلاق الصواريخ القابلة للزعزعة للاستقرار.

بحسب رؤساء سابقين في القيادة الاستراتيجية الأميركية، فإن الولايات المتحدة لن تلجأ إلى إطلاق صواريخ باليستية إلا بالتأكيد الآمن من وقوع هجوم. وتجدر الإشارة إلى عدم وجود سياسة رسمية تدعو للإطلاق عند تلقي إنذار.

كذلك، تتبع الولايات المتحدة العديد من الإجراءات الفنية والوقائية لضمان عدم حدوث أي عمليات إطلاق غير مصرح بها، وتشتهر بمستوى عالٍ من الأمان والتأكد من السيطرة على الأسلحة النووية.

تشير المجلة إلى أن الولايات المتحدة لا تجمع أسلحتها الاستراتيجية في حالات السلم، حيث إن الصواريخ الباليستية تستهدف مناطق بحرية بعيدة، بينما الغواصات النووية تستهدف بحار مماثلة.

من المهم الإشارة إلى أن القاذفات لم تكن في حالة تأهب منذ عام 1991، وبالتالي لم تُوجه ضد أهداف نووية، مما يظهر أن السياسة الأميركية لا تعتمد على الإطلاق عند تلقي الإنذار.

ويشير المقال إلى أن ادعاء الصواريخ الأميركية في حالة تأهب قصوى هو وصف غير دقيق، فهي مصممة لتبقى جاهزة ولكن ليست في حالة استنفار.

حتى في حال تفكير الولايات المتحدة في إطلاق صاروخ باليستي، ستعتمد على أقمارها الصناعية لرصد أي هجوم محتمل من قوى معادية.

يجب على أجهزة الرادار أيضاً التحقق من مسار الصاروخ المهاجم، ومن ثم يعقد عدد من القادة العسكريين والمدنيين ما يسمى “مؤتمر إطلاق و/أو تهديد” لتقييم نوعية الهجوم ومدى خطورته.

تستنتج المجلة أنه لم يشهد أي مؤتمر من هذا النوع منذ فترة طويلة، مسلطة الضوء على تفاصيل مهمة تتعلق باستراتيجية الردع النووي.

على مدار السنوات الخمس والسبعين الماضية، لم يُستشار أي رئيس أميركي بشكل رسمي حول قرار إطلاق سلاح نووي، وهو ما يُعتبر أمرًا بالغ الأهمية في تاريخ الحقبة النووية.

أما بخصوص التحذيرات التي أطلقها فون هيبيل حول إمكانية التسبب في ردود فعل انتقامية بسبب إنذارات كاذبة، فيبرز تساؤلات مشروعة.

في عام 1980، أصدرت لجنة الخدمات العسكرية في مجلس الشيوخ الأميركي تقريرًا تناول فيه إنذارين كاذبين لهجمات بصواريخ باليستية. وأكد التقرير أنه لم يكن هناك أي خطورة من إطلاق الولايات المتحدة صاروخًا عن غير قصد، حيث قامت الجهات المسؤولة بالتحقق من التفاصيل المتعلقة بالإنذارات.

تطرح المجلة سؤالًا جديدًا: هل يمكن للولايات المتحدة معالجة هذه الإشكالية من خلال التخلي عن الصواريخ الباليستية العابرة للقارات؟ وتستشهد بما ذكره فون هيبيل عن دعوة وزير الدفاع الأميركي السابق وليام بيري لإنهاء جميع برامج هذه الصواريخ، بما في ذلك ترسانة “مينيتمان”.

الصواريخ الباليستية العابرة للقارات أثبتت قيمتها الحقيقية في الأزمات. فقد أشار الرئيس جون كينيدي إلى أن وضع صواريخ مينيتمان في حالة تأهب أثناء أزمة كوبا كان له دور حاسم في حل النزاع دون صدام مسلح.

على الرغم من التوترات بين الولايات المتحدة وروسيا، لم يُصدر أي رئيس أميركي أوامر لإطلاق صواريخ باليستية منذ وضع تلك الأسلحة في حالة تأهب في أكتوبر 1962، والتي امتدت لقرابة 70 مليون دقيقة.

تبقى المخاوف الأساسية التي يعبر عنها فون هيبيل مرتبطة بعدم وجوب تبني الولايات المتحدة سياسات تعرض قواتها النووية للخطر عبر استهدافها، وهو ما يعرف بـ”استراتيجية القوة المضادة”.

علاوة على ذلك، يرى أن استخدام الأسلحة النووية لا يمكن أن يضمن انتهاء الصراعات بشكل ناجح.

تستلزم هذه الآراء أن تظن الولايات المتحدة أن القوى النووية الأخرى، مثل روسيا والصين، تشاركها الرؤية ذاتها حول استخدام السلاح النووي وحياة البشر.

تفرض فرضية الردع تجاه روسيا والصين ببساطة وجود القدرة لدى الولايات المتحدة على استهداف مدنهم.

اعتبر فون هيبيل أن استخدام استراتيجية السلاح النووي الأميركي لا يجب أن يعرض القدرات العسكرية للخطر، باعتبار أن أعداء الولايات المتحدة يعتنون بشعوبهم أكثر من أسلحتهم.

لكن، وفقًا للمجلة، الروس والصينيون يرون أن الأسلحة النووية تعد وسيلتهم للضغط على الولايات المتحدة في أوقات الأزمات، مما قد يسهل نجاح عدوانهم.

تحليل فون هيبيل يعاني من قصور، فهو يفترض أن أي هجوم محتمل من الروس سيكون نوويًا شاملًا يسعى لنزع سلاح الولايات المتحدة بشكل استباقي.

بالاستناد إلى هذا السيناريو، أي رد انتقامي من الولايات المتحدة بعد إنذار الهجوم قد يستهدف مستودعات ومطارات فارغة.

من وجهة نظر فون هيبيل، إن تعريض الجيش الروسي للخطر قد يحفز روسيا للقيام بهجوم نووي سريع في حالة اندلاع الأزمة، مما ينقلب الوضع إلى حالة من عدم الاستقرار.

باختصار، إذا قامت روسيا بشن هجوم شامل، فإن للولايات المتحدة من القوة العسكرية ما يمكّنها من تدمير القوة العسكرية الروسية المتبقية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى